جولة أوروبية لوزير الخارجية محمد جواد ظريف؛ ما هي الأهداف؟
الوقت- تعد زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى الدول الإسكندنافية وفرنسا في نهاية الأسبوع الماضي، إحدى الخطوات الجديدة للجهاز الدبلوماسي الإيراني علی المستوی الدولي، والتي جذبت اهتمام العديد من المراقبين. وتأتي هذه الزيارة بعد أن أدرجت الإدارة الأمريكية الشهر الماضي محمد جواد ظريف في قائمتها للعقوبات، وكان هناك الكثير من الدعاية الإعلامية بشأن إنشاء تحالف بحري تقوده واشنطن في الخليج الفارسي.
بعد وضع اسم وزير الخارجية الإيراني في قائمة العقوبات الأمريكية، توقع مسؤولو البيت الأبيض أن هذه الخطوة ستقوض القوة الدبلوماسية الإيرانية في العالم وتمهد الطريق لعزل إيران دولياً، ولكن على عكس توقعات مستشاري دونالد ترامب،لم تنعزل الدبلوماسية الإيرانية فحسب، بل إن استضافة رئيس الجهاز الدبلوماسي الإيراني في قطر والكويت، ثم استضافته من قبل الدول الأوروبية، قد أظهرت شيئًا مخالفًا لتوقعات واشنطن.
لقد زار محمد جواد ظريف فنلندا أولاً ثم غادر إلى السويد ووصل في آخر محطة له في شمال أوروبا إلى النرويج للقاء سلطات هذا البلد. وفي الجزء الأكثر أهميةً من جولة ظريف الأوروبية، انتقل إلی باريس والتقی بكبار المسؤولين الفرنسيين بمن فيهم الرئيس إيمانويل ماكرون.
مفاوضات ظريف في قلب أوروبا حول الملف النووي
لا شك أن أهم جانب من جوانب زيارة محمد جواد ظريف والذي تهتم الدول الأوروبية بمناقشته، يرتبط بالاتفاق النووي واستمراره. وقد أصبحت هذه القضية أكثر أهميةً بالنسبة للأوروبيين عندما خفضت إيران على مرحلتين جزءًا من التزاماتها تجاه هذا الاتفاق، لذلك تحاول الدول الأوروبية جاهدةً إقناع إيران بالبقاء في هذا الاتفاق الدولي.
الأهمية الکبيرة التي تحظی بها هذه القضية قد انعکست في تغريدات وزير الخارجية الإيراني والتي لم تخل واحدة منها من الإشارة إلی الاتفاق النووي والمفاوضات المتعلقة به.
أثناء زيارة ظريف إلى فنلندا، كتب وزير الخارجية على تويتر قائلاً: کانت هناك لقاءات مثمرة مع الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي ورئيس فنلندا ووزير الخارجية ووزير التجارة. لقد ناقشنا ما يجب على الاتحاد الأوروبي القيام به بشأن الاتفاق النووي والحفاظ على مصالحه في حرية الملاحة.
وفي تغريدة أخرى حول اللقاء مع السلطات السويدية، قال: في محطتي الثانية من جولتي الاسكندنافية، قابلت رئيس الوزراء ووزير الخارجية والمتحدث ورئيس الوزراء السويدي السابق (كارل بيلت). لقد أجرينا محادثات جيدة حول المصالح المتبادلة والطرق الهادفة للحفاظ علی الاتفاق النووي.
كذلك، كتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على صفحته على تويتر حول زيارته إلى النرويج تغريدةً قال فيها: كانت نهاية الجولة الاسكندنافية مثمرةً. في النرويج، التقيت برئيسة الوزراء “إيرنا سولبرج” ووزيرة الخارجية “إريكسون سوريد” ووزير الصناعة والتجارة وأعضاء آخرين في البرلمان. وفي المعهد النرويجي للشؤون الخارجية، أكدت على مبدأ التعددية والقانون، في ظل حقبة الأحادية الأمريكية هذه.
التسريع في تفعيل انتكس
أما المحور الثاني من جولة ظريف الأوروبية فيمكن تقييمه بأنه مرتبط بالآلية المالية “إنتكس”.
في الواقع، ونتيجةً للخلافات بين إيران وأوروبا حول الالتزام بالاتفاق النووي بعد انسحاب الولايات المتحدة، وضعت على جدول الأعمال آلية مالية تدعی إنتكس.
هذه الآلية أيضًا واجهت بعض المشكلات، وكان لإيران خلاف مع الأوروبيين حول كيفية العمل ونوع التبادلات المالية لإنتكس مع الدول الأوروبية. وفي الواقع، تحدت إيران الآلية الأوروبية بشأن نوع وظيفة إنتكس فيما يتعلق باستراتيجية النفط مقابل الغذاء والدواء.
لم يكن مقبولاً لطهران بأي حال من الأحوال أن تختص هذه الآلية المالية برأس المال الإيراني وأن يکون مجال عملها الطعام والدواء فقط بدلاً من العملة الصعبة. نتيجةً لذلك، يحاول محمد جواد ظريف الضغط على الأوروبيين لتفعيل إنتكس من ناحية، ومن ناحية أخرى، أن تتضمن هذه الآلية المطالب التي تؤکد عليها إيران.
دراسة المقترحات الفرنسية لحل أزمة الحفاظ على الاتفاق النووي
يمكن تقييم الهدف الأكثر أهميةً لجولة ظريف الأوروبية هو دراسة مقترحات الحكومة الفرنسية للحفاظ على الاتفاق النووي. وفي هذا الصدد، أعلن وزير الخارجية يوم الخميس الماضي أن الجمهورية الإسلامية ستدرس المقترحات الفرنسية للحفاظ علی الاتفاق النووي.
وقال ظريف إنه حريص على إجراء محادثات جادة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس يوم الجمعة. وأضاف: لقد قدمت مقترحات من الجانبين الايراني والفرنسي وسنناقشها غداً.
في الحقيقة، تعتبر إيران في الوضع الحالي أن التفاوض هو موقف منطقي وصحيح، ولا ينبغي تجاهله تحت أي ظرف من الظروف.
فشل الإستراتيجية الأمريكية في فرض العقوبات على الدبلوماسية الإيرانية
على مستوى آخر، بالإضافة إلى مناقشة أهداف وأبعاد أهمية زيارة محمد جواد ظريف إلى أوروبا، يمكن للمرء أن يلاحظ فشل إستراتيجية السياسة الخارجية الأمريكية بشأن قضية مقاطعة رئيس الجهاز الدبلوماسي الإيراني.
فمن ناحية، أظهرت استضافة الدول الأوروبية لظريف، وذلك عقب زيارته الإقليمية لقطر والكويت، أن واشنطن وترامب قد فشلا في عزل إيران دبلوماسياً، ومن ناحية أخرى، تشير تصريحات ظريف قبل السفر إلى باريس وفيما يتعلق بجولته الشرق آسوية بعد انتهاء جولته الأوروبية، أن إيران لم تضع كل بيضها في سلة أوروبا، وأن التركيز الرئيسي لاهتمام إيران ليس على أوروبا والغرب بل على القوى الشرقية.
المصدر / الوقت