الهجوم على ناقلة النفط الإيرانية…بريطانيا تلعب بالنار
احتجزت قوات مشاة البحرية الملكية البريطانية ناقلة نفط إيرانية عملاقة في جبل طارق يوم الخميس الماضي لمحاولتها نقل النفط إلى سوريا، وحول هذا السياق أعلنت السلطات القضائية في منطقة جبل طارق، تمديد احتجاز ناقلة النفط الإيرانية “جريس 1″، التي تم احتجازها، على خلفية مزاعم بأنها تحمل كميات من النفط الإيراني إلى سوريا.
ووفقاً لبعض المصادر الإخبارية، فإنه عندما كانت الناقلة “جريس 1” التي ترفع العلم البنمي، تبحر في البحر الأبيض المتوسط بالقرب من مضيق جبل طارق الواقع أقصى الجنوب الإسباني، محملة بنفط إيراني، وعندما وصلت إلى مسافة 4 كيلومترات جنوب جبل طارق، تعرّضت لما يعتبره البعض أول تمرين قاسٍ على ما قد تختبره طهران بعد تشديد العقوبات الأمريكية عليها في مايو الماضي.
وحول هذا السياق، أعرب وزير الخارجية الإسبانى “جوزيب بوريل”، بأن الحكومة الإسبانية تدرس ملابسات الحادث ومدى تأثيره على سيادتها.
وأشار “بوريل” إلى أن إسبانيا لم تتدخل في عملية احتجاز الناقلة، ولكن تعتمد الدعوى الإسبانية على أن ناقلة النفط “جريس 1” لم تحتجز في ميناء جبل طارق بل في البحر المفتوح، ولا تزال المياه المحيطة بجبل طارق نقطة خلاف بين حكومتي مدريد ولندن، إذ يعتبرها كل من الطرفين من مياهه الإقليمية.
ونفى “بوريل” صحة الأخبار التي تتحدث عن أن بريطانيا أرسلت عناصر مشاة البحرية الملكية شاركت في العملية تحت قيادة شرطة جبل طارق، مشدداً على أنهم تلقوا الأوامر من أمريكا.
وهذا الأمر أكدته تصريحات رئيس وزراء جبل طارق “فابيان بيكاردو” التي قال فيها: “تلك المصفاة مملوكة لكيان خاضع لعقوبات يفرضها الاتحاد الأوروبي على سوريا.
مضيفاً بالقول: “بموافقة مني، سعت هيئة الميناء وسلطات إنفاذ القانون لإشراك مشاة البحرية الملكية في تنفيذ هذه العملية”.
وهنا صرّح العديد من المحللين السياسيين، بأن هذه الحركة البريطانية تعدّ عملاً سياسياً مخالفاً لجميع القانونين البحرية الدولية وذلك لأنه في مجال النقل البحري التجاري، تعتبر عملية استئجار السفن وناقلات النفط من الأمور الشائعة لدى الشركات والبلدان لنقل البضائع والسلع.
الاحتجاز تحت ذريعة العقوبات
أعلنت الحكومة البريطانية أنها احتجزت يوم الخميس الماضي الناقلة العملاقة “جريس 1” للاشتباه في أنها تحمل نفطاً خاماً إلى سوريا في عملية قد تكون أول اعتراض من نوعه بموجب عقوبات يفرضها الاتحاد الأوروبي.
وهنا أكد العديد من المحللين السياسيين بأن هذا الاحتجاز جاء تحت ذريعة العقوبات الأوروبية وفي الوقت الذي تفرض فيه أمريكا الكثير من العقوبات الجائرة على الاقتصاد والشعب الإيراني وذلك من أجل التعويض عن الهزائم المتعددة التي لحقت بهم في المنطقة على أيدي أبطال محور المقاومة وهنا يمكن القول بأن أمريكا كان له دور فعّال في احتجاز ناقلة النفط الإيرانية بالقرب من منطقة “جبل طارق”.
يشير سياق هذه الحادثة إلى أنه قد تؤدي إلى تصعيد التوتر بين إيران والغرب بسبب الجدل بشأن برنامجها النووي والعقوبات الأمريكية عليها، وقد بدا هذا التصعيد في تصريحات وزير الخارجية البريطاني “جيريمي هانت” الذي اعتبر أن التحرك السريع للسلطات في جبل طارق والبحرية البريطانية منع “الحكومة السورية” من الحصول على مورد مهم.
ردّ فعل الجانب الإيراني
هدد مسؤولون إيرانيون، مساء يوم الجمعة الماضي، بالرد على أوروبا بالمثل، وذلك بالتهديد باحتجاز ناقلة نفط بريطانية ردّاً على احتجاز ناقلة النفط الإيرانية، من جهة، ومن جهة أخرى الرد بالمثل على كل نقض تقوم به أوروبا للاتفاق النووي.
يذكر أن وزارة الخارجية الإيرانية استدعت السفير البريطاني في طهران، احتجاجاً على احتجاز الناقلة العملاقة، ودعت إلى الإفراج عنها في أسرع وقت، مشيرة إلى أن احتجاز البحرية البريطانية ناقلة النفط بمثابة “قرصنة بحرية”.
وأكدت الخارجية الإيرانية للسفير البريطاني لدى طهران، أنه “لا يحق للبحرية البريطانية احتجاز ناقلة النفط الإيرانية في المياه الدولية”.
من جهته، دعا أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران، “محسن رضائي”، إلى الرد بالمثل على بريطانيا، وإيقاف ناقلة نفط بريطانية في الخليج الفارسي في حال عدم الإفراج عن الناقلة الإيرانية.
وقال “رضائي” في تغريدة على حسابه الشخصي في موقع تويتر تعليقاً على توقيف البحرية البريطانية لناقلة نفط إيرانية في مضيق جبل طارق: خلال 40 عاماً من تاريخها، لم تكن الثورة الإسلامية البادئة في أي توتر، ولكنها لم تتقاعس ولم تتردد في الرد على المتغطرسين والبلطجية”.
وأضاف أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام بالقول: “إذا لم تفرج بريطانيا عن ناقلة النفط الإيرانية، فمن واجب الأجهزة المسؤولة الرد بالمثل وتوقيف ناقلة نفط بريطانية”.
وفي السياق ذاته، قال مستشار قائد الثورة للشؤون الدولية، “علي أكبر ولايتي”: إن إيران لن تبادر إلى اتخاذ أي إجراء، وإنما خطواتها ستكون ردّاً على خطوات الطرف الآخر، فـ”أمريكا انتهكت بشكل مباشر الاتفاق النووي، فيما يقوم الأوروبيون بانتهاك بشكل غير مباشر، ومن هنا فإننا سنرد على انتهاكاتهم للاتفاق النووي بنفس المقدار، فإنهم إن بادروا إلى الحد من التزاماتهم فإننا بدورنا سنرد بخفض التزاماتنا بنفس المقدار، وإن عادوا عن خفض التزاماتهم فإننا بدورنا سنعود عن خفض التزاماتنا وإلا فإننا سنواصل إجراءاتنا”.
النوايا الخفية لبريطانيا واللعب بالنار
إن حادثة احتجاز ناقلة النفط الإيرانية “جريس 1” بالقرب من منطقة جبل طارق، تعتبر حدثاً آخر في سلسلة التوترات بين إيران وأمريكا، ونظراً لقيام الجانب البريطاني بهذا التجاوز المتعمّد في المياه الدولية وبالقرب من السواحل الاسبانية، فلقد أعلنت الحكومة الإسبانية عن تقديمها دعوى قضائية في المستقبل القريب.
يذكر أنه خلال الأشهر القليلة الماضية ارتفعت حدّة النزاع بين لندن ومدريد حول ملكية مضيق “جبل طارق”، ولذا فلقد أقدمت قوات خفر السواحل البريطانية خلال الأيام الماضية على تفتيش ناقلات النفط الروسية واحتجاز ناقلة نفط تابعة لإيران وذلك من أجل أن تثبت لإسبانيا سيادتها القانونية على هذا المضيق.
المصدر / الوقت