تحرير “خان شيخون” من الإرهابيين.. هل سيؤدي إلى انهيار الاتفاق الأمريكي التركي بشأن المنطقة المنزوعة السلاح
مع تصاعد النزاع بين أمريكا وتركيا حول المنطقة المنزوعة السلاح ومساحتها شمال شرق سوريا، وقيام الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، بهجوم أحادي وعسكري على المنطقة لإجبار أمريكا على الإسراع في تنفيذ ذلك الاتفاق، تمكّنت قوات الجيش السوري من تحرير خمس قرى في ضواحي مدينة إدلب من أيدي الجماعات الإرهابية وأصبحت الآن على بُعد 3 كيلومترات من مدينة “خان شيخون” الاستراتيجية.
ويهدف هذا التقدّم السوري المدعوم من قبل قوات الجيش الروسية إلى قمع جماعة “جبهة النصرة” الإرهابية وغيرها من الجماعات التابعة لها في المنطقة، فضلاً عن استعادة الطريق الدولي الذي يربط العاصمة السياسية دمشق بالمناطق الشمالية الغربية السورية.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن قوات الجيش السوري شنّت خلال الأيام القليلة الماضية العديد من العمليات العسكرية وأطلقت الكثير من الصواريخ والقذائف المدفعية على مناطق الإرهابيين جنوب محافظة “إدلب” وتمكّنت من الوصول إلى الضواحي الشمالية لمدينة “خان شيخون” الاستراتيجية.
ولفتت تلك المصادر بأن قوات الجيش السوري بذلت الكثير من الجهود يوم الخميس الماضي لمحاصرة مدينة “خان شيخون” التي تقع على طريق سريع رئيس، يمرّ بمحافظة “إدلب” ويربط بين مدينتي دمشق وحلب، وأشارت تلك المصادر إلى أن القوات السورية تتقدم ميدانياً منذ ثلاثة أيام، وباتت على مسافة ثلاثة كيلومترات من “خان شيخون” من الجهة الشمالية الغربية، وذلك بعدما سيطرت يوم الخميس الماضي على خمس قرى قريبة منها.
وتكتسب مدينة “خان شيخون” أهمية استراتيجية كبيرة نظراً لإشرافها على الطرق الحيوية، ما يجعل منها نقطة وصل بين أرياف “إدلب” الشرقية والغربية والشمالية، كما تعدّ السيطرة عليها الخطوة الأولى في إعادة فتح الطريق الحيوية التي تصل بين العاصمة الاقتصادية حلب والسياسية دمشق، ومن الناحية العسكرية فإن سيطرة الجيش السوري على مدينة “خان شيخون” ستمهّد الطريق أمام قواته لتحقيق مكاسب وإنجازات كبيرة على الأرض باتجاه “التح” و”كفرسجنة” و”معرة النعمان”.
وفي سياق متصل، ذكر مصدر ميداني، بأن استراتيجية “الالتهام التدريجي” التي اتبعها الجيش السوري حققّت نجاحات ميدانية متعددة، حيث أعرب عدد من المراقبين والخبراء العسكريين بأن الجيش السوري سيتمكّن من السيطرة على بلدة “خان شيخون” المحاصرة من جميع المحاور في غضون أيام قليلة.
يذكر أن القيادة الروسية وضعت حدّاً لهذه المسألة وقرّرت أن تضع كل ثقلها العسكري لدعم خطة الجيش السوري لاستعادة محافظة “إدلب” من أيدي الجماعات الإرهابية وهنا تجدر الإشارة إلى أن هناك ثلاثة أسباب وراء هذا التغّير في النهج:
أولاً: قامت جبهة النصرة الإرهابية قبل أسبوعين باستهداف قاعدة “حميميم” الجوية الروسية الواقعة في منطقة اللاذقية بعدد من الصواريخ وطائرات من دون طيار.
ثانياً: فشل كل المفاوضات مع تركيا في إقناعها بالوفاء بالتزاماتها للتوصل إلى حلّ سياسي مع جبهة النصرة والجماعات الأخرى المتحالفة معها.
ثالثًا: اقتراب موعد انتهاء عمل لجنة مراجعة الدستور السوري، التي تستند إلى مؤتمر “سوتشي”، وكذلك رغبة روسيا في لعب دور المراقب لإزالة العقبات التي تقف حجر عثرة أمام عملية التوصل إلى حلّ سياسي.
وفي سياق متصل، كشف مصدر ميداني، بأن عملية إسقاط مقاتلي “جبهة النصرة” الإرهابية لمقاتلة “سوخوي 22” التابعة للجيش السوري على مشارف مدنية “إدلب” والقبض على طيارها، يمكن أن يكون تطوّراً بالغ الخطورة، لأنه حتى اللحظة لم تتضح بعد كيف تمكّن أولئك الإرهابيين من إسقاط تلك الطائرة وما هي نوع الصواريخ أو المدفع التي تم استخدامها ومن أين حصلوا على ذلك النوع من الأسلحة؟.
إن مخاوف الحليفين الروسي والسوري هي أن يكون مصدر تلك الصواريخ، تركيا أو قطر، وإذا كان ذلك صحيحاً، فإن ذلك الأمر سيخلق موسماً جديداً من التوتر في المنطقة، وذلك لأن هذين الحليفين بذلا الكثير من الجهود خلال الفترة الماضية لإعادة الأمن والأمان لسوريا.
وإذا أثبتت المعلومات أن مصدر الأسلحة الجوية التي تم استخدامها لإسقاط الطائرة الحربية السورية، هي أمريكا أو تركيا أو قطر، فهذا يعني انهيار جميع الخطوط الحمراء والاتفاقيات الروسية الأمريكية المنفصلة مع تركيا، ومما لا شك فيه بأن هذا الأمر سيكون له عواقب وخيمة قد تصل إلى الدخول في نزاعات عسكرية في المنطقة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن العملية العسكرية التي يقوم بها الجيش السوري لاستعادة السيطرة على مدينة “خان شيخون” الاستراتيجية هي خطوة أساسية للمضي قدماً في معركة أكبر، لاستعادة السيطرة على مدينة “إدلب”، بدعم ومساندة من القوات الروسية، ومما لا شك فيه بأن قوات الجيش السوري سوف تشنّ العديد من الهجمات العسكرية الشرسة على مواقع الجماعات الإرهابية خلال الأيام القليلة القادمة، وما قد يزيد الطين بلة أن هذه العمليات العسكرية قد تجبر الرئيس التركي “أردوغان” على إنشاء جبهة جديدة في شمال شرق سوريا، وإذا ما قرّر الجيش السوري غزو مدنية “إدلب”، فإن تلك الجبهة ستكون بمثابة ملاذ آمن للاجئين السوريين الجدد الذين سينزحون من مدينة “إدلب” وستكون خياراً آخر لهم لعدم مهاجمة الحدود المغلقة مع تركيا، وهنا يمكن القول بأنه يبدو أن قرار الجيش السوري قد اتخذ بالفعل وبدأت عملية التنفيذ الميداني والتي حققت خلال الأيام الماضية الكثير من النجاحات على الساحة الميدانية السورية.
المصدر/ الوقت