التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

إجتماع بغداد الأمني الثلاثي بين العراق ومصر والأردن؛ ما الأهداف والأبعاد 

يعد الاجتماع الثلاثي بين العراق والأردن ومصر في 4 أغسطس 2019، والذي استظافته بغداد، أحد أهم الإجراءات التي اتخذتها وزارة الخارجية العراقية في حقبة ما بعد داعش وفي عهد رئيس الوزراء “عادل عبد المهدي” في اتجاه التعاون وتحسين العلاقات مع الدول العربية. وكان هذا الاجتماع الذي عقد في بغداد بمشاركة وزير الخارجية الأردني “أيمن الصفدي” ووزير الخارجية المصري “سامح شكري” ووزير الخارجية العراقي “محمد علي الحكيم”، الجولة الثالثة من المحادثات المشتركة بين هذه الدول العربية الإسلامية الثلاث.

وکانت هذه الدول قد عقدت اجتماعات ثلاثية في القاهرة وتونس خلال الأشهر الماضية. ففي شهر مارس من هذا العام، في القاهرة، التقى رئيس الوزراء العراقي “عادل عبد المهدي” الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” والعاهل الأردني “الملك عبد الله الثاني”، وتباحث معهما ككبار المسؤولين السياسيين في هذه البلدان. وفي يونيو، عقد الرئيس العراقي “برهم صالح” اجتماعًا ثلاثيًا مع الزعيمين المصري والأردني في عمان. واستمرار هذه الاجتماعات في الوضع الحالي، يعكس مستوى العلاقات الجيدة بين الدول الثلاث وتصميمهم على العمل سويًا. مع ذلك، وبناءً على التفاصيل التي أعلنتها وزارة الخارجية العراقية وعملية عقد هذا الاجتماع، يمكن تقييم ثلاثة أهداف ونتائج مهمة لهذا الاجتماع الثلاثي کما يلي.

محاربة الإرهاب والتطرف

يمكن وصف الهدف الأول والأهم للدول الحاضرة في القمة الثلاثية ببغداد بأنه محاولة لمكافحة الإرهاب بشكل مشترك. مما لا شك فيه، في السنوات التي تلت ظهور داعش في عام 2013، كان العراق أهم ضحية لهذه المجموعة الإرهابية، وكان أمام هذا البلد عدة سنوات صعبة لتحرير جزء كبير من أراضيه من احتلالها. من ناحية أخرى وعلى عكس بعض البلدان في المنطقة، مثل السعودية التي تدعم الوهابية والإرهاب، يخشى مصر والأردن بشدة انتشار الجماعات المتطرفة في بلدهما.

في هذه الأثناء، فإن مصر وفي وضعها الجديد بقيادة عبد الفتاح السيسي، الذي أطاح بالإخوان المسلمين في محاولة شبه انقلابية، تخشى أکثر من أي دولة عربية أخرى زيادة دائرة نفوذ هذه الجماعات المتطرفة وتصرفاتها. لذلك ومنذ منتصف الأزمة في سوريا، كان لها موقف أكثر اعتدالاً من معظم الحكومات العربية تجاه حکومة الرئيس السوري بشار الأسد؛ لأنها عرفت أن معارضي دمشق كانوا جماعاتٍ سلفيةً راديكاليةً يمكن أن تشكل تهديدًا للقاهرة في المستقبل. إن وجود تنظيم داعش الإرهابي في سيناء تحت اسم أنصار الشريعة، ومحاولته القيام بأنشطة إرهابية في الأردن، واستمرار تهديداته في العراق، هي نقطة التركيز الرئيسية التي تحتاج بغداد وعمان والقاهرة إلى التوصل إلى توافق بشأنها في قمتهم الأخيرة، وهو الأمر الذي وضعوه في مركز اهتماماتهم. وفي الواقع، إن الأمر الذي اتضح الآن بالنسبة لبلدان المنطقة بعد فترة مضطربة، هو أنه لن يستفيد أحد من استخدام الجماعات الإرهابية في المنافسات الجيوسياسية، وأن أمن المنطقة متكامل بشكل أساسي، والجميع سوف يدفعون ثمن أي أزمة فيها.

إعادة بناء وتطوير المناطق العراقية التي دمرتها الحرب

جهود إعادة بناء بعض المناطق العراقية التي وقعت ضحيةً للإرهاب خلال خلافة داعش المزعومة، يمكن اعتبارها هدفاً آخر للقمة الثلاثية في بغداد. في الحقيقة، إن انتشار الأيديولوجية التكفيرية في المناطق التي كانت في الغالب تعاني من الفقر وانعدام التنمية الاقتصادية، دفع الخبراء إلى التأكيد على الحاجة إلى المعالجة الاقتصادية وزيادة مستوی رفاهية السكان الذين مزقتهم الحرب، كعامل مهم في منع انتشار الأيديولوجية التكفيرية. وفي هذا السياق، وعلی الرغم من أن كلاً من مصر والأردن لا يملكان قدرات ماليةً کبيرةً، لكن المشاركة في إعادة البناء وتوقيع العقود المدنية بين الشركات المصرية والأردنية مع العراق، کانت على جدول أعمال المسؤولين السياسيين في الدول الثلاث. وفي هذا الصدد، أكد وزيرا الخارجية المصري والأردني في بيانهما الختامي على جهود بلديهما لتعزيز التعاون مع العراق في جميع المجالات، وأهمية تهيئة بيئة استثمار مستدامة ومنتجة تسهم في تعزيز الاستقرار والتنمية الإقليميين.

تعزيز التعاون العربي وتخفيف التوترات في المنطقة بمرکزية إيران

بالإضافة إلى الهدفين المذكورين أعلاه، يمكن تقييم الهدف الثالث للاجتماع على أساس المشاركة النشطة والدور الفاعل للحكومة العراقية. فعلى مدار العامين الماضيين، بذل المسؤولون العراقيون وعلى الرغم من الاتجاه السائد في البلدان العربية، جهودًا كبيرة لإزالة التوتر وحل القضايا الإقليمية في غرب آسيا. والعراق هو أحد أهم الدول العربية التي تؤکد على تعزيز العلاقات الإسلامية وتحسين العلاقات بين العرب وإيران. لذلك فقد أعلن العراق في الاجتماع الأخير مع مصر والأردن عن نيته حل القضايا الإقليمية على مستويين.

على المستوى الأول، ستعمل بغداد على تعزيز العلاقات العربية العربية. وفي هذا الصدد، أكد الرئيس العراقي “برهم صالح” بعد انتهاء لقاء وزراء الخارجية، وخلال اجتماعه مع “سامح شكري” و”أيمن الصفدي”، على أن أولوية العراق هي “إقامة علاقات مع الأشقاء في إطار سياسته المتمثلة في توسيع العلاقات مع الدول العربية والإسلامية”. وفي المستوى الثاني أيضًا، سعى العراق في القمة الأخيرة إلى إقناع مصر والأردن علی تغيير موقفهما من إيران والسعي لتوسيع التعاون مع طهران. فمن وجهة نظر بغداد، لا ينظر إلی إيران كدولة منافسة للعرب فحسب، بل يجب أيضًا احترامها كقوة إقليمية عظمى داخل العالم الإسلامي لا يمکن إنکارها. لذلك، ومن أجل حل القضايا الإقليمية وتخفيف التوترات، من الضروري لمصر والأردن كلاعبين مهمين في الجبهة العربية، زيادة علاقاتهما الدبلوماسية مع طهران.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق