انتفاضة العراق ضد المؤامرة الأمريکية في رکوب موجة الاحتجاجات
بينما تتخذ الحكومة العراقية العديد من الخطوات لتهدئة غضب المحتجين العراقيين وإنهاء الأزمة السياسية، من تقديم حزم الإصلاح السياسي والاقتصادي إلى التحدث إلى المحتجين وتقديم الوعود بإصلاح الحكومة، ومن ناحية أخرى فإن أحد المطالب الرئيسة للمتظاهرين هو الحد من التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية العراقية، لكن في الوقت نفسه أصدرت الإدارة الأمريكية بياناً دعت فيه إلى حل الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة في العراق تحت إشراف دولي، وقد أدّى ذلك إلى موجة من ردود الفعل المنتقدة في المشهد السياسي العراقي.
في بيان البيت الأبيض الذي صدر بالأمس، دعت واشنطن إلى وقف العنف ضد المتظاهرين وإجراء الانتخابات المبكرة في البلاد.
وجاء في البيان أن أمريكا تدعو الحكومة العراقية إلى “وقف العنف ضد المتظاهرين والوفاء بوعد الرئيس العراقي (برهم صالح) لإصلاح قانون الانتخابات وإجراء انتخابات مبكرة”.
ردود فعل العراقيين على أمريكا
في واحدة من أهم ردود الفعل على موقف البيت الأبيض، قال مكتب الرئيس العراقي في بيان: “إن الشعب العراقي هو الذي يقرر مصير بلده وفقاً لأولوياته ومصالحه الوطنية وعن طريق احترام توجيهات المرجعية الدينية وفي إطار الدستور، وهذا القرار قضية داخلية ومستقلة تماماً”.
وأضاف البيان: “الإصلاحات المعنية قرار خاص بالعراقيين وتتخذ بناءً على إرادة الشعب العراقي، ولا يمكن للعراق الخضوع للإملاءات الأجنبية، وهو يرفض أي تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية للبلاد”.
وفي ردّ مهم آخر، أصدر زعيم التيار الصدري “السيد مقتدى الصدر” بياناً ليلة الاثنين عارض فيه إجراء انتخابات مبكرة بإشراف أمريكا، قائلاً إنه لن يلتزم الصمت في مواجهة الانتخابات المبكرة التي تشرف عليها أمريكا.
وإذ صرّح الصدر بأن العراق لا يحتاج إلى الدول المستكبرة، أضاف: “إن تدخلت (أمريكا) مرةً أخرى سوف تكون نهاية وجودها من خلال تظاهرات مليونية غاضبة بأمر مباشر منها، وخصوصاً إذا التفتنا إلى أن احتلالها (أمريكا) هو من جلب الفاسدين وسلّطهم على رقاب الشعب، واشنطن تطالب بعدم حجب الانترنت، على الرغم من أنها المتحكم الأكبر بتلك الشبكة”.
وتابع زعيم التيار الصدري قائلاً: “لن نسمح لأمريكا بركوب الموجة لتحويل العراق إلى سوريا وإلى صراعات أخرى”.
وفي إشارة إلى المظاهرات في العراق، صرّح السيد مقتدى الصدر: “مرةً أخرى تثبت (أمريكا المحتلة) بأنها تتدخل بشؤون الآخرين. العراق، عراق الشعب، وهو من يقرر مصيره”.
وخاطب الأميركيين بالقول: “كفاكم تدخلاً بشؤوننا، فللعراق كبار يستطيعون حمايته، ولا يحتاج إلى تدخلات لا منكم ولا من غيركم”.
من ناحية أخرى، اعتبر “قيس الخزعلي” الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق تصريحات البيت الأبيض بأنها دليل على تدخل أمريكا في الشؤون العراقية، وقال: يشير بيان البيت الأبيض إلى أن خطة الانتخابات المبكرة هي خطة أمريكية في الأساس، كما أكد الخزعلي قائلاً: “الكلمة الأخيرة كلمة المرجعية المعبرة عن مطاليب الشباب المتظاهر”.
كذلك، في رد فعل مهم آخر، أصدر المكتب الإعلامي لتيار الحكمة الوطني بزعامة “السيد عمار الحكيم” بياناً أدان فيه التدخل الأمريكي، وقال: إن “العراق لكل العراقيين”، وإذ نؤكد إيماننا بهذه الحقيقة، ندين أي تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية العراقية، يمكن للشعب العراقي حل مشكلاته في إطار مؤسساته القانونية، وإن الحراك الشعبي والجهود التي يبذلها رؤساء السلطات لتلبية مطالب المتظاهرين، رغم أنها يجب أن تتزايد، ولكنها تعكس قدرة العراقيين على إصلاح شؤونهم الداخلية بعيداً عن التدخل الخارجي.
مسودة إصلاح قانون الانتخابات على طاولة عبد المهدي
على الرغم من أن العديد من المسؤولين العراقيين وبالإجماع قد رفضوا البيان الأمريكي، واصفين إياه بالتدخل في شؤونهم الداخلية، ولكن عملياً تعدّ مسألة الانتخابات المبكرة مع تعديل قانون الانتخابات، واحدة من أهم القضايا في البيئة السياسية الحالية في البلاد.
موقع قناة “السومرية نيوز” العراقية نقل عن مصدر مجهول في المكتب الرئاسي، قوله إن رئاسة الجمهورية تعمل على صياغة قانون انتخابي جديد، بالتعاون مع مجموعة من الخبراء العراقيين وممثلي الأمم المتحدة، الذين دخلوا البلاد مؤخراً وفي حوزتهم خطط لحل الأزمة.
وأعلن الموقع الإخباري أنه وفقاً لهذا القانون، ستتألف مفوضية الانتخابات مرةً أخرى من القضاة والخبراء، بعيداً عن أي محاصصة حزبية، من ناحية أخرى، مع هذا المشروع، سيتم خفض عدد نواب البرلمان إلى 30٪ وفترة ترشحهم إلى 25 سنة، والفائز هو الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات في الدوائر الانتخابية.
كذلك، بحسب هذا الخبر، فإن المسودة التي وضعها مكتب الرئيس، قدمت إلى الحكومة ومكتب رئيس الوزراء للوفاء بالالتزامات المالية، وكانت هناك مشاورات بهدف دمج نهج الجانبين حول هذا القانون، وإعداده للعرض على البرلمان.
التدخل الأمريكي.. نزعة استعمارية أم دعم للمتظاهرين؟
بينما أكد بيان البيت الأبيض على دعم مطالب المحتجين لاسترعاء انتباه المتظاهرين العراقيين وقادة المعارضة، وحاول توجيه الاحتجاجات الشعبية لمصلحتها بإلقاء اللوم على إيران، ولكن في غضون ذلك، أعاد نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي عرض شريط فيديو قديم يظهر مواقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول النفط العراقي، ويتحدث خلالها صراحةً عن الحاجة للسيطرة على النفط العراقي، وإذ يصف المجتمع العراقي بالفاسد، يؤكد أن على العراقيين دفع 15 تريليون دولار على الأقل لأمريكا.
يقول الرئيس الأمريكي في جزء من الفيديو: “نعم، سننشر القوات الأمريكية لحماية شركات النفط في العراق، والاستيلاء على كل الثروة، المنتصر هو الذي يكسب الغنائم”.
كما قال ترامب في مقابلة صحفية: “إن العراق لديه ثاني أكبر حقول النفط في العالم بقيمة 15 تريليون دولار، والجيش العراقي يفتقر إلى الأسلحة والمعدات اللازمة، وهو جيش ضعيف والمجتمع العراقي فاسد، وإذا أوكلت الأمور إليه، فسآخذ النفط منهم”.
كما صرّح ردّاً على سؤال أحد المراسلين حول كيفية الاستيلاء على النفط في العراق والسعودية: “سوف نرسل قوات خاصة هناك، ثم نستولي على المناطق الغنية بالنفط، سأحصل على ثرواتهم، وسآخذ نفطهم”.
المصدر/ الوقت