“الديسكو الحلال” في السعودية.. كيف ستكون نهاية هذه الحماقات؟
لقد قامت السعودية خلال السنوات الماضية بحبس المعارضين لها والكثير من الناشطين السياسيين والاجتماعيين، وللتغطية على هذه الجرائم أمام الساحة العالمية، أعلنت السعودية قبل عدة أشهر بأنها عازمة على إجراء العديد من البرامج الغنائية والموسيقية الغربية في عدد من المدن السعودية، وذلك لكي توحي للكثير من البلدان الغربية بأنها دولة منفتحة وتحترم الرأي والرأي الآخر.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأنه خلال الشهرين الماضيين، أثارت قضيتان غير مسبوقتين في السعودية الرأي العام العالمي، وأثارتا جدلاً حول إلى ماذا تتطلع السعودية من قيامها بهذه الأشياء الغريبة عن المجتمع السعودي المحافظ.
الديسكو الحلال في مدينة “جدة” السعودية
افتتحت سلسلة النوادي الليلية “وايت” فرعاً جديداً في الواجهة البحرية لمدينة جدة، ولكن لن يسمح بتقديم المشروبات الكحولية فيه وسيفتح النادي أبوابه بين الساعة العاشرة مساءً والثالثة صباحاً، وسُيمنع من هم دون الـ 18 عاماً من الدخول إليه ولقد ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بكمٍّ هائل من التغريدات والتفاعلات إثر أنباء عن افتتاح متوقّع يوم الأربعاء الماضي لأول “ديسكو”، أو ما عرّفه المغردون “بنايت كلوب حلال”، ضمن شاطئ مغلق ومختلط بمدينة جدة.
واعتبر البعض أن ما تقوم به هيئة الترفيه، التي يرأسها تركي آل الشيخ، “بعيدة كل البعد عن السعودية التي كانت وستبقى محافظة على عاداتها وتقاليدها”، مؤكدين أن افتتاح هذا النوع من الأماكن “يتنافى مع الدين والأعراف وقانون الذوق العام” على حدّ قولهم.
واعتبر المغردون أن هذه الأيام تشهد تحولات كبيرة جداً في السعودية لم تشهدها من قبل، وأن التغييرات الحاصلة والانفتاح غير المسبوق مخالفان لعادات المجتمع السعودي.
وطالب عدد من المغردين بعودة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي كانت توقف وتعتقل أي شخص يقوم بانتهاك القيم والمبادئ الإسلامية، وتتأكد من إغلاق المحلات وقت الصلاة وحظر شرب الكحول وحتى تقبض على أي شخصين من جنسين مختلفين لا تربطهما علاقة قرابة مباشرة أو زواج كما تعمل ضد السحر وتكافح الابتزاز.
إلغاء أول حفلة للمطرب الأمريكي يثير سخط الشباب السعودي
ألغت الهيئة العامة للترفيه بعد عاصفة شديدة من الانتقادات، قبل عدة أيام، أولى حفلات “ديسكو وايت” أول ملهى ليلي سعودي والمعروف باسم “الديسكو الحلال” بمدينة جدة السعودية، وكان من المفترض أن يقام الحفل، يوم الجمعة الماضي في الساعة العاشرة مساء بحضور نجم الراب الأمريكي الشهير “ني يو” .
وحول هذا السياق، نشر المغني “ني يو” عبر حسابه الرسمي على موقع “تويتر” تغريدة يعتذر فيها للسعوديين عن إلغاء الحفل، قائلاً: “أعتذر لسكان السعودية، كنت في طريقي إلى مكان الحفل عندما سمعت بخبر إلغائه بسبب بعض المشكلات”.
يذكر أن إحدى المؤسسات الغربية لحقوق الإنسان، طالبت هذا المغني الأمريكي بعدم الذهاب إلى السعودية وذلك لأن القادة السعوديين لم يحترموا المعايير الغربية المتعلقة بالحريات الشخصية وقاموا خلال السنوات الماضية بحبس الكثير من المعارضين في السجون.
ولي العهد السعودي.. الأمير غير المعروف في السعودية
لقد أثارت البرامج الموسيقية الغربية التي تم إجراؤها في عدد من المدن السعودية جدلاً واسعاً داخل الأوساط الشعبية على مدار الأشهر الماضية.
في الواقع إن جزءاً من تلك البرنامج الترفيهية والثقافية ركّزت الضوء على تقديم ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”، كشخص يبذل الكثير من الجهود لإجراء العديد من الإصلاحات في السعودية.
ومع ذلك، فإن الإعلان عن إقامة هذه البرامج الترفيهية وإلغائها، أدّى إلى معرفة الشعب السعودي بأن ولي العهد “محمد بن سلمان” ليس لديه أي استنتاجات دقيقة حول إنشاء إصلاحات ثقافية واجتماعية حقيقية في السعودية، وإنما يفكّر فقط في أمركة السعودية ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً، وعلى سبيل المثال قام “ابن سلمان” بزيارة إلى أمريكا عام 2018، التقى خلالها بمسؤولي هوليود وكان هدفه الأول من هذه الرحلة وهذه الزيارة هو نقل الفكرة الأمريكية وإنشاء أكثر من 2500 دور سينما في جميع أنحاء السعودية بحلول عام 2030 وإقامة مهرجانات موسيقية بحضور شخصيات مثيرة للجدل تظهر دائماً على المسرح عارية، تعدّ أيضاً سياسة أخرى لـ “ابن سلمان”، للمضي قدماً في طريق أمركة ثقافة أبناء السعودية وفقاً لما نراه في الغرب.
في الواقع، يحاول “ابن سلمان” القول بأن السعودية ليس لديها مكانة أقل من الدول الغربية ويمكنها أن تتماشى معها في مختلف المجالات، حتى لو كان ذلك على حساب انتهاك التعاليم الدينية والثقافة المحافظة.
ولكن تمّ تجاهل مسألة أخرى، تتمثل في ما هو الغرض الحقيقي الذي يسعى ولي العهد السعودي للوصول إليه من هذه الإجراءات الغربية على المجتمع السعودي، على الرغم من أن “ابن سلمان” قال بأن تلك الإجراءات تمثل اللبنة الأولى في مسير إصلاحاته المزعومة، إلا أن استقطاب المطربات وإطلاق المراقص على الطريقة الغربية لا يُعدّ علاجاً حقيقياً للإصلاح في السعودية، في بلد يحصل فيه العديد من النشطاء السياسيين والاجتماعيين، على أحكام بالسجن مدى الحياة وحتى الإعدام في بعض الأحيان، وهنا يجب القول بأن المطربين والراقصات الأمريكيات لا يمكن اعتبارهم نوعاً من الإصلاحات المزعومة.
بمعنى آخر، تحتاج السعودية إلى إعادة النظر في أحكامها على الناشطين الاجتماعيين والسياسيين ويجب عليها خلق مساحة مفتوحة للمواطنين الآخرين في البلاد الذين ينتمون إلى أديان ومعتقدات أخرى.
في الوضع الحالي، ونظراً لوجود الكثير من حالات القمع السياسي الشديدة في السعودية، فإنه يمكن القول بأنه لا توجد هناك آفاق وآمال لحدوث إصلاح حقيقي في هذا البلد.
المصدر / الوقت