تراجع حاد في مساعدات السعودية والإمارات للمغرب
سياسة ـ الرأي ـ
ما زالت منح دول الخليج الفارسي دون توقعات الحكومة المغربية، حيث إنه على بعد شهرين من نهاية العام الحالي، وصلت بالكاد إلى نصف ما راهنت عليه الموازنة، ويعود ذلك إلى تأخر كل من السعودية والإمارات في الوفاء بما التزمتا به تجاه المملكة في سياق “الربيع العربي”.
وبلغت منح الدول الخليجية التي توصل بها المغرب إلى غاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حسب بيانات الخزانة العامة للمملكة، حوالي 105 ملايين دولار، علما أن الحكومة تترقب الحصول مع نهاية العام على 200 مليون دولار. وحسب مراقبين لـ”العربي الجديد”، سيدفع ذلك الحكومة المغربية إلى التراجع عن الرهان على الإيرادات الاستثنائية، ومنها الهبات الخليجية، والبحث عن بدائل أخرى.
وتواصل المنح المحولة إلى المملكة من قبل دول الخليج الفارسي مخالفة التوقعات الرسمية، فقد حصل المغرب في العام المالي الماضي على حوالي 280 مليون دولار، بعدما كانت تراهن الحكومة على حوالي 490 مليون دولار، علما أن التوقعات الأولية كانت تترقب 700 مليون دولار.
رهان استثنائي
وفي ظل عدم وضوح الرؤية حول مستقبل تلك الهبات (المنح)، يتساءل الخبير الجبائي محمد الرهج، في حديثه لـ”العربي الجديد”، حول كيفية تغطية جزء من عجز الموازنة في أفق نهاية العمل بالاتفاق الساري منذ سبعة أعوام.
ويتصور أنه يفترض في المغرب عدم الارتهان للإيرادات الاستثنائية مثل الهبات والمديونية، والتوجه نحو إصلاح جبائي حقيقي يساعده على تحقيق مبدأ المساواة أمام الضريبة وتغطية النفقات.
واعتبر محافظ البنك المركزي، عبد اللطيف الجواهري، في سبتمبر/أيلول الماضي، أنه في حال التوصل بتحويلات دول الخليج الفارسي في حدود 200 مليون دولار في العام الحالي، و180 مليون دولار في العام المقبل، فإن عجز الحساب الجاري سينخفض تدريجيا كي ينتقل على التوالي إلى 5.1 في المائة و3.6 في المائة، بعدما كان في العام الماضي في حدود 5.5 في المائة.
وكان مجلس التعاون الخليجي تبنّى في دورته الثانية والثلاثين، التي شهدتها الرياض في العشرين من ديسمبر/كانون الأول 2011، في سياق ما يسمى بـ “الربيع العربي”، قرارا بمنح المغرب هبة بـ5 مليارات دولار، خلال الفترة الممتدة بين 2012 و2016، بهدف تمويل مشاريع تنمية في المملكة.
غير أنه كان يفترض في ظل التأخر في التحويلات، الانتهاء من صرف تلك الهبات في العام الماضي، وهو ما لم يتحقق، ما دفع الحكومة المغربية إلى برمجتها إلى غاية العام المقبل، كما يتجلى من تصريحات محافظ البنك المركزي.
وتم استحداث حساب خاص لتلك الهبات في 2013 من أجل تمويل مشاريع محددة، حيث وصلت السحوبات المتراكمة إلى غاية يونيو/حزيران الماضي إلى 4.63 مليارات دولار، حسب تقرير لوزارة الاقتصاد والمالية.
التزام قطر والكويت
عراقيل المساعدات
ويتصور مراقبون أن العلاقات مع الدول الخليجية في شقها المتصل بالهبات تأثرت بالأزمة الناجمة عن حصار قطر، وتقلبات أسعار النفط، والجمود الذي طبع العلاقات مع العربية السعودية.
ويرى الباحث في العلوم السياسية طارق بوتقي، في حديثه لـ”العربي الجديد”، أن منح الدول الخليجية لم تعد تشكل رهانا كبيرا بالنسبة للمغرب في السياق الحالي، معتبرا أنه سيصعب في الظرف الحالي التوصل إلى اتفاق مع دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة على حزمة من المساعدات في إطار مجلس ذلك التجمع.
ويعتبر أنه يمكن للمغرب التوصل إلى اتفاقات مع كل بلد على حدة، حسب درجة تطور العلاقات معه، علما أن المملكة كانت اتسمت علاقاتها بنوع من الجمود بسبب موقف الحياد الجبائي، من الحصار على قطر، وتجميدها مشاركتها في الحرب التي تقودها السعودية والإمارات العربية في اليمن.
ويتجلى من مشروع قانون المالية أن الهبات التي يتوقعها من الخارج لا تتعدى 150 مليون دولار في العام المقبل، وهو ما يفسر بنوع من الحذر حول تطور العلاقات مع “حلفائها” في مجلس التعاون الخليجي.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق