التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

“بارونة”: في السعودية إعدام جماعي وقطع رؤوس بالشوارع وعدم تسليم الجثث لذويهم 

سياسة ـ الرأي ـ
قالت البارونة البريطانية والمحامية المرموقة “هيلينا كينيدي”، إن السلطات السعودية نفذت حتى هذا الوقت من العام الجاري 2019 ما لا يقل عن 134 حالة إعدام، من بينها حالات طالت 37 ناشطا سياسيا قتلوا جماعيا في الثالث والعشرين من أبريل/ نيسان 2019، بعد قضائهم فترات طويلة داخل الحجز الانفرادي.

وكشفت البارونة كينيدي بمؤتمر صحفي نظمه النائب بمجلس العموم البرتو كوستا من حزب المحافظين، وعقد مساء اليوم الاثنين، في لندن، وحضرته عربي21 أن الـ37 شخصا الذين أعدموا تعرضوا قبلها “للتعذيب، ثم قدموا لمحاكمات غير عادلة وغير نزيهة”.

وقالت إن العديد من هؤلاء السبعة والثلاثين “ينتمون إلى الأقلية الشيعية في المملكة العربية السعودية، وقد أوقفوا ثم أعدموا أخيرا؛ لمشاركتهم في الاحتجاجات التي انطلقت في المنطقة الشرقية من البلاد”.

وكشفت أنه “كان ستة من هؤلاء المعدمين أطفالا وقت ارتكابهم للجرائم المزعومة”، وزادت بالقول إنه “بحلول العشرين من تموز/ يوليو 2019، كان هناك ما لا يقل عن ثلاثين شخصا إما من المحكومين بالإعدام أو ممن يواجهون خطرا وشيكا بالتعرض للإعدام غير القانوني على جرائم غير عنفية أو ذات علاقة بممارسة الاحتجاج، من بينهم ثلاثة أطفال حينما ارتكبوا الجنح المزعومة والمنسوبة إليهم”.

ولفتت إلى أنه طلب منها إعداد هذا التقرير “وأن أتقدم برأي قانوني، أخذا بالاعتبار الدليل الخاص باللجوء حاليا أو مستقبلا إلى عقوبة الموت من قبل السعودية، كما طلب مني التعليق على مدى قانونية مثل هذه الإعدامات، وما يترتب عليها، وكذلك التقدم بتوصيات حول أسلوب التعامل مع الانتهاكات التي يجري ارتكابها”.

وقالت إن الاستخدام الأخير من قبل المملكة العربية السعودية لعقوبة الموت يأتي في سياق انتهاكات حقوق الإنسان المنتظمة والصارخة، بما في ذلك اللجوء على نطاق واسع إلى التوقيف والاعتقال التعسفي (خاصة منذ أواخر عام 2017) لاستهداف المعارضين السياسيين ولإسكات المخالفين، واللجوء إلى الضربات الجوية العشوائية -الموثقة جيدا- لاستهداف السكان المدنيين في اليمن منذ عام 2015.

وعرجت البارونة على سياق عملية الإعدام خارج القانون التي نفذت بحق الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، يوم الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2018، مشيرة إلى ما خلصت إليه المقررة الأممية الخاصة حول الإعدامات التي تنفذ خارج نطاق القانون، إلى أن تلك تعد “جريمة قتل عن سبق إصرار وترصد، تتحمل العربية السعودية عنها مسؤولية الدولة، وجريمة توجه أصابع الاتهام فيها بشكل شخصي ومباشر إلى عدد من كبار المسؤولين السعوديين، بما في ذلك ولي العهد محمد بن سلمان”.

وأشارت إلى أنه وبناء عليه، أكدت المقررة الأممية أن “عملية القتل تلك مثلت انتهاكا صارخا لحق جمال خاشقجي في الحياة، وأن الظروف الشنيعة التي تمت فيها الجريمة ترقى إلى كونها انتهاكا للأعراف والمواثيق التي تحرم التعذيب وتجرم الاختفاء القسري وغير الطوعي”.

ونوهت البارونة إلى أنه ومع ما لهذا السياق من أهمية، “إلا أن هذا التقرير يركز بشكل خاص على أولئك الذي تم مؤخرا إعدامهم داخل المملكة العربية السعودية نفسها، وعلى أولئك الذين ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام فيها أو الذين يواجهون خطر إصدار أحكام بإعدامهم، كما يلفت هذا التقرير بشكل خاص إلى الانتباه لمأساة النشطاء السياسيين والقصر الذين تم إعدامهم أو الذين يواجهون التهديد بإعدامهم”.

وقالت: “خلال إعداد هذا التقرير، أجريت مقابلات مع عدد من الأشخاص الذين تأثروا بشكل مباشر بالإعدامات التي تمت مؤخرا أو الذين قد يتأثرون بتلك الإعدامات التي قد تقع مستقبلا، بما في ذلك أقارب ومحامي الضحايا. وبينما أعرب بعض هؤلاء عن استعدادهم لأن تنسب المعلومات والأقوال إليهم، إلا أن عددا منهم رغبوا في بقاء هوياتهم طي الكتمان؛ خشية تعرض سلامتهم هم أو أي من أفراد عائلاتهم للخطر”.

وأكملت: “أعرب الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات عن استعدادهم للتعاون مع البعثة الدولية لتقصي الحقائق، وكذلك مع الإجراءات الخاصة ذات العلاقة التي قد يقرر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اتخاذها، كما تمت الاستفادة من المعلومات والمساعدات التي قدمتها المنظمة العربية لحقوق الإنسان في المملكة المتحدة، والمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، ومركز كورنيل الخاص برصد عقوبة الموت حول العالم”.

الملخص التنفيذي

بحسب البارونة كينيدي، فقد تبين من الأدلة التي تم النظر فيها أن “المملكة العربية السعودية لجأت خلال الشهور الأخيرة بشكل متكرر ومتعسف إلى عقوبة الموت، فقد تم إعدام ما لا يقل عن 149 شخصا خلال عام 2018، مع بقاء ما لا يقل عن ستة وأربعين شخصا ممن ينتظرون تنفيذ الإعدام فيهم بنهاية هذا العام، ويبدو أن العديد من هؤلاء الستة والأربعين شخصا تم إعدامهم الآن”.

وزادت بالقول: “لا يقل عدد من نفذ فيهم حكم الإعدام ما بين الأول من كانون الثاني/ يناير وتموز/ يوليو 2019 عن مئة وأربعة وثلاثين شخصا، وفيما لو استمرت الإعدامات بهذه الوتيرة، فسيكون إجمالي عدد من أعدموا في 2019 قد تجاوز كل الأرقام السنوية الإجمالية التي دونت سابقا”.

وقالت: “يتجلى من الأدلة الخاصة بإعدامات عام 2019 وجود عدد ضخم من القضايا التي تبعث على القلق الشديد، فنسبة كبيرة من الذي نفذ فيهم حكم الإعدام هم معارضون سياسيون، وعدد من هؤلاء كانوا أطفالا في الوقت الذي يُزعم أنهم ارتكبوا الجرائم المنسوبة إليهم، ثلاثة من المعدومين كانوا من النساء، كثير من هؤلاء الأشخاص تم استدعاؤهم أصلا بموجب تهم فضفاضة مثل “التجسس” و”الإرهاب”، وهذه بدورها تخضع لقوانين مبهمة وعامة ليس من المقبول أن تطبق في مثل هذه الحالات”.

ولفتت إلى أن هؤلاء، وكثيرون غيرهم، “أدينوا فقط بجرائم غير عنفية وغير مميتة، وكثيرا ما كان الضحايا يحتجزون في حبس انفرادي لمدد طويلة، حيث يتعرضون خلالها للتعذيب، حيث اتصفت الإجراءات المتخذة ضدهم محليا بانتهاكها السافر لحق المتهم في أن تجرى لهم محاكمة عادلة نزيهة” .

