التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 18, 2024

مؤتمر “المنامة” الأمني.. الأبعاد والنتائج 

اختتم المؤتمر الأمني الخامس عشر المعروف بـ “حوار المنامة” أعماله في البحرين والذي بدأ يوم السبت واستمر لمدة ثلاثة أيام، حيث أبدى خلال هذا المؤتمر مسؤولو 35 دولة ضموا 20 وزيراً ومعاون وزير ومستشار أمن قومي وقادة جيش وأجهزة أمنية، وجهات نظرهم حول قضايا مثل الأمن البحري، والصراع في الشرق الأوسط، والدبلوماسية الدفاعية، والاستقرار الإقليمي، والسياسة الأمريكية، وعلاقات التحالفات في الشرق الأوسط، والمنافسة والتعاون الإقليمي. إذ يمكن تحليل وتصنيف أبعاد ونتائج القمة في عدة محاور.

ظل تنافس القوى يخيّم على مؤتمر البحرين

عُقد مؤتمر المنامة في ظل ظروف تنصبّ فيها مخاوف دول الخليج الفارسي، هذه الأيام، على قضية توفير الأمن لمنطقة الخليج الفارسي والنظام الأمني في المنطقة في المستقبل نظراً إلى الرؤى والمؤشرات المتوافرة عن تراجع أهمية هذه المنطقة في السياسة الخارجية لأمريكا خاصة في عهد دونالد ترامب.

إن تركيز أمريكا على منع توسع نفوذ الصين في شرق آسيا، وكذلك تقليل اعتماد واشنطن على نفط الشرق الأوسط، أدى بالدول العربية في المنطقة إلى إعادة التفكير في شراكاتها الأمنية، إذ إن هذا الموضوع كان أكثر القضايا جدية في المؤتمر حيث انتقدت وزيرة الدفاع الفرنسية “فلورنس بارلي” في كلمتها خلال المؤتمر بشدة ردة فعل أمريكا و “تراجعها التدريجي” في الشرق الأوسط، وقالت “إننا نشهد انسحاباً أمريكياً تدريجياً ومتعمّداً من القضايا المتعلقة بالمنطقة”.

يمكن اعتبار هذا النقد الذي وجّهته وزيرة الدفاع الفرنسية بأنه يتماشى مع استراتيجية باريس لإيجاد موطئ قدم لها في الخليج الفارسي وإظهار شخصية أكثر ثقة من واشنطن لتلبية الاحتياجات الأمنية للمشيخات العربية. وفي هذا الصدد، تطرقت وزيرة الدفاع الفرنسية الى القضايا التي تهم السعوديين والاماراتيين وانتقدت عدم الرد على تفجير ناقلات النفط (في اشارة الى الهجوم على ناقلات النفط في الخليج الفارسي) والهجوم على المنشآت النفطية (أرامكو). في وقت تم فيه يوم أمس الإعلان عن استقرار قيادة التحالف البحري الأوروبي في الخليج الفارسي في أبو ظبي بحضور وزيرة الدفاع الفرنسية.

ومع هذا يبقى السؤال المطروح بالنسبة لدول الخليج الفارسي هو أنه هل تتمتع أوروبا بالإمكانيات الكافية لتلبية احتياجاتهم الأمنية أم لا؟ حيث إن البحرين تستضيف الاسطول الأمريكي الخامس، والسعودية والإمارات وقطر هم من كبار مشتري الأسلحة الأميركية، وعادة ما لاقت هذه البلدان نهجاً أكثر تماسكاً من واشنطن في بعض الازمات مثل انتفاضات 2011 في البحرين وكذلك حرب اليمن، بينما انتقدت دول أوروبا هذه البلدان حتى أنها فرضت عليها بعض العقوبات. ولهذا السبب، يمكن اعتبار تصريحات عادل الجبير ومديح وفاء واشنطن بالحفاظ على الوحدة مع حلفائها في الخليج الفارسي علامة على ذلك.

جذور عدم الاستقرار في الخليج الفارسي

كما هو الحال في الاجتماعات بين السعودية والإمارات والبحرين مع الحكومات الغربية تم فيها مرة أخرى أثناء الحديث عن الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار والتهديدات الأمنية الرئيسة في المنطقة، جعل إيران في مركز هجماتهم، كما تحدث مستشار الملك السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير عن نهجين الأول تنموي والثاني مثير للتفرقة في أسلوب الحكم في المنطقة ووضعهما في مواجهة بعضهما البعض إذ وضع إيران في مركز النهج الثاني!.

هذا في وقت يظهر فيه دور السعودية والإمارات جلياً في افتعال أزمات المنطقة كقتل الشعب اليمني، وحصار قطر، ودعم أعمال الشغب في لبنان والعراق، ودعم سياسات الكيان الصهيوني غير المشروعة ضد الفلسطينيين، والقمع المباشر في البحرين، ودعم الجماعات الإرهابية في سوريا وغيرها فقط في العقد الماضي.

ومن جهة أخرى، إن مزاعم التظاهر في دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان من قبل أنظمة يقطّع الصحفيون في سفاراتها ولم تجر بعد أي انتخابات حرة في هذه البلدان حتى الآن ونحن في القرن الحادي والعشرين، هي بمثابة مفارقة سخيفة تُظهر انخفاض المصداقية وهزلية مثل هذه الاجتماعات.

من الطبيعي والضروري عند الحديث والبحث عن جذور عدم الاستقرار في المنطقة إن تشارك جميع الدول في ذلك وأن تتوافر إرادة كافية لمواجهة جذور عدم الاستقرار، الإرادة التي قد أظهرتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية من خلال مقترحها لتشكيل مجمع حوار إقليمي المعروف بـ”هرمز للسلام”، وبعض الدول مثل أمريكا ودول أوروبا ولأنها تستغل وجود خلافات في المنطقة تضع العراقيل في هذا المسار وتصبّ الزيت على نار سياسة “الإيرانوفوبيا”.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق