ردود حزب الله المحتملة على الکيان الإسرائيلي
بعد الهجوم الجوي للطائرات الإسرائيلية بدون طيار علی جنوب لبنان، ثم التهديد الجاد للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بحتمية الرد على هذا الهجوم، وأن الإسرائيليين يجب أن يتوقعوا رداً انتقامياً من حزب الله في الأيام المقبلة، اجتاحت الأراضي المحتلة موجةٌ من الرعب والقلق، وأصبح الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب على الحدود اللبنانية.
نتنياهو الذي يشعر بقلق عميق إزاء التطورات المقبلة، ويأخذ علی محمل الجد سعي حزب الله لانتقام خطير من ضربات الطائرات الإسرائيلية بدون طيار، قد زاد من مستوى تهديداته الكلامية بالحرب بعد رد حزب الله المحتمل. وطلب نتنياهو من الإسرائيليين الذين يستوطنون شمال فلسطين المحتملة أن يكونوا مطمئنين ومرتاحين لأنه لن يکون هناك أي رد.
تصريحات نتنياهو هذه قوبلت برد من الأمين العام لحزب الله، الذي أصر على أن الرد حتمي وسيكون مدمرًا، على الرغم من أن حزب الله ينتظر الفرصة المناسبة وليس في عجلة من أمره.
في هذه الظروف، السؤال الذي يطرح نفسه والذي يشغل ليس أذهان الإسرائيليين القلقين فحسب، بل کل شعوب المنطقة أيضًا التي تعرف أن وعود السيد حسن نصر الله ستتحقق بالتأكيد، هو أن الرد الذي وعد به الأمين العام لحزب الله كيف وأين سيکون؟
إسقاط الطائرات الإسرائيلية المتقدمة
يمكن اعتبار أحد الخيارات المحتملة لرد حزب الله العسكري على العدوان الإسرائيلي، سعي حزب الله لمعاقبة الکيان بحيث لا يجرؤ مرةً أخری على انتهاك المجال الجوي اللبناني بسهولة. ففي السنوات الأخيرة، استهدفت الطائرات الإسرائيلية بشکل متكرر مواقع على الأراضي السورية من السماء اللبنانية، ولم يتم الرد على هذا الانتهاك للسيادة اللبنانية تقريبًا، بحيث حوّل الإسرائيليون هذه الإعتداءات إلى ممارسة عادية.
في هذا الصدد، شهدنا أن الحكومة اللبنانية قد أحالت المسألة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 30 أغسطس من هذا العام. وفي الاجتماع الذي عقده مجلس الأمن، صرح ممثل لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة أنه على الرغم من التزام لبنان بقرار مجلس الأمن الدولي 1701، تواصل “إسرائيل” انتهاك السيادة اللبنانية دون محاكمة.
وهذا الأمر واضح أيضاً في التصريحات التي أدلى بها السيد حسن نصر الله غداة الاعتداء الإسرائيلي، حين قال إن المقاومة تستطيع إسقاط أربع إلى خمس طائرات، مما يحد من الأنشطة الاستخبارات الإسرائيلية ويعطلها. وأضاف بأن حزب الله لن يکشف أبداً عن أسلحته الهجومية والنوعية بسبب طائرات بدون طيار.
في الواقع، تحدث السيد حسن نصر الله عن سلاح متطور غير مكشوف يمكن أن يكون بمثابة نظام دفاع جوي متطور لإسقاط الطائرات الهجومية الإسرائيلية.
في هذا السياق، من المهم الإشارة إلى أمرين، الأول هو أن إيران كحليف رئيسي لحزب الله، قد تمکنت من اتخاذ خطوات مهمة لبناء أنظمة الرادار والصواريخ المتقدمة لحماية مجالها الجوي، بل وحتى استهدفت بهذه الأنظمة طائرة التجسس الأمريكية الأكثر تقدماً في الخليج الفارسي. لذا فمن المحتمل جدًا أن تكون سوريا ولبنان قادرين على التعاون عسكريًا مع إيران لبناء أنظمة دفاع جوي متطورة لمواجهة الهجمات الإسرائيلية.
والثاني أن استهداف الطائرات الإسرائيلية المتقدمة في السماء اللبنانية يحظی بالشرعية الدولية الكاملة، ولن يكون بمقدور معارضي حزب الله المحليين أو الأجانب إنكار هذه الشرعية بأي شکل من الأشکال، کما لن يستطيع الإسرائيليون التغطية علی اعتداءاتهم هذه المرة عبر الضجيج الإعلامي وشراء المظلومية كما هو الحال دائمًا. ولذلك، لن يؤدي هذا الرد إلى نشوب حرب كما قال السيد حسن نصر الله، لأنه يعتبر عملاً دفاعياً لإسقاط طائرة معتدية.
هجوم بطائرات بدون طيار على المراكز العسكرية والسياسية الحساسة
الرد المتناسب الآخر الذي يمكن أن يقوم به حزب الله ضد الکيان الإسرائيلي، هو الهجوم بالطائرات المسيرة. ذلك أن محور المقاومة قد حقق تقدماً كبيراً في مجال صناعة الطائرات بدون طيار مثل الصواريخ الدقيقة، وعلى سبيل المثال، فإن استخدام حرکة أنصار الله اليمنية لهجمات الطائرات بدون طيار قد غير معادلات الحرب تمامًا.
وکان السيد حسن نصر الله قد قال في كلمة ألقاها في الذكرى الثانية لتحرير جرود عرسال، إنه قد ولی الزمن الذي تدخل فيه الطائرات الإسرائيلية لبنان وتهاجم المناطق والمواقع اللبنانية ويبقی هذا الکيان آمناً في فلسطين المحتلة.
وفي السياق نفسه، فإن استخدام الطائرات بدون طيار لاستهداف المراكز العسكرية والاقتصادية الحساسة، بالإضافة إلى الأضرار المادية، يمكن أيضًا في البعد النفسي، أن يقذف الرعب والارتباك في عمق المناطق المحتلة، بحيث يميل مستوطنو الأراضي المحتلة إلى منتقدي تصرفات نتنياهو في الانتخابات المقبلة.
في هذا الصدد، قال السيد “فادي السيد” رئيس مركز الأمة الواحدة للدراسات الفكرية والاستراتيجية في لبنان، إن إحدى طرق تعامل حزب الله مع الکيان الإسرائيلي هي إرسال طائرات مسيرة انتحارية إلى الأراضي المحتلة.
من ناحية أخرى، نقلت قناة الميادين الإخبارية عن وسائل الإعلام الإسرائيلية قولها إن الجيش الإسرائيلي قد زاد من عدد أنظمة القبة الحديدية المضادة للصواريخ في منطقة ما من شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة، مما يشير إلى خوف الإسرائيليين من هجوم صاروخي لحزب الله أو بطائرات مسيرة.
عملية في عمق الأراضي المحتلة
يعتقد الكثير من المحللين والخبراء أن اعتداءات نتنياهو على سوريا ولبنان والعراق، ليس إجراءً رادعاً وفاعلاً لحفظ أمن الکيان الإسرائيلي، بل هو حملة دعائية بالكامل يريدها نتنياهو للتغطية علی هزائمه من محور المقاومة والفوز في الانتخابات المقبلة.
وکان الجيش الإسرائيلي في وقت سابق من شهر ديسمبر من العام الماضي، قد شن عمليةً تحت عنوان “درع الشمال” بهدف تدمير أنفاق حزب الله تحت الأرض، حتی يظهر نتنياهو للناخبين الإسرائيليين أنه قد أضعف قدرة حزب الله العملياتية في الأراضي المحتلة ويشتري أصواتهم.
وفقاً لذلك، من الطبيعي أن تتحول عملية في عمق الأراضي المحتلة إلى فضيحة مدوية لنتنياهو، الذي ادعی تدمير الأنفاق فضلاً عن استهداف الشحنات العسكرية الحساسة المتجهة إلى لبنان وحزب الله على الأراضي السورية، وکان يريد بذلك زيادة الأمن علی حدود الأراضي المحتلة، الأمر الذي يعتبره ورقته الرابحة الرئيسية في الانتخابات المقبلة.
المصدر / الوقت