وأشارت بهذا الصدد إلى أن “بعض الذين قتلوا كانت أسماؤهم وردت في تقارير نشرتها وسائل الإعلام العالمية، وكذلك في مراسلات وبيانات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وبشكل خاص فيما يتعلق بالإجراءات الخاصة، وفي إحدى الحالات التي أثارت الذعر بشكل خاص، كان الشخص المعني قد صنف من قبل مقرر للأمم المتحدة الخاص بقضايا الإعدامات التي تتم خارج نطاق القانون أو بشكل متعجل أو متعسف على أنه “لم يعد مهددا أو عرضة للخطر”، وذلك بناء على تأكيدات قوية وردت من السلطات السعودية، التي ما لبثت في آخر المطاف أن قتلته ضمن وجبة الإعدامات الجماعية التي نفذت في الثالث والعشرين من نيسان/ أبريل 2019”.

كما أن أسلوب القتل كان صادما، “حيث تتم الإعدامات في العادة بقطع الرأس في مكان عام، وباتت تتم بشكل جماعي في الآونة الأخيرة، وفي بعض الحالات تترك جثث القتلى التي مثل بها معروضة في الأماكن العامة لفترات طويلة بدلا من دفنها بسرعة حفظا لكرامة الإنسان، ولقد أخبرني ممثلو العائلات أن جثث الموتى في كثير من الأوقات لا تعاد إليهم، بل وجرت العادة حتى على عدم إخبارهم بمكان دفن ذويهم”.

وأكدت البارونة أن كل واحدة من هذه المواصفات تنضوي على انتهاك جسيم لأعراف حقوق الإنسان الدولية، ولعل أهم ما في ذلك إعدام الأشخاص الذين كانوا قصرا وقت ارتكاب الجنح المزعومة أو إعدام من يمارس حق حرية الرأي أو التعبير، أو تنفيذ الإعدام بحق من لم ينالوا محاكمات نزيهة، فهذه تشكل كل واحدة منها انتهاكا صارخا لحق الإنسان في الحياة، يضاف إلى ذلك أن أسلوب القتل كثيرا ما يتنافى مع القانون الدولي، بحيث يصبح الإعدام تعسفيا وينتهك الحظر المفروض على المعاملة أو العقوبة الوحشية أو غير الإنسانية أو المهينة.

وحذرت من أن “عشرات آخرين يواجهون الآن خطر الإعدام في ظروف تجعل من قتلهم إجراء محرما، ففي العشرين من تموز/يوليو 2019، أوردت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان بعد حصولها على الإذن بالنشر أسماء أربعة وعشرين شخصا ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام فيهم لتهم ذات علاقة بالتظاهر أو بالمخدرات، وتضم قائمة هؤلاء الأشخاص سلمان العودة، عالم الدين الشهير والتقدمي، وعوض القرني وحسن فرحان المالكي، وكلاهما من العلماء والأكاديميين المشهورين والمعروفين باعتدالهم، وعلي العمري، مقدم البرامج التلفزيونية والكاتب الذي استخدم برامجه للدفاع عن حقوق النساء”.

وقالت إن هؤلاء كانوا “ضحايا موجة من الاعتقالات شملت ما لا يقل عن ستين ناشطا سياسيا في شهر أيلول/ سبتمبر من عام 2017، وقضايا هؤلاء مثيرة للانتباه بشكل خاص نظرا لأنهم، مع آخرين، وقع عليهم الاختيار بالذات لتنفيذ حكم الإعدام فيهم بسبب انتقادهم للحكومة السعودية وتسليطهم الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان التي تمارس داخل المملكة”.

وشددت على أن “إعدام أي واحد من هؤلاء الأشخاص الأربعة والعشرين يشكل انتهاكا صارخا لأعراف حقوق الإنسان الدولية وينبغي أن يمنع تنفيذه مهما كانت التكاليف”.

وقالت إنه من المهم ملاحظة أن الإفراط في لجوء السعودية مؤخرا إلى عقوبة الإعدام، يأتي في خضم حملة منظمة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان وضد النشطاء السياسيين، وهي الحملة التي شملت اعتقال عدد ضخم من الناس بشكل تعسفي، وعادة ما يتم ذلك بحجة مكافحة الإرهاب”.

وكشفت أن السلطات السعودية قامت في شهر أيلول/ سبتمبر 2017 بإلقاء القبض على ستين من مثل هذه الشخصيات، وما تزال الإجراءات المحلية تتخذ ضد عدد منهم، وفي شهر أيار/ مايو من عام 2018، تم اعتقال سبعة عشر من المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين، كان كثيرون منهم من المدافعين عن حقوق النساء، وقد بلغنا أن الإجراءات المحلية تتخذ حاليا ضد اثنتي عشرة امرأة ( بينما هناك امرأتان أخريان ورجلان آخران يوجدون رهن الاعتقال بانتظار توجيه تهم لهم)، وفي شهر نيسان/ إبريل 2019، أوقفت السلطات السعودية ما لا يقل عن أربعة عشر صحفيا وأكاديميا وبعض أعضاء عائلات المدافعين عن حقوق النساء”.

وقال التقرير إن هذه الحالات “تتسم بفترات اعتقال طويلة دون توجيه تهم، ويتخللها استخدام التعذيب وسيلة لانتزاع المعلومات والاعترافات تحت الإكراه، كما توصم الإجراءات المحلية بانتهاك شامل لأحكام القانون الدولي وأعراف الإجراءات القضائية السليمة بما في ذلك حرمان المتهمين من المساعدة القانونية، والحيلولة بينهم وبين حق الدفاع، وتقديمهم أمام محاكمات سرية يرأسها قضاة أبعد ما يكونون عن النزاهة”.

يذكر في هذا الصدد أن من الأمور التي برزت بشكل دائم من خلال المقابلات التي أجريت أو البحث الذي تم في سبيل إعداد هذا التقرير أن السعودية لا توفر معلومات شاملة أو ذات مصداقية أو محدثة حول هذه الأمور، وهذا بحد ذاته يشكل مصدرا للقلق لأنه ينال من قدرة المؤسسات الدولية على المتابعة والرقابة، ويقوض وسائل الحماية التي ينبغي أن توفر للأفراد المعتقلين والمهددين بالإعدام.

وزادت بالقول :” في ضوء ما تم التوصل إليه من خلاصات في هذا التقرير، يتوجب على السلطات السعودية أن تعلن حالا وقفا رسميا لاستخدام عقوبة الإعدام تمهيدا للنظر في إلغائها بشكل تام ونهائي، وهذا ما نصت عليه التوصية الأولى.

وثانيا، ولضمان وجود رقابة ومتابعة فعالة، يتوجب على السلطات السعودية أن تنشر فورا معلومات كافية عن عدد وهويات الأشخاص الموجودين على قائمة من ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام فيهم، وذلك ما نصت عليه التوصية الثانية، وثالثا، يتوجب على السعودية أن تقوم بالإفراج فورا عن جثث من أعدموا وتسليمها لذويهم”.

كما طالبت بتشكيل بعثة تقصي حقائق دولية من قبل منظمة سياسية مستقلة ومحايدة. ويتوجب منح بعثة تقصي الحقائق صلاحيات تسمح لها بالوصول دون أدنى إعاقة إلى كافة من ينتظرون على قائمة المحكومين بالإعدام.

وقالت إنه تم إرسال هذا التقرير إلى الجهات الدولية المعنية، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، وإلى جهات الإجراءات الخاصة والمعنية بهذا الملف داخل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

وذكرت أنه يتوجب على كافة الأقطار الأخرى التنديد بلجوء السعودية إلى عقوبة الإعدام، ومطالبتها بالالتزام بالتوصيات المذكورة، وأنه في حالة إخفاقها في ذلك، فإنه يتوجد النظر في اللجوء إلى عقوبات معينة، وينبغي على الدول الأعضاء في قمة العشرين الإحجام عن المشاركة في قمة 2020 في الرياض، ويتوجب على الجمعية العامة النظر في تعليق عضوية المملكة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. انتهى

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق