التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

السعودية والإمارات تغيران بوصلتهما نحو إيران.. هل سترجع العلاقات بينهم كسابق عهدها؟ 

سلّطت الكثير من وسائل الإعلام العربية والغربية الضوء خلال الأيام القليلة الماضية على التغّير المفاجئ الذي طرأ على مواقف السعودية والإمارات تجاه إيران.

ولفتت تلك الوسائل الإعلامية بأن قادة الرياض وأبوظبي قاموا خلال الأسابيع الماضية باتخاذ بعض المواقف التي من شأنها أن تُعيد علاقاتهم الطيبة مع طهران إلى سابق عهدها.

وفي السياق ذاته، أعلن “أنور قرقاش”، وزير خارجية الإمارات المعروف باتخاذه مواقف متطرفة وصارمة ضد طهران، في تعليق على حسابه في “تويتر” أن أبوظبي والرياض تفضلان اتباع نهج سياسي تجاه إيران بدلاً من المواجهة العسكرية.

وفي خطوة اعتبرها الكثيرون بأنها أول علامة إماراتية إيجابية لتحسين العلاقات مع جارتها إيران، وصل وفد من خفر السواحل الإماراتي يوم الثلاثاء الماضي إلى العاصمة الإيرانية طهران لبحث التعاون الحدودي بين البلدين.

وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية، بأن زيارة الوفد الإماراتي تأتي في إطار المشاركة في الاجتماع السادس المشترك لخفر السواحل الإيراني والإماراتي وسيبحث الاجتماع كذلك تنقّل الأجانب بين البلدين، والدخول غير الشرعي عبر الحدود البحرية، إضافة إلى تسريع وتسهيل تبادل المعلومات الأمنية بين الجانبين.

وتأتي زيارة الوفد الإماراتي المكوّن من سبعة أفراد من خفر السواحل، في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متصاعدة، بالإضافة إلى سعي أمريكا والاتحاد الأوروبي إلى تشكيل تحالفات بحرية عسكرية لمواجهة إيران.

وفي السياق ذاته، كشفت بعض المصادر الإخبارية يوم أمس الثلاثاء أن اثنين من البنوك الإماراتية أبديا استعدادهما للتعاون المالي مع إيران، ولفتت تلك المصادر إلى أن البنوك في دولة الإمارات أعلنت بأنها مستعدة لمعالجة المعاملات التجارية الإيرانية في ظل العقوبات التي وضعت قيوداً على وصول إيران إلى الخدمات المالية غرب آسيا.

وفي السياق ذاته، كشفت العديد من المصادر الإخبارية، بأن المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة “عبد الله المعلمي”، أعرب بأن بلاده لا تريد حرباً مع إيران وكشف السفير السعودي، أن هناك اتصالات جرت مع طهران من خلال مؤتمر القمة الإسلامية الذي عقد في مكة المكرمة، مطلع يونيو الماضي.

وأضاف “المعلمي”، إن بلاده على استعداد للدبلوماسية في التعامل مع إيران، مستدركاً بالقول، لكن ذلك يحتاج إلى أرضية مشتركة.

وقبل عدة أيام رحّب وزير الحج السعودي “محمد صالح بن طاهر”، باستئناف إيفاد الزوار الإيرانيين إلى الحج والعمرة وتعهّد بمتابعة ملف تدشين ممثلية إيرانية في سفارة سويسرا شخصياً.

وصرّح الوزير السعودي بأن المملكة تسعى لتوفير أجواء أفضل وإمكانيات أكثر ترافق الحجاج الإيرانيين، مضيفاً أنه شدد على ضرورة التصرف اللائق مع كل الزوار خلال عمليات التفقد والتفتيش التي تشملهم، لافتاً إلى أن تأشيرات الدخول السعودية ستصدر إلكترونيا للزوار الإيرانيين فقط.

إن النقطة المميزة في كل هذه الأحداث، هي أن هذه الأحداث وقعت بشكل متتالٍ على مدار الأيام الماضية، ما يشير إلى وجود خطة واضحة لتغيير النهج السعودي والإماراتي تجاه إيران.

ولربما أحد أسباب هذا التحوّل هو تحركات إيران الأخيرة في المنطقة لمواجهة أطماع أمريكا، وخاصة أطماع الرئيس “دونالد ترامب” في المنطقة.

وهنا يمكن القول أيضاً بأن عملية إسقاط الطائرة التجسسية الأمريكية على أيدي أبطال الحرس الثوري الإيراني وعدم تمكّن القادة في واشنطن من القيام بشيء حيال هذه القضية وانسحاب “ترامب” من اتخاذ أي ردّ عسكري، قد دفع القادة العرب إلى التفكير مجدداً حول علاقاتهم مع طهران التي أصبحت قوة لا يُستهان بها في المنطقة.

ومن الأسباب الأخرى التي دفعت الإمارات للانسحاب من موقفها المعادي لإيران والبدء ببناء علاقات طيبة مع طهران، يتمثل في تورّط أبوظبي في الأزمة اليمنية منذ خمس سنوات وتكبّدها للكثير من الخسائر المالية والمادية، الأمر الذي أجبرها مؤخراً على الإعلان عن انسحابها التدريجي من اليمن.

وهنا تؤكد العديد من المصادر الميدانية الإماراتية، بأن الامارات لم تستفد من مشاركتها في هذه الحرب العبثية التي قامت بها السعودية وعدد من البلدان العربية على اليمن، وإنما على العكس من ذلك فلقد جلبت لهم تلك الحرب الكثير من الويلات، حيث نفّذت القوة الجوية التابعة لأبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية العديد من الضربات الموجعة ضد أهداف داخل الإمارات، الأمر الذي زاد من خوف شيوخ الإمارات على البنية التحتية والاقتصادية للبلاد، ولهذا فلقد أعلنت الإمارات عن انسحابها التدريجي من اليمن قبل عدة أسابيع، وتُظهر هذه الإجراءات الإماراتية بأن أبو ظبي قبلت واقعها الأليم في اليمن وتحاول حالياً الخروج بماء وجهها من هذا البلد وترك السعودية وحدها في اليمن والتّقرب من إيران.

وفي سياق متصل، كشفت الحكومة الإيرانية على لسان وزير الخارجية الإيراني “محمد جواد ظريف” قوله، إن إيران مستعدة للحوار مع السعودية، إن كانت الأخيرة مستعدة لذلك.

مضيفاً، إنه في حال غيّرت السعودية والبحرين والإمارات سياساتها، وتوقفت عن التدخل في شؤون الدول الأخرى، فإننا مستعدون لإقامة علاقات جيدة معها، وذكر بأن الأمر يتطلب فقط قبول حقيقة أننا جميعاً بحاجة إلى توفير الأمن الخاص بنا على المستوى الإقليمي، لا يمكننا شراء الأمان من الخارج، وأعرب قائلاً: “مازلنا مستعدين للحوار، الحوار يخدم المنطقة ودولها، إن حصار بلد في مجلس التعاون من قبل ثلاث دول أخرى في هذا المجلس ليس أمراً صائباً، يجب أن نعزز الحوار في المنطقة، ونعتقد بضرورة أن تتحاور إيران والعراق والدول الست في مجلس التعاون”.

وعلى الرغم من أن بعض المحللين يعتقدون أن هذا التغيير في النهج يرجع إلى أن السعودية والإمارات تستندان إلى أوامر من أمريكا لتقسيم الأدوار فيما بينهما مع إيران، من أجل خفض مستوى التوترات في المنطقة، إلا أنه مهما يكن سبب هذا التغيير في السلوك، فإنه سيؤدي إلى حدوث تطورات ملموسة في المنطقة، وهنا ينبغي ألّا نتجاهل الدور الإيراني وتأثيره على التطورات الحالية في منطقة الشرق الأوسط.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق