التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

يأس واشنطن من قوة الدبلوماسية الإيرانية 

عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية على وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف كانت نهايةً لجميع المزاعم التي كان يقدمها ترامب ومستشاروه بشأن التفاوض مع طهران دون شروط مسبقة.

هذه العقوبات تعني تجميد جميع أصول ظريف في أمريكا وعدم السماح لمواطني أمريكا بالتعامل معها، مع ذلك، فإن الإجراءات غير المعقولة التي اتخذتها الإدارة الأمريكية، كانت مصحوبةً بردود فعل عنيفة وناقدة على الصعيدين الإيراني والدولي.

تعكس هذه الخطوة الأمريكية يأس واشنطن من قوة الدبلوماسية الإيرانية.

في الواقع، على عكس ما يتصوّره البيت الأبيض بأن فرض عقوبات على ظريف يأتي بناءً على منطق استمرار الضغط الأقصى وإمكانية جرّ إيران إلى طاولة مفاوضات ترامب المزيفة، فإن هذا الحدث، من ناحية، قد زاد شعبية وشهرة الرجل الأول للدبلوماسية الإيرانية على مستوى العالم، ومن ناحية أخرى، فإن دعم المجتمع الدولي لظريف يوضح شرعية مواقف طهران حيال ابتزازات ترامب السياسية والإعلامية.

ردود الفعل الداخلية.. نهاية فرصة الدبلوماسية واليأس الأمريكي

لقد تبعت العقوبات على ظريف العديد من ردود الفعل المحلية، وفي الرد الأكثر أهميةً، أدان الحرس الثوري الإيراني في بيان له هذا العمل غير القانوني وغير المعقول، واصفاً إياه بأنه امتداد لاستراتيجية الضغط الأقصى على إيران، قائلاً: على الرغم من أن إدراج أسماء المسؤولين وقادة حكومة الجمهورية الإسلامية المقدسة في قائمة العقوبات الأمريكية المزعومة، إجراء غير فعّال ومكرر، إلا أن الأمريكيين ومن خلال فرض عقوبات على وزير خارجيتنا الموقر باعتباره رئيس الجهاز الدبلوماسي لبلادنا، قد أظهروا للجميع مرةً أخرى غضبهم من صدى الخطاب الملهم والمناهض للاستكبار الذي تعتمده الثورة الإسلامية، وخبثهم وعدائهم تجاه الحكومة والأمة الإيرانية المقتدرة.

كما كتب الرئيس الإيراني حسن روحاني تغريدةً على تويتر، قال فيها: تشير العقوبات على وزير الخارجية محمد جواد ظريف إلى أن البيت الأبيض يخشى قدراته الدبلوماسية، فإذا كانوا يريدون التفاوض حقاً، فمن يمكنه التفاوض معهم باستثناء وزير الخارجية؟ ظريف مسؤول عن دبلوماسية الجمهورية الإسلامية ويتحدث باسم إيران بأسرها.

من جانبه قال “علي ربيعي” المتحدث باسم الحكومة الإيرانية في تغريدة له ردّاً على العقوبات على ظريف: إن “ظريف فوبيا” يظهر عجز الأمريكيين حيال الدبلوماسية والتفاوض الحقيقي.

وأي إيراني في أي جزء من العالم يشكك في أساس العقوبات، ويعتمد على معرفته الأكاديمية والإعلامية ومهارات الكلام، هو سفير لنا، وهو “ظريف” آخر، ويعمل للسلام وللتواصل الإيراني الواسع النطاق مع العالم.

لقد أظهر الإجراء الأمريكي الرامي لإسكات صوت إيران في العالم، أنه على عكس مزاعم بعض الأوساط المحلية، فإن الجهاز الدبلوماسي الإيراني ليس منفذاً للنفوذ الأمريكي، بل على العكس تماماً؛ إذ تمتلك دبلوماسيتنا القدرة على التأثير على المجتمع الأمريكي وفقاً لأعلى معايير الدبلوماسية العامة.

أما وزارة الخارجية الإيرانية فقد أدانت قرار الإدارة الأمريكية في فرض العقوبات على الدكتور محمد جواد ظريف، وزير الخارجية ورئيس الدبلوماسية الإيرانية، معتبرةً أنها إشارة واضحة على يأس الحكومة الأمريكية وعجزها.

وتابعت إن العقوبات الأمريكية الجديدة تكشف خوف وضعف هذه الإدارة حيال الدبلوماسية الذكية لجمهورية إيران الإسلامية والقائمة على المنطق.

في السياق نفسه كتب المتحدث باسم وزارة الخارجية السيد “عباس موسوي” على صفحته على تويتر قائلاً: إن ذروة التناقض والغباء لدى القادة الأمريكيين هو أنهم لا يعتبرون الدكتور ظريف صاحب القرار الحقيقي في السياسة الإيرانية، ولكنهم يفرضون عليه العقوبات في إجراء غبي محض، فالأمريكيون مرعوبون بشدة من منطق الدكتور ظريف وفن التفاوض لديه.

من جانبه كتب نائب وزير الخارجية السيد عباس عراقجي على صفحته الرسمية على الانستغرام: لقد أظهر فرض العقوبات على محمد جواد ظريف، هذا القائد الكبير في السياسة الخارجية لجمهورية إيران الإسلامية، أن أمريكا لا تملك القدرة على التعامل مع أبناء هذا البلد الشجعان على الساحة السياسية والدبلوماسية. وتابع قائلاً: ظريف هو المتحدث القوي للدبلوماسية الإيرانية والممثل القوي للجمهورية الإسلامية في جميع المجالات الدولية.

فلا رصاصة الأعداء، ولا العقوبات، ولا طعنات الأصدقاء، ولا شيء آخر، سيمنعنا من النهوض بالمصالح الوطنية لهذا البلد وهذا الشعب الأبي، نحن على عهدنا مع إيران ومع ثورة أقوى من أي وقت مضى.

كما أعلن وزير الدفاع الإيراني العميد أمير حاتمي، رداً على العقوبات الأمريكية على ظريف: لقد أظهر نظام الديكتاتورية الأمريكية، من خلال فرض العقوبات على وزير خارجية دولة وكبار المسؤولين فيها، أنهم ليسوا صادقين في رغبتهم المتكررة في التفاوض دون شروط مسبقة مع إيران، وهم يهدفون عبر هذه الإجراءات الصبيانية إلى الحملات النفسية والمضللة والدعاية وخداع الرأي العام.

كذلك، أشار “علي أكبر ولايتي” مستشار قائد الثورة للشؤون الدولية إلى العقوبات الأمريكية على وزير الخارجية الإيراني، وقال: إن أمريكا ليست قادرةً حتى على مواجهة الخطاب الدقيق والمنطق المثبت للجمهورية الإسلامية، وإذ أدان هذا الإجراء الأمريكي، تابع قائلاً: إن مسار حركة النظام المقدس لجمهورية إيران الإسلامية على الساحة الدولية، يتم بناءً على المنطق والحوار والعقلانية والمقاومة، وتوجيه من قائد الثورة الإسلامية المعظّم.

وأكد مستشار قائد الثورة أن الخلفية الشريرة للسياسة الأمريكية والتي كانوا يزعمون أنها تدافع عن حقوق الإنسان والديمقراطية والحرية في الماضي، تجلَّت بوضوح بعد مجيء ترامب الذي كشف عن الوجه الحقيقي لأمريكا وطابعها الاستعماري، وتابع قائلاً: هذا الرئيس الأمريكي يتصرف في الساحة الدولية والسياسة الخارجية كتاجر، وإذا كان هناك ذرة شك حتى بين حلفائها في أن هذا البلد ينكث في عهوده ولا يفي بالتزاماته، فقد ثبت بعد وصول هذا الشخص إلى سدة الرئاسة أن أمريكا ليست قادرةً حتى على مواجهة الخطاب الدقيق والمنطق المثبت لجمهورية إيران الإسلامية، الأمر الذي قد زاد من عزلتها في العالم يوماً بعد يوم.

ردود الفعل الخارجية؛ “ظريف” لا يزال المرجع ومحور الدبلوماسية

لقيت العقوبات على “ظريف” الكثير من ردود الفعل على الصعيد الدولي أيضاً.

وفي الرد الأكثر أهميةً على المستوى الدولي، أشار الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريس” يوم الخميس الماضي، إلى قرار أمريكا في فرض العقوبات على وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، وقال: أطالب الجميع بإظهار ضبط النفس على جميع المستويات، لقد بعثت بهذه الرسالة إلى رؤساء الدول علناً وسرّاً. وتابع محذّراً: من شأن خطأ حسابي صغير أن يؤدي إلى صراع كبير، كما دعا “غوتيريس” جميع الدول إلى احترام حرية الملاحة في مضيق هرمز.

وقال في هذا الصدد: إن آخر شيء يحتاجه العالم هو مواجهة ضخمة في الخليج الفارسي، الأمر الذي سيكون له تأثير مدمّر على الأمن والاقتصاد.

في السياق ذاته قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية في بكين “هوا تشونينغ” يوم الخميس المنصرم بشأن العقوبات الأمريكية على “ظريف”: لقد رصدنا البيان الأمريكي ورد الفعل الشخصي للدكتور ظريف عليه.

مواقف الصين واضحة، فالصين تعارض فرض عقوبات أمريكية أحادية الجانب، عقوباتهم ليس لها تأثير إيجابي، ولا يمكن التوصل إلى حل للصراع إلا من خلال المفاوضات.

أما كبيرة المفاوضين الأمريكيين في المحادثات النووية “ويندي شيرمان” فقد كتبت على صفحتها على تويتر ردّاً على حظر وزارة الخزانة الأمريكية لوزير الخارجية الإيراني: يوضح الحظر الأمريكي على “ظريف” أن طلب دونالد ترامب التفاوض دون شرط مسبق هو كذبة.

وكان هذا بوضوح ما تمّ بعد تمديد الإعفاءات من العقوبات المرتبطة بالبرامج النووية الإيرانية لمدة 90 يوماً، للحيلولة دون احتجاج المتطرفين على (الإدارة الأمريكية).

كذلك قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية “ماريا زاخاروفا” ردّاً على سؤال حول رأي الحكومة الروسية بشأن العقوبات التي تفرضها الإدارة الأمريكية على وزير الخارجية الإيراني: أعتقد أن الشيء الوحيد الذي تعرفه الدبلوماسية الأمريكية هو العقوبات.

إذا ابتعدنا عن استخدام المصطلحات الدبلوماسية، وفسرنا الموقف كما هو، فإن أمريكا قد أوصلت نفسها إلى طريق مسدود.

وتابعت الدبلوماسية الروسية الكبيرة: لقد منع الأمريكيون أنفسهم من استخدام مجموعة واسعة من الأدوات الدبلوماسية لحل مختلف القضايا والمشكلات، وتركوا أداةً واحدةً فقط هي العقوبات، هذه الأداة لا تعمل، وهي لم تظهر نفسها في أي مكان، وقد شوَّهت نفسها وشوَّهت أولئك الذين اتبعوها.

أما الخارجية الفرنسية ورداً على العقوبات على “ظريف” قالت: في رأينا، يجب أن تظل جميع أبواب الدبلوماسية مفتوحةً، خاصةً عندما تتصاعد التوترات.

وكتب وزير الخارجية الفنزويلي “خورخي أريزا” في تغريدة على تويتر: تعتقد الإدارة الأمريكية أن العقوبات غير القانونية ضد ظريف يمكن أن تسكت صوته، أمريكا لن تقبل أبداً الدبلوماسية والمفاوضات، فلا تراجع عن عزة شعب جمهورية إيران الإسلامية وجميع الشعوب الحرة في العالم.

كذلك، ردّت وزارة الخارجية الألمانية يوم الخميس الماضي على إدراج وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في قائمة العقوبات الأمريكية، بالقول إن هذه الخطوة الأمريكية رفض للحلول الدبلوماسية، وتابعت: إننا نعتبر الإجراء الأمريكي خاطئاً.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق