هل ستنخرط تركيا في حرب مع روسيا في محافظة “إدلب” السورية؟
كتبت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية التي تتخذ من موسكو مقرا لها في تحليل نشرته قبل عدة أيام: “عادت العلاقات الروسية التركية إلى حالة التوتر مرة أخرى. إن أنقرة الحليفة للولايات المتحدة، تعارض بشدة خطط موسكو ودمشق لاستقرار الوضع في المنطقة المنزوعة السلاح في مدينة “إدلب” السورية. ولقد تحدث المسؤولون في وزارة الدفاع التركية ووزارة الخارجية الأمريكية في الأيام الأخيرة حول هذه القضية. ووفقًا للخبراء، فإن الوضع قد يصل إلى حد نشوب حرب شاملة في محافظة “إدلب” بين القوات السورية والقوات التركية، ومن المحتمل أن تقف روسيا إلى جانب حليفتها دمشق وتدخل في نزاعات مسلحة مع الاتراك في هذه المحافظة”.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الاخبارية، بأن الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” عقد اجتماع يوم الاثنين الماضي مع نظيره الفرنسي “إيمانويل ماكرون”، بحثا خلاله الوضع في سوريا، بما في ذلك تشكيل اللجنة الدستورية وعودة اللاجئين. كما تبادلا الرئيسان الآراء حول آفاق التسوية في الازمة السورية ودعا الرئيس الفرنسي خلال ذلك الاجتماع إلى الالتزام بالهدنة في مدنية “إدلب” السورية، قائلاً “أنا أعبر عن قلقي البالغ مما يجري في إدلب. الأطفال يقتلون والمدنيون يتعرضون للقنابل. من المهم للغاية التقيد بوقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه في سوتشي”. وفي المقابل جاء رد الرئيس الروسي بأن بلاده دعمت عمليات الجيش السوري في مدينة “إدلب”، لوضع حد للتهديدات الإرهابية، لافتًا إلى استمرار دعمه المقدم للقوات السورية حتى إشعار آخر. يذكر أن الاتفاق الذي توصلت إليه روسيا وتركيا في “سوتشي” في سبتمبر/أيلول 2018 بشأن مدينة “إدلب”، ينص على إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 إلى 20 كيلومترًا تفصل بين مناطق سيطرة قوات النظام والفصائل، كما يقضي بسحب جميع الفصائل المسلحة لأسلحتها الثقيلة والمتوسطة والانسحاب من المنطقة المعنية.
وتجدر الاشارة هنا بأن العديد من وسائل الاعلام الغربية وتلك التابعة للجماعات الارهابية في سوريا، كشفت مؤخراً عن قيام السلطات التركية بتقديم الدعم المالي واللوجستي لتلك الجماعات الارهابية المنتشرة في مدينة “إدلب” وقامت خلال السنوات الماضية بقديم الكثير من العتاد العسكري لتلك الجماعات مما ساعدها على البقاء والصمود في تلك المناطق. وحول هذا السياق، هاجم الرئيس “بوتين” نظيره التركي “رجب طيب أردوغان” بطريقة ضمنية ذكية، إذ قال قبيل انطلاق مباحثاته مع الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” إنه سيتحدث عن سوريا بالتأكيد، وأضاف أنه يود الإشارة إلى أنه حين توقيع اتفاقية “سوتشي” حول إدلب بين بلاده وتركيا، والتي كانت تقضي بإقامة منطقة منزوعة السلاح في “إدلب”، كان الإرهابيون وقتها يسيطرون على نصف مساحة محافظة “إدلب” في حين أنهم يسيطرون الآن على تسعين بالمئة من أراضي المحافظة، لافتا أن هجماتهم مستمرة.
واعتبر الرئيس الروسي أن الأمر الأكثر خطورة هو نقل المسلحين من “إدلب” إلى مناطق أخرى في العالم، لافتا أنه أمر خطير للغاية، وتحدث عن محاولات استهداف قاعدة “حميميم” الروسية أكثر من مرة عبر هجمات وطائرات مسيرة انطلاقا من الإرهابيين في “إدلب” السورية، وقال إن روسيا تدعم جهود الجيش السوري في ما يخص العمليات على النطاق المحلي لاحتواء تلك المخاطر الإرهابية.
وفي سياق متصل، كشفت العديد من المصادر الاخبارية التابعة للجماعات الارهابية، بأن طائرات حربية تابعة لسلاح الجو السوري والروسي قامت باستهداف رتل عسكري تركي بالقرب من مدينة “خان شيخون” ولكن وزارة الدفاع التركية لم تؤكد هذه الاخبار واكتفت بالقول أن هذه الحادثة تتعارض مع ما تم الاتفاق عليه بين انقرة وموسكو في “سوتشي” حول سوريا. وكانت وزارة الدفاع التركية قد ذكرت أن ضربة جوية على الرتل العسكري التركي، التي وقعت الاثنين، أسفرت عن مقتل 3 مدنيين، مع تحرك الآليات جنوبا صوب نقطة المراقبة. وادعت الوزارة أن تركيا أرسلت الرتل للإبقاء على طرق الإمدادات مفتوحة، وتأمين موقع المراقبة، وحماية المدنيين، بعد هجوم للجيش السوري في المنطقة. وقال “تشاووش أوغلو” وزير الخارجية التركي: “على النظام السوري ألا يلعب بالنار.. وسنفعل كل ما يلزم من أجل سلامة جنودنا”.
ومن جهتها، ندّدت وسائل إعلام تابعة للنظام السوري، بدخول رتل عسكري تركي إلى جنوب محافظة إدلب، واعتبرت أن الآليات المدرعة التركية محملة بالذخائر في طريقها إلى خان شيخون لنجدة الإرهابيين المهزومين. وذكر الإعلام السوري أن الآليات دخلت سوريا اليوم لمساعدة متشددين في بلدة خان شيخون يواجهون تقدم الحكومة. ووصفت سوريا هذا التحرك بأنه “عمل عدواني”. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية “سانا” عن مصدر رسمي في وزارة الخارجية قوله إن “هذا السلوك العدواني للنظام التركي لن يؤثر بأي شكل على عزيمة وإصرار جيش النظام السوري على الاستمرار في مطاردة فلول الإرهابيين في خان شيخون وغيرها حتى تطهير كامل التراب السوري من الوجود الإرهابي”.
دعم تركيا الواضح للإرهابيين يمكن أن يؤدي إلى حدوث اشتباكات بينها بين القوات السورية والروسية
يعتقد الخبير العسكري الروسي العقيد “يوري نيتكاتشيف”، أن مدنية “إدلب” قد تكون ورقة الرئيس التركي الرابحة في الازمة السورية ولهذا فإن أنقرة لا تريد أن تخسر هذه الورقة وخلال حديثه مع بعض وسائل الاعلام، قال هذا العقيد الروسي: “لسوء الحظ، إن تركيا تشن حملات شرسة ضد قوات الحكومة السورية في منطقة إدلب ومن المتوقع أن يرتفع مستوى الاشتباكات بين الجيش السوري والتركي، وقد يدخل الجيش الروسي في خط المواجهة”.
وأشار هذا الخبير العسكري، إلى أن القوات التركية وجماعاتها المسلحة الارهابية في سوريا، أطلقت النار نحو الطائرات الروسية التي كانت تجوب في السماء السورية. وفي الآونة الأخيرة، قامت القوات التركية باطلاق النار على موقع نشر المراقبين العسكريين الروس. ويعتقد هذا الجنرال الروسي السابق أن هناك طريقتين للخروج من الوضع الحالي: الأول هو تنفيذ عملية عسكرية حاسمة من قبل الجيش السوري لتطهير المنطقة بالكامل من وجود إرهابيين، والثاني هو إيقاف العملية العسكرية بالكامل وبدء المفاوضات.
المصدر/ الوقت