ماذا يحدث في اليمن؟
في اواخر الأسبوع الماضي، حدث صراع دموي بين الفريقين السياسيين في جنوب اليمن ما ادى إلى سقوط مواقع حكومية، وقد عرضت الصراعات الأخيرة كامل أراضي اليمن للخطر، وتركت خلفها مستقبل التحالف السعودي_الاماراتي مبهم وغير واضح.
ما حدث مؤخرا في جنوب اليمن أعاد الصراع داخل اليمن إلى الواجهة الاعلامية، ولفهم أهمية التطورات في عدن بشكل أفضل، يحتاج المرء أولاً إلى إلقاء نظرة على الشكل العام للقوات في اليمن، وخاصة في الجنوب. لقد تعرضت اليمن منذ عام 2015 إلى حرب مدمرة وخلال هذه الحرب ظهرت مجموعات عديدة لها مصالح متعارضة فيما بينها، ولكن وفي بعض الأحيان اتحدت هذه المجموعات فيما بينها لمصالح آنية، وما حصل في عدن كان مثالا حيا على ذلك.
في العام 2014 دخل “أنصار الله” الى صنعاء، ومن خلال التعاون مع علي عبدالله صالح تمكنوا من استلام زمام الأمور في المحافظة، في ذلك الوقت كان عبد ربه منصور هادي، رئيس جمهورية اليمن، وبعد أن استقال اصبح راضخا لإملاءات آل سعود، هنا السعودية بدأت بتسويق فكرة مفادها ان منصور هادي استقال تحت ضغط “انصار الله” ولكي يعود إلى صنعاء، شكلت السعودية تحالفا من حوالي 10 دول وبدأت بحملة عسكرية ضد اليمن.
هذه الحملة لا تزال قائمة حتى الآن وشكلت أسوء فاجعة انسانية في العالم، وخلال هذا الصراع انفصل علي عبد الله صالح عن “أنصار الله” ليقتل بعد ذلك، ولكن هذا لم يؤدي إلى خروج صنعاء من تحت سيطرة “انصار الله”، لتكون النتيجة خروج جميع الدول من تحالف السعودية عدا الامارات، وبسبب عجز الامارات والسعودية عن استعادة صنعاء اتخذوا من عدن عاصمة مؤقتة لليمن، ولكن التحولات الاخيرة تظهر ان عدن سيبقى عاصمة ولكن ليس لليمن ككل ولكن لجنوب اليمن الذي يحاولون عزله عن كل اليمن.
الصراع في جنوب اليمن
في جنوب اليمن هناك العديد من المجموعات والتيارات السياسية، ولكن هناك مجموعتين تعدان اقوى من بقية المجموعات: مجموعة ما يسمى بـ”الحكومة الشرعية” بقيادة عبد ربه منصور هادي الذي توفر له السعودية الحماية، المجموعة الثانية باسم “المجلس الانتقالي الجنوبي” وتسعى هذه المجموعة لفصل جنوب اليمن وتأسيس دولة جديدة. هذه المجموعة تحميها الامارات. هاتين المجموعتين دخلتا في حرب دموية منذ عدة ايام لتكون النتيجة خاسرة الفريق الاول وانتصار الفريق الثاني.
هذا الصراع بين الفريقين أظهر بشكل لايدعو للشك حجم الصراع بين الامارات والسعودية، على اعتبار ان هاتين الدولتين تقتسمان حماية هذين المجموعتين بالتساوي.
خلال الصراع الاخير سيطرت قوات “المجلس الانتقالي الجنوبي” على العديد من القواعد العسكرية والمراكز الادارية وكذلك القصر الرئاسي في عدن، واعتبر عبد ربه منصور هادي ان ما يجري يعد انقلاب على دولة القانون، وقالت وزارة الخارجية في بيان لها: “ما يفعله المجلس الانتقالي في عدن، العاصمة المؤقتة، هو انقلاب على مؤسسات الدولة الشرعية”.
انقسام في التحالف السعودي
أثار ارتفاع الاشتباكات في عدن تكهنات بشأن النزاع الإماراتي السعودي. خاصة وأن دولة الإمارات العربية المتحدة أقدمت على عدة تصرفات في الأشهر الأخيرة لتحسين السياسة الخارجية للبلاد.
في خطوة غير متوقعة، أعلنوا انسحابهم من اليمن وأرسلوا عدة وفود سرية إلى طهران لتحسين العلاقات مع إيران.
ما حصل في عدن، في الواقع، أحدث علامة على الانقسام بين السعودية والإمارات. ووصل النزاع إلى النقطة التي تستهدف فيها القوات السعودية مباشرة القوات التي تدعمها الإمارات في عدن.
لهذا السبب، يعتقد بعض المراقبين أن التوترات في عدن هي في الحقيقة حرب إماراتية سعودية بغطاء يمني.
هل ينقسم اليمن؟
حتى عام 1990 كان اليمن مجزأ إلى يمن شمالي يحمل اسم “الجمهورية العربية اليمنية” ويمن جنوبي يحمل اسم “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية”، وقد اتحد هذين البلدين في عام 1990 وانتخب علي عبدالله صالح رئيسا للبلاد حينها.
لكن على الرغم من هذا التحالف، لم تختف المشاعر الانفصالية في جنوب اليمن تمامًا. مع بداية الحرب اليمنية في عام 2015، رأى الانفصاليون الجنوبيون فرصة لتحقيق تطلعاتهم. لكن هل سينجحون في إنشاء دولة أخرى في جنوب اليمن مرة أخرى؟
من الواضح أن بعض الدول، وخاصة الإمارات العربية المتحدة، تدعم إنشاء دولة جديدة في جنوب اليمن؛ وحتى المملكة العربية السعودية، التي يبدو أنها تعارض الآن الانفصاليين، لم يكن لديها رأي إيجابي بشأن توحيد اليمنيين الشماليين والجنوبيين.
لكن اليوم، أصبح الوضع في اليمن أكثر تعقيدًا بسبب الحرب. إذا نجح مجلس الجنوب الانتقالي في إحياء بلد اليمن الجنوبي، فإن جهود المملكة العربية السعودية لإعادة هادي إلى صنعاء وطرد “انصار الله” من هناك ستكون أكثر صعوبة.
لأن هادي هو أحد السياسيين في جنوب اليمن، وإذا تم تقسيم الجزء الجنوبي من اليمن، فلن يقبله أحد في شمال اليمن كرئيس. لهذا السبب، ربما لن توافق المملكة العربية السعودية على فصل جنوب اليمن على المدى القصير.
المصدر/ الوقت