في رحاب اللواء الشهيد قاسم سليماني
صباح يوم الجمعة 1 يناير 2020، حصل اللواء الحاج “قاسم سليماني” قائد قوة القدس علی أجر جهاده المستمر لمدة أربعين عاماً على طريق الرضا الإلهي وتقدم الثورة الإسلامية، واستشهد في العملية الإرهابية الأمريكية في العراق.
في تاريخ حياة اللواء سليماني الحافلة بالمفاخر والأمجاد، هنالك فصول ومحطات قلما سُلِّطت عليها الأضواء، والتي يجب على الأجيال الحالية والمستقبلية في إيران والدول الإسلامية الأخرى أن تكون على دراية بها، وهذه الدراية لها برکات ونفحات في حياتهم بکل تأکيد.
قراءة شخصية وجهاد الشهيد سليماني الممتد لأربعين عاماً، تستغرق وقتًا طويلاً. قراءة لحضوره في الدفاع المقدس لمدة ثماني سنوات، إلی جهاده لإخماد فتنة الأشرار في جنوب شرق البلاد، ثم قيادة قوة القدس والتواصل مع جميع المجاهدين في العالم حتى يومنا هذا.
في غضون ذلك، يمكن لبعض المؤشرات أن تكون نبراساً يقدِّم طريقةً أفضل لفهم عمق جهاده وجهوده.
في المقام الأول يبدو من المبالغة القول إن “قاسم سليماني كان أعظم لواء في تاريخ إيران”! ولكن ليس عندما نعرف أنه هزم ودمَّر أقوى عدو في تاريخ المسلمين وإيران، أي تنظيم داعش الإرهابي. وحقيقة هذا الادعاء يمكن العثور عليها حين قال قائدنا الشهيد ذات مