لماذا يخترع الأطفال صديقا خياليا
نشرت مجلة الأتلنتك الأمريكية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على الأسباب التي تدفع الأطفال لاختراع صديق خيالي واللعب معه وتعريفه إلى العديد من الأشخاص المحيطين به.
وقالت المجلة، في هذا التقرير، إنه في صباح اليوم الاثنين الماضي، عمدت الطفلة ساشا البالغة من العمر 10 سنوات إلى إخبار والدتها بأنها تمتلك صديقتين جديدتين. وأطلقت على الأول اسم “مجسات”، وهو أخطبوط عملاق في المحيط الهادئ أخبر ساشا بأنه يحب “مرجان”، أنثى الأخطبوط التي تمتلك مجسا إضافيا لا تزال تتعلم كيفية استخدامه.
وأضافت المجلة أن الطفلة قد اخترعت هذه القصة وقالت إن مرجان لا تعلم بشأن مشاعر مجسات، لكنها قد أخبرتها بأنها تكن له مشاعر جياشة لكنها كانت خجولة بشكل يجعلها تعجز عن التعبير عن هذه المشاعر. عموما، كانت ساشا عالقة في المنتصف، فأخبرت والدتها تشارلي إسبينوزا، التي أعربت عن تفاجؤها إزاء هذه القصة.
وبينت الصحيفة أن الأحاديث المتعلقة بالعلاقة بين “مجسات” و”مرجان” شائعة في منزل والدة ساشا، والتي تراوحت بين مغامراتهما بين المجرات وبين قصة حبهما. وعلى الرغم من كون زوج الأخطبوط يعيش برفقة ساشا وأختها إميلي البالغة من العمر 12 سنة، إلا أن ساشا وحدها تعرف شكلهما، فهما “مخلوقان من نبع خيالها”.
على مر السنوات، طور “مجسات” شخصيته الخجولة وعمل على تقديم الدعم المعنوي والنفسي إلى ساشا التي تعاني من الصداع النصفي المزمن. وقالت والدتها حيال هذا الشأن: “إنها تحب سرد القصص، وهذه إحدى الطرق التي تدير بها الألم”.
علاوة على ذلك، تقول ساشا إن “هذه المخلوقات أصبحت مصدرا للمودة وباتت تساعدني عندما أشعر بالقلق وتتحدث معي”. ويمكن القول إن امتلاك أصدقاء خياليين يعتبر مظهرا شائعا وطبيعيا للعديد من الأطفال خلال نموهم. ووفقا لدراسة أجريت سنة 2004، سيكون لدى 65 بالمئة من الأطفال صديق وهمي بحلول سن السابعة.
ونقلت المجلة عن أستاذ علم النفس بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، سيليستي كيد، قوله إن وجود أصدقاء خياليين لا ينبغي أن يسبب قلقًا للوالدين، إلا أن الشيء الذي لا يستوعبونه بشكل كبير هو السبب الذي يدفع الأطفال إلى إنشاء هذه الشخصيات أو السبب الذي يجعل البعض يفعلون ذلك دون غيرهم.
وأفادت المجلة بأن امتلاك أصدقاء خياليين يعتبر أحد أعراض تطوير الذكاء الاجتماعي لدى الأطفال، والذي ينطلق من بدء الأطفال في استيعاب أن الآخرين قد يمتلكون سلوكيات ورغبات تختلف عن سلوكياتهم ورغباتهم. وعادة ما يحدث ذلك عند سن الخامسة أو السادسة.
وتنوعت نتائج الأبحاث التي تنظر في أسباب امتلاك الأطفال لأصدقاء وهميين، ولعل أبرزها حاجتهم إلى تكوين صداقات. وبالنسبة للفتيات، أبرزت الأبحاث أنهن يملن إلى خلق شخصيات يمكنهن قيادتها وتعليمها والاعتناء بها، في حين يميل الصبية إلى تكوين شخصيات وهمية أكثر كفاءة منهم، مثل الأبطال الخارقين والكائنات ذات السلطة.
وتقول الأستاذة بمعهد تنمية الطفل بجامعة مينيسوتا، ستيفاني كارلسون، إن الأصدقاء الخياليين يساعدون الأطفال على تلبية الاحتياجات النفسية الأساسية الثلاثة الواردة في نظرية التحديد الذاتي، وهي الكفاءة والشعور بالارتباط وحرية الاختيار.
ويشعر الأطفال بالكفاءة عندما يتولون دورا قياديا مع الشخصيات الوهمية، كما أنها تعزز شعورهم بالاختيار عندما يجبرون آباءهم على ربط حزام الأمان للشخصية الوهمية، في حين يتعزز الشعور بالارتباط من خلال التعامل اليومي معها.
وأضافت المجلة أن الأم آنا سال تعرف شعور امتلاك الطفل لصديق وهمي، وذلك عندما ابتكرت ابنتها جون صديقتها الخيالية “سلطة”، وكانت تمنع عائلتها من الخروج من المنزل في الوقت المحدد، ما اضطر الجميع إلى أن يستجدوا “سلطة” لتغيير رأيها إزاء الخروج. ولعل أفضل ما في امتلاك جون لـ”سلطة” هو تدريبها على قيم الصداقة وكيفية رواية القصص.
واعتبرت المجلة أن العديد من جوانب حياة الطفل، ابتداء من الشخصيات الخيالية إلى التجارب الحقيقية، غالبا ما تظهر خلال اللعب. ويرى بعض الأخصائيين أن امتلاك هذه الصداقات يعكس مدى وعي الأطفال بما يجري حولهم، ويمكن أن يتضمن بذلك ما يشاهدونه في عناوين الأخبار، كما أنه قد يشمل ما قد يجري في حياتهم.
وذكرت المجلة أن التقاطع بين الحياة الوهمية والعالم الواقعي يخلق فرصا للتعلم في حياة الطفل. وبناء على ذلك، أسس الطفل آري شخصية دافين ليسمح لنفسه بالتعامل مع الموضوعات الحساسة، حيث سبق له الحديث عن التدخين والمدخنين بعد أن قام دافين بإخباره عن والده المدخن.
وخلصت المجلة إلى القول إنه بالنسبة لبعض الآباء، قد يكون من الصعب فهم السبب الذي دعا أطفالهم إلى التوقف عن استحضار الشخصيات الوهمية بعد مدة طويلة من التعايش معهم. وسبق لهذه الشخصيات تعليم الأطفال قيم التعاطف والصداقة، حتى إن كانوا وحدهم قادرين على رؤيتهم والتحدث إليهم.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق