خطوة طهران الثالثة ومواقف أوروبا المتكررة
بالنظر إلى التوقعات بشأن خطوة إيران الثالثة في خفض التزاماتها النووية، أعلن المتحدث باسم الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية “بهروز كمالوندي” يوم السبت الماضي اتخاذ هذه الخطوة رسمياً.
في الواقع، إن افتقار الأوروبيين إلى الإرادة الحقيقية للوفاء بالتزاماتهم، أدّى إلى قرار طهران بتخفيض التزاماتها النووية بشكل تدريجي.
وفي الخطوة الأحدث رأينا هذا التخفيض التدريجي استناداً إلى قرار المجلس الأعلى للأمن القومي، وفقاً للفقرتين 26 و 36 من الاتفاق النووي، وهما الفقرتان اللتان تسمحان لإيران بخفض التزاماتها كاملةً أو جزئيةً، في حال عدم التزام الطرف الآخر، ومع ذلك، فإن الخطوة الثالثة أثارت الكثير من ردود الفعل على المستوى الدولي.
الإعلان عن تفاصيل الخطوة الثالثة بشأن خفض إيران التزاماتها النووية
أشار “بهروز كمالوندي” يوم السبت الماضي في مؤتمر صحفي إلى ثمانية مواضيع شملتها قيود الاتفاق النووي (مفاعل الماء الثقيل، محطة إنتاج الماء الثقيل، إعادة معالجة الوقود المستخدم، التخصيب في القدرة والمستوى، البحث والتطوير، فوردو، مقدار الاحتياطيات وإشراف الوكالة)، وقال: من بين هذه القضايا الثماني، فإننا لا ننوي حالياً التطرق إلى مجال إشراف الوكالة والشفافية.
وتابع قائلاً: سترى الوكالة اليوم أنه تم اتخاذ أربعة إجراءات في إطار الخطوة الثالثة.
وذكر أن الإجراء الأول كان البدء منذ يوم الجمعة بإنتاج المحصول المخصب عبر الجيل الجديد لأجهزة الطرد المركزي وعدم اختلاط النفايات بالمحصول الجديد، وقد تم إخبار الوكالة بالعملية.
وأضاف “كمالوندي”: الإجراء الثاني لإيران هو أننا بدأنا الآن في ضخ الغاز إلى الجيل السادس لأجهزة الطرد المركزي IR6s والذي كان من المفترض أن يتم تنفيذها من بداية العام 11 للاتفاق النووي.
والإجراء الثالث هو تشغيل سلسلة العشرين من الجيل الرابع من أجهزة الطرد المركزي IR4 والذي كان من المفترض أيضاً أن نقوم به في بداية العام 11 للاتفاق النووي.
أما الإجراء الرابع من الخطوة الثالثة فهو ضخ الغاز إلى سلسلة العشرين المكونة من 20 جهازاً من الجيل السادس لأجهزة الطرد المركزي IR6 والذي كان من المفترض أن نقوم به بعد شهرين، ولكننا بدأنا بذلك الآن.
وأكد “كمالوندي”: ننوي تشغيل سلسلة الثلاثين في خطتنا القادمة. وأضاف: سنقوم أيضاً بضخ الغاز إلى سلسلة وسطية من أجهزة الطرد المركزي من طراز IR5 وبالإضافة إلى ذلك، سنقوم بضخ الغاز إلى سلسلة الثلاثين من الجيل السادس لأجهزة الطرد المركزي IR6 والذي كان من المفترض أن يتم في السنة الثامنة والنصف من الاتفاق النووي، الآن نضخ الغاز إلى سلسلة العشرة وسنبدأ من يوم الجمعة ضخ الغاز إلى سلسلة العشرين، كما سنشغل سلسلة الثلاثين، وعملياً سيكون لدينا 60 جهازاً للطرد المركزي من نوع IR6 في الشهرين المقبلين، والذي سيكون طور البحث والتطوير كما أنه سيزيد من احتياطي اليورانيوم في البلاد.
تأكيد أمريكا على عدم تفاجئها بخطوة إيران الثالثة
في ردّ الفعل الأكثر أهميةً، تبعت خطوة إيران الثالثة في خفض التزاماتها النووية، تصريحات المسؤولين الأمريكيين.
حيث قال وزير الدفاع الأمريكي: “إن الخطوة الثالثة لتخفيض التزامات إيران النووية، تنتهك الاتفاق النووي”.
وأضاف “مارك أسبير”: إنه “لم يفاجأ” بإطلاق إيران أجهزة الطرد المركزي المتقدمة لزيادة احتياطياتها من اليورانيوم.
وتابع في تصريح له في باريس: لست مندهشاً من إعلان إيران أنها تريد انتهاك الاتفاق النووي، مضيفاً إنه “ليس غريباً أن يبحث الإيرانيون عن شيء طالما أرادوه.”
وتأتي تصريحات وزير الدفاع الأمريكي في أعقاب إعلان الرئيس الإيراني مساء الأربعاء الماضي بعد اجتماع لرؤساء السلطات الثلاث: إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ملزمة بالبدء فوراً في مجال الأبحاث والتطوير بكل ما تحتاجه البلاد من الناحية التقنية يوم الجمعة، والتخلي عن جميع الالتزامات التي كانت موجودةً في هذا المجال في الاتفاق النووي.
مساعي باريس لخفض التوترات مع إيران
فرنسا باعتبارها صاحبة المبادرة في المفاوضات مع إيران، أبدت في الأشهر الأخيرة ردوداً بشأن خطوة إيران الثالثة في الحد من التزاماتها النووية.
وفي هذا الصدد، أكدت وزيرة الدفاع الفرنسية على ضرورة أن تعمل الدول معاً على تخفيف التوترات مع إيران.
ووفقاً لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية “إسنا” ونقلاً عن رويترز، قالت وزيرة الدفاع الفرنسية “فلورنس بارلي” في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الدفاع الأمريكي “مارك إسبر” في باريس، إن الجهود الأمريكية والأوروبية لتعزيز الأمن في الخليج الفارسي يجب أن تكون “مكملة ومنسقة بشكل جيد”، وأضافت: هدفنا هو دفع إيران إلى الامتثال التام لاتفاقية فيينا (الاتفاق النووي(، ويجب أن نبذل قصارى جهدنا للمساعدة في تخفيف التوترات مع إيران وضمان أمن الملاحة.
اليأس البريطاني من حالة الاتفاق النووي
بالإضافة إلى الحكومتين الفرنسية والأمريكية، ردّت وزارة الخارجية البريطانية (السبت الماضي) عبر إصدار بيان، على قرار إيران الجديد باستخدام أجهزة الطرد المركزي المتقدمة …… وضخ غاز اليورانيوم في أجهزة الطرد المركزي.
وجاء في البيان وفقاً لوكالة فرانس برس: “إن الخطوة الثالثة لإيران في الابتعاد عن التزاماتها النووية أمر محبط، خاصةً في وقت نعمل فيه نحن وشركاؤنا الأوروبيون والدوليون بجد لتخفيف التوترات مع إيران.”
التزام أوروبا يعتمد على التزام إيران
ردّاً على الخطوة الثالثة لإيران، أكدت “كوتشيانتشيتش” المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية أن تقييمات الاتحاد الأوروبي لبرنامج إيران النووي تقوم على تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأن اعتماد الاتحاد الأوروبي على تقارير الوكالة قد مكّن أوروبا من مراقبة أنشطة إيران.
ووفقاً للمتحدثة باسم الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فإن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تلعب دوراً رئيساً في مراقبة التزامات إيران النووية والتحقق منها.
تأكيد روسيا على إعادة التوازن إلى الاتفاق النووي
إلى جانب الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، أبدت روسيا أيضاً ردة فعل تجاه الخطوة الثالثة لإيران بصفتها دولة موقعة على الاتفاق النووي.
وفي هذا الصدد، صرح “ميخائيل أوليانوف” الممثل الدائم لروسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا، بما في ذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأنه لا ينبغي اعتبار قرار إيران باستخدام أجهزة الطرد المركزي الجديدة قراراً محزناً، فلا يزال هذا الإجراء يخضع لإشراف الوكالة، وهو يمثل إرسال علامة أخرى من طهران حول الحاجة إلى تحقيق التوازن بين المصالح في إطار خطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي) حول البرنامج النووي لهذا البلد.
وكتب هذا الدبلوماسي على صفحته على تويتر: لا ينبغي المبالغة في اعتبار قرار إيران باستخدام المزيد من أجهزة الطرد المركزي أمراً محزناً، بالطبع يجب الاعتراف بأن هذا الإجراء خارج إطار الاتفاق النووي، لكنه لا يزال تحت سيطرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولن يكون هناك أي تهديد في هذا الصدد، إن تصرف سلطات طهران هو مجرد إشارة واضحة إلى أن هناك حاجةً لموازنة المصالح في إطار الاتفاق النووي.
المفتشون سوف يقدّمون تقاريرهم عن التغييرات
كذلك كان للوكالة الدولية للطاقة الذرية ردة فعلها تجاه التغييرات في أنشطة الطرد المركزي الإيرانية.
وفي هذا الصدد، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مفتشيها موجودون في إيران، وأنهم على دراية بالأخبار الإعلامية المتعلقة بتطوير أجهزة الطرد المركزي الإيرانية وإجراء البحوث بشأنها.
وأضافت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن المفتشين سيبلغون عن أي أنشطة متعلقة بالتغييرات في أنشطة الطرد المركزي الإيرانية، ومقر الوكالة في فيينا سيكون على علم بهذه الأنشطة.
المصدر / الوقت