هل تكون الرياضة مفتاح حل “الأزمة الخليجية”
لا تزال الأزمة الخليجية عالقة ولم تستطع دول الحصار التي تقودها السعودية لحصار قطر وإرضاخها لشروط السعودية، أن تُحيد قطر عن ثباتها وتمسّكها باستقلاليتها بالرغم من جميع الضغوط التي مارستها السعودية بحق قطر، وبالفعل أثمر ثبات الدوحة خلال عامين من الحصار وهذا ما دفع بقية الدول الخليجية للبحث عن مخرج للأزمة، وحاولت الكويت أن تدخل على خط الأزمة في عدة مناسبات وأن تصلح ذات البين، إلا أنها لم تستطع أن تنجز أي خطوة في سبيل تقارب وجهات النظر، مع العلم أن قطر بادرت وفتحت أبوابها للحوار.
اليوم يبدو أن السعودية وجدت نفسها مخطئة بحق قطر وعليها أن تراجع حساباتها، ومن هذا المنطلق يبدو أنها قبلت بالمشاركة في كأس الخليج “خليجي 24” لكرة القدم المقررة في قطر.
في التفاصيل أعلنت كل من السعودية والإمارات والبحرين رسمياً، الثلاثاء، عودتهما عن قرار مقاطعة كأس الخليج “خليجي 24” لكرة القدم المقررة في قطر، والمشاركة في البطولة التي تنطلق في 24 الشهر الحالي.
وأعلن الاتحاد السعودي لكرة القدم يوم الثلاثاء، تراجع السعودية عن قرارها السابق بمقاطعة كأس الخليج لكرة القدم “خليجي 24″، الذي يقام في قطر، وكذلك فعلت بقية دول الحصار.
وانضمت السعودية إلى كل من الإمارات والبحرين في قرار التراجع عن مقاطعة البطولة، رغم الحصار الذي تفرضه بعض الدول الخليجية على قطر.
وستكون هذه المرة الأولى التي يشارك فيها منتخبات هذه البلدان في بطولة مقامة على أراضي قطر، منذ قرار الرياض وأبوظبي والمنامة مطلع يونيو 2017، قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة على خلفية اتهامها بدعم التنظيمات المتطرفة في المنطقة، وهو ما تنفيه قطر.
وفي الأشهر الماضية، شاركت فرق من الدول المقاطِعة في مباريات المسابقات القارية التي أقيمت على أرض الأندية القطرية.
بدورها ذكرت “قنوات الكاس” الرياضية القطرية، بحسب شبكة “الجزيرة” القطرية، أن اتحاد كأس الخليج سيعقد اجتماعاً الأربعاء لإعادة نظام المجموعات لبطولة كأس الخليج لكرة القدم في نسختها 24 بعد تراجع عدد من المنتخبات (لم تسمها) عن قرار عدم المشاركة، لتكشف السعودية بعد ذلك سحب مقاطعتها الدورة.
دلالات المشاركة
أولاً: أدركت السعودية أن حصار قطر أصبح استهلاكاً مجانياً للوقت، وأن الدوحة لن تغيير من مواقفها، وأدركت أكثر أن الحصار لم يحقق أي نتيجة، لأن قطر استطاعت أن تفتح قنوات مع عدة دول على رأسها تركيا وإيران واستطاعت بمساعدة هاتين الدولتين أن تكسر الحصار، وهي تستطيع أن تستمر على هذا النحو التي هي عليه سنوات عديدة وربما عقوداً طويلة، لذلك وجدت الرياض أن كسر هذا الجليد مع قطر هو الحل الأفضل لها، خاصة وأن الحصار كان سلبياً للسعودية أكثر منه لقطر.
ثانياً: وصلت السعودية إلى نتيجة مفادها أن ما قامت به كان “مراهقة سياسية” وأن النتيجة انعكست ضدهم، لذلك كانوا يبحثون عن أي حل لإعادة فتح قنوات جديدة مع قطر، مع العلم أن قطر لم تغلق باب الحوار مع من حاصرها، ومن هذا المنطلق سعت الكويت لبدء وساطة بين الأطراف المتنازعة لتقريب وجهات النظر لكنها فشلت على الصعيد السياسي في عدة مناسبات، إلا أنها على ما يبدو بدأت تنجح في هذه الوساطة من بوابة الرياضة.
ثالثاً: السعودية تحاول اليوم أن تكسب ود قطر لكي تعيدها إلى صفوفها الأمامية في مواجهة إيران وهذا الأمر يبدو أنه جاء بضوء أخضر أمريكي، لأنه مثلما اقتنعت الرياض بأن حصار الدوحة هو أمر غير مجدٍ، كذلك هو الحال بالنسبة لأمريكا، التي أدركت هي الأخرى بأن حصار إيران أمر مستحيل، حتى لو عاقبت كل مواطن إيراني على حدة، إلا أنها تريد أن تزيد الضغط على إيران مجدداً من خلال الدول الخليجية، إلا أنها ستفشل مرة جديدة والقادم من الأيام سيكشف ذلك.
رابعاً: فشلت السعودية في إدارة أزماتها الاقتصادية، وملفاتها السياسية العالقة لاسيما حرب اليمن، وكانت حرب مدمرة لملايين اليمنيين ولأرزاقهم وأرواحهم دون أي نتيجة، حيث اعتقدت الرياض أنها كلما دمّرت في اليمن ستزيد محبة واشنطن لها، إلا أنه الحقيقة كانت صادمة بالنسبة لها عندما تعرضت منشآتها لقصف من جماعة “أنصار الله”، حيث اتجهت أمريكا للحصول على أموال إضافية من السعودية لإرسال جنود وصد أي هجوم في المرات المقبلة، إلا ان السعودية تعلم بقرارة نفسها أن واشنطن لن تساعدها ولن تصد أي هجوم في حال وقع في المرات المقبلة، لذلك بدأت بتحالفات جديدة إن كان داخل اليمن أو خارجه بعيداً عن واشنطن، في محاولة لحفظ ماء وجهها في المنطقة.
مصادر مطلعة تقول إن السعودية بدأت تمضي في هذا الاتجاه، وبدأت تعمل على تحسين علاقتها مع جيرانها، وفي هذا الإطار نقلت وكالة “بلومبرغ” للأنباء اليوم الأربعاء (13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019) عن مسؤول خليجي القول إن الجهود المبذولة لإنهاء المقاطعة التي تقودها السعودية ضد قطر تكتسب زخماً، وأن قرب انطلاق النسخة الرابعة والعشرين من كأس الخليج لكرة القدم في الدوحة يسهم في تمهيد الطريق لتحقيق تقدم محتمل.
ونقلت الوكالة عن مسؤول وصفته بأنه مطلع، وذكرت أنه طلب عدم ذكر اسمه، أن الوساطة تركز حالياً على العلاقات بين قطر والسعودية، على أن يتم ضم الإمارات لها لاحقاً.
ونقلت بلومبرغ عن مسؤول سعودي بارز القول في واشنطن الأسبوع الماضي إن قطر بدأت أيضاً في اتخاذ خطوات لإصلاح علاقاتها مع جيرانها.
وأضافت الوكالة أنه في الوقت التي تُعِدّ فيه السعودية لإطلاق الطرح الأوّلي لعملاقها النفطي “أرامكو” فإن هناك مؤشرات على أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يحاول حل الصراعات التي تلقي بظلالها على الاستقرار السياسي للسعودية. وفي الإطار ذاته، يكثّف الأمير الجهود لإنهاء الصراع المستمر في اليمن منذ أربع سنوات.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق