صحيفة “ميدل إيست”: “إسرائيل” هي واحدة من أسوأ الأنظمة المتمردة والعنصرية في العالم
ذكرت صحيفة “ميدل إيست” بأن الكيان الصهيوني يدعي أنه نظام ديموقراطي وعادل بينما تفيد العديد من التقارير بأن معدل الفقر في الاراضي المحتلة شهد ارتفاعاً ملحوظاً خلال السنوات الماضية بحيث إن خمس السكان في تلك الأراضي يعيشون تحت خط الفقر، والبعض الآخر منهم يضطر إلى البحث عن الغذاء في سلة المهملات. وفي تقرير بعنوان “كيف أصبحت إسرائيل واحدة من أسوأ الأنظمة في العالم”، كتبت هذه الصحيفة الإخبارية، أن “إسرائيل ومؤيديها المتحمسين ووكلائها المجهولين، استغلوا الدعاية المستمرة في وسائل الإعلام والفضاء الإلكتروني، لتكرار ونشر نفس الأسطورة الصهيونية القديمة بدلاً من الاهتمام بالأوضاع المعيشية للإسرائيليين”.
آلة تزوير وفبركة المعلومات
لقد بذلت وسائل الإعلام الاسرائيلية خلال السنوات الماضية الكثير من الجهود لتزوير وفبركة الكثير من الأخبار والتقارير حول “المعجزة الاقتصادية الإسرائيلية” والثروة والمستوى العالي للمعيشة لشعبها والشركات الناشئة والصناعات المتقدمة، لكن هل سمعت يوماً من وسائل الإعلام هذه أو من السياسيين الصهاينة أن خُمس الإسرائيليين يعيشون تحت خط الفقر وأن على بعضهم البحث في القمامة لإطعام بطون أطفالهم أو إنهم ليس لديهم شيء يأكلونه؟ وهل سمعت أن “إسرائيل” لديها أعلى معدل فقر في العالم المتقدم؟ إن الجواب على هذه الاسئلة ربما قد يكون لا، ولهذا فإن علينا أن نسأل أنفسنا لماذا. ولهذا يمكننا القول إنه من الصعب حقاً رسم وجه ديمقراطي وسلمي لمثل هذه الدولة المتخلفة والعنيفة والإرهابية. ومع ذلك، فإن فعالية هذا النهج غير واضحة، على الرغم من الطبيعة الحساسة لهذه العملية النفسية لمواجهة المنتقدين وتحسين صورة “إسرائيل” العالمية الكارثية.
إن انتشار الكثير من الأخبار والصور لعمليات القتل التي قامت بها القوات الإسرائيلية في حق الأطفال الفلسطينيين، وقصفهم المتعمد للمدارس واستخدامهم العشوائي للفوسفور الأبيض داخل الأراضي الفلسطينية، جعل من الصعب تصديق الدعاية التي تقول إن “إسرائيل” لديها حكومة ديمقراطية وسلمية. وتعد الأسطورة الصهيونية الأكثر شيوعاً إلى حد بعيد تلك المتعلقة بفكرة أن “إسرائيل” هي “الديمقراطية الوحيدة” في المنطقة، والتي بلغت حدَ أن وصفها بعض الناس بأنها ديمقراطية ليبرالية تتمتع بالعدل والمساواة، على طراز الدول الغربية. وفي حين تعمد “إسرائيل” من خلال هذه الخرافات المناقضة للواقع والمتمركزة حول ذاتها ومصالحها إلى ادامة مغالطة التماثل والمصير المشترك والتحالف الطبيعي بين إسرائيل والدول الغربية، فإن دعايتها العنصرية في الوقت نفسه، غالباً ما تستعين بتلك الشعارات للهجوم وإبراز التناقض مع الدول العربية «الهمجية» والمتخلفة والديكتاتورية، ومجتمعاتها ذات الأغلبية المسلمة، ورغم أن تكرار الكذبة مرات عديدة لا يجعلها حقيقية، فإن عملاء “إسرائيل” من الواضح أنهم يعتقدون خلاف ذلك.
الفصل العنصري المؤسسي الاسرائيلي
كانت إسرائيل وما زالت بالفعل دولة عنصرية غير قانونية وغير ديمقراطية وقائمة على أسس قومية – دينية، وهو وصف اعترفت به أخيراً على نحو صريح من خلال قانون الدولة القومية، مثلها في ذلك مثل بلدان أخرى تُعرّف نفسها على أنها دول للعرق الأبيض مثل جنوب إفريقيا، وأمريكا في زمن التمييز العنصر، وهنا يمكن القول أنه لا غرابة أن “إسرائيل” تمكّنت بسرعة مذهلة من إنشاء نظام فصل عنصري حقيقي. وهذه الحقيقة يمكن رؤيتها بسهولة من أي شخص ينزل على أرض الواقع، ولعقود أخذت وسائل الإعلام، وكل المنظمات الكبرى لحقوق الإنسان، وفرق مستقلة بتفويض من الأمم المتحدة لرصد الأوضاع على الأرض، ونشطاء فلسطينيون وإسرائيليون، ومنظمات غير حكومية، وأكاديميون، توثّق على نحو واسع، كيف ينشئ نظام الفصل العنصري الإسرائيلي باستمرار طرقاً جديدة ومبتكرة لإدامة وتوطيد نفسه.
تمييز عنصري جرى التأسيس له قانونياً
كشفت العديد من التقارير القديمة والحديثة بأن الكيان الصهيوني يمتلك تاريخاً عظيماً في مجال التمييز العنصري، وحين نتحدث عن تمييز “إسرائيل” ضد مواطنيها العرب، فإننا لا نتحدث عن مجرد ظاهرة اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية، إذ كل بلد لديه حصة من ذلك. لكن الأمر في حالة “إسرائيل”، هو أن التمييز يجري التأسيس له وإضفاء الطابع المؤسسي عليه، علاوة على النص عليه في النظام القضائي للدولة أيضاً. وحول هذا السياق يقول الأكاديمي والسياسي الإسرائيلي من أصول عربية، “يوسف جبارين”، أن “القانون الإسرائيلي ينطوي على عدد من الأحكام التي تؤكد صراحةً مبدأ عدم المساواة بين اليهود والعرب وتضفي عليه الطابع المؤسسي”.
وفي سياق متصل، كشفت العديد من المصادر الاخبارية أن “إسرائيل” تستثمر في الكثير من مستوطنات الضفة الغربية موارد كبيرة على البنية التحتية والخدمات الاجتماعية، لكن لا يُسمح لغير اليهود بالعيش في تلك المستوطنات، رغم أنها غالباً ما تُبنى على أراض مصادرة كانت ملكاً للفلسطينيين، ويعيش هؤلاء المستوطنون بين سكان يزيد عددهم على نحو ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية والقدس الشرقية، في الوقت الذي يعيش فيه هؤلاء الفلسطينيون في ظل احتلال عسكري غاشم يهيمن على جميع مناحي حياتهم، هذا إلى جانب مليوني فلسطيني آخرين يعيشون تحت الحصار والإرهاب العسكري المستمر في غزة، وبالطبع لا يحق لأحد منهم التصويت في الانتخابات الإسرائيلية.
ولقد بلغ الأمر أن أصبح حتى الحصول على المياه، التي تعدّ مورداً أساسياً لا غنى عنه للحياة، محل معاملة تمييزية من جانب إسرائيل، إذ لم تتردد قط في مصادرة المياه أو استخدامها بوصفها سلاحاً للحرب أو في سياسات عقاب جماعي للسكان. ومنذ اعتماد قانون الدولة القومية لليهود، أصبح التمييز المنهجي بالفعل أسوأ بكثير، إذ تم إصدار قوانين جديدة لتعميق الفروق وتوسيع عدم المساواة بين اليهود وغيرهم من السكان. وخلال نصف قرن من سياسات الاحتلال والضم غير القانوني للأراضي، والتي حُكم عليها الآن أن تزداد سوءاً، أخذت “إسرائيل” تنتهك عن تعمّد ودراية كل اتفاقيات القانون الدولي الرئيسة والمعاهدات وقرارات الأمم المتحدة، وشمل ذلك اتفاقيات جنيف، وميثاق الأمم المتحدة، وحدود تقسيم عام 1947، ومعاهدة “كامب ديفيد”، واتفاقيات أوسلو، وغيرها.
بالإضافة إلى كل هذه الدلائل التي تؤكد على أن “إسرائيل” ليست دولة ديمقراطية، فقد أخذت الدولة تنمّي سمعة سيئة على المستوى العالمي بسبب سياساتها الاستيطانية الوحشية، والتي لا تحتكم إلى أي شرعية، وتتسم بالعنف الشديد، فضلاً عن ضم الأراضي تحت تهديد السلاح، وقواتها المكونة بالأساس من مستوطنين يهود متعصبين، في سلوك لا يختلف كثيراً عن سلوك لصوص الأراضي والعصابات الدولية الخارجة على القانون.
المصدر / الوقت