الجيش السوري يبدأ عملياته العسكرية لتحرير إدلب
وقّعت الحكومة الروسية والتركية عام 2018 على اتفاقية “سوتشي”، لإيجاد مناطق منزوعة السلاح لتخفيف حدة التوترات شمال سوريا ووفقاًّ لتلك الاتفاقية فلقد تم الاتفاق على إنشاء منطقة منزوعة السلاح على عمق يصل إلى 5 كيلومترات بين قوات المعارضة السورية وقوات الجيش السوري، تسيطر عليها وحدات من الدوريات المتنقلة التابعة للجيش التركي والشرطة العسكرية الروسية.
عمليات وقف إطلاق النار التي لم تدم
أعلن مصدر عسكري سوري يوم الخميس الماضي عن موافقة القيادة العسكرية لوقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد في “إدلب” في حال التزم الإرهابيون بتطبيق اتفاق “سوتشي” .
ونقلت وكالة سانا السورية عن المصدر قوله: ” الموافقة على وقف إطلاق النار في المنطقة منزوعة السلاح بإدلب اعتباراً من ليلة يوم الخميس شريطة أن يتم تطبيق اتفاق سوتشي الذي يقضي بتراجع الإرهابيين بحدود ٢٠ كيلومتراً بالعمق من خط منطقة خفض التصعيد بإدلب وسحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة” .
وكان الجيش السوري قد بدأ خلال الشهر الفائت عملية عسكرية ضد الجماعات الإرهابية في المنطقة المنزوعة السلاح وذلك بعد فشل الضامن التركي في تطبيق اتفاق سوتشي وإخراج الجماعات المسلحة من المنطقة المتفق أن تكون منزوعة السلاح.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الميدانية السورية، بأن الجماعات الإرهابية واصلت خلال الأشهر الفائتة خرق اتفاق “سوتشي” ولم تقبل الخروج من المنطقة المنزوعة السلاح، وذلك من خلال شنّ هجمات على نقاط عسكرية للجيش السوري واستهداف القرى الآمنة بمئات الصواريخ والقذائف والتي راح ضحيتها عشرات المدنيين بين أطفال ونساء، فضلاً عن أضرار في الممتلكات العامة .
ونص اتفاق “سوتشي” الموقّع بين الرئيس الروسي بوتين والتركي أردوغان في عام 2018 على إنشاء منطقة منزوعة السلاح تتراوح بين 15-20 كم داخل مواقع سيطرة الجماعات الإرهابية في أرياف حماة وإدلب وحلب على أن تقوم الأخيرة بسحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة .
ولقد أعلن الجيش السوري، قائلاً: “نظراً لفشل الجانب التركي بالالتزام باتفاقية وقف إطلاق النار، فإن الجيش السوري سيستأنف عملياته العسكرية ضد الإرهابيين والرد على هجماتهم وذلك لأنه من واجب الجيش السوري حماية الشعب السوري وضمان أمنه”.
الخيار العسكري هو الطريقة الوحيدة لاستعادة “إدلب”
كما هو متوقع، يبدو أن الخيار العسكري هو السبيل الوحيد لاستعادة مدينة “إدلب” من أيدي الجماعات الإرهابية ولهذا فلقد اتخذ الجيش السوري قراره ببدء معركة شرسة في هذه المدينة، وفي وقتنا الحالي تبذل دمشق الكثير من الجهود لاستعادة مركز مدينة “إدلب” وعدد من ضواحيها ثم الانتقال شرقاً إلى الفرات لاستعادة السيطرة على تلك المناطق.
يذكر أن الإرهابيين المتمركزين في ضواحي مدينة دمشق والغوطة الشرقية والضواحي الغربية لمدينة دمشق والذين حفروا الكثير من الأنفاق والخنادق تحت الأرض لتخزين الكثير من معداتهم العسكرية لم يكونوا يعتقدون بأن الجيش السوري سوف يتمكّن من انتزاع تلك المناطق من بين أيديهم والسيطرة عليها.
وهنا تكشف العديد من المصادر الميدانية بأن الجيش السوري تمكّن من طرد الكثير من تلك الجماعات الإرهابية من تلك المناطق، ويستعد الآن لتحرير مدينة إدلب وطرد الإرهابيين الذي يختبئون فيها.
مدينة إدلب السورية
مدينة إدلب هي مركز محافظة إدلب الواقعة في شمال سوريا، يطلق عليها إدلب الخضراء لكثرة أشجار الزيتون فيها.
تقع إدلب إلى الجنوب الغربي من مدينة حلب وتبعد عنها 60 كم وعن اللاذقية 132 كم وعن دمشق 330 كم وعن حمص 168كم وعن حماة 105 كم.
مدينة إدلب هي المنطقة الإدارية الأولى في المحافظة (مركز المحافظة)، يوجد بها العديد من الأماكن الأثرية المميزة وبها متحف إدلب الغني والمميز بآثار محافظة إدلب العريقة.
الجماعات الإرهابية الموجودة في مدينة “إدلب”
تعيش الكثير من الجماعات الإرهابية في مدينة “إدلب”، ومن أبرز تلك الجماعات، “هيئة تحرير الشام”، التي غيّرت اسمها لتصبح “جبهة النصرة”.
ومن المجموعات الأخرى، جماعة جيش “البادية” و”الملاحم”، وهما مجموعتان صغيرتان تقاتلان في جنوب مدينة إدلب.
وحزب التركستاني الإسلامي، يعدّ هو الآخر جماعة إرهابية مرتبطة بتنظيم القاعدة، ولقد تم تشكيلها في مقاطعة “شينجيانغ” بشمال غرب الصين ولكنها موجودة الآن في سوريا.
وجماعة تنظيم “داعش” هي الأخرى تسيطر على عدد من القرى والبلدات بين مدينتي حماة وإدلب.
وهناك أيضاً مجموعات أخرى، مثل “أحرار الشام”، التي سيطرت على الكثير من مناطق مدينة إدلب والحركة المعروفة باسم “نور الدين زنكي”، وجيش الأحرار، وفيلق الشام، وجيش العزة، هي الأخرى تسيطر على عدد من مناطق مدينة إدلب السورية.
بدء العد التنازلي لتحرير مدينة إدلب السورية
مع بدء العد التنازلي لهجوم موسّع تشنّه القوات السورية بدعم وغطاء جوي روسي، لإعادة السيطرة على مدينة إدلب، آخر أبرز معاقل الجماعات الإرهابية المسلّحة وجّه “روبرت فورد”، آخر سفراء أمريكا في دمشق نصيحة صادمة لتلك الجماعات الإرهابية، حيث قال: “لا تنتظروا شيئاً من واشنطن، فأمريكا غير مستعدة للمخاطرة بحرب عالمية ثالثة ولن تتدخل لوقف القصف السوري الروسي على مدينة إدلب”.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية، بأن هناك ثلاث عقبات أمام العمل العسكري في إدلب: أولاً، البعد الإنساني، حيث يحاول الجيش السوري تحرير مدينة إدلب من دون تدخل عسكري، وذلك لأنه يهتم كثيراً بأرواح المدنيين.
ثانياً، تحاول الجماعات الإرهابية شنّ هجمات كيماوية وقتل أعداد كبيرة من المدنيين وإثارة الرأي العام الدولي ضدّ دمشق، وثالثاً، اللعبة التركية التي تحاول تعريف نفسها بأنها مناصرة للشعب السوري الذي يعيش في مدينة إدلب.
وهنا يمكن القول بأن تحرير مدينة “إدلب” من أيدي الجماعات الإرهابية، سوف يزيل ورقة ضغط تلك الجماعات الإرهابية ومؤيديهم عن كاهل الحكومة السورية.
ومع تحرير مدينة “إدلب”، ستتمكن الحكومة السورية من إعادة الأوضاع في هذه المدينة إلى حالتها التي كانت تعيش فيها ما قبل الأزمة، وهذا يعني أن أولئك الذين شنّوا حرباً لعدة سنوات ضد سوريا سيعودون خالين الوفاض وأن حكومة دمشق ستربح الحرب في نهاية المطاف.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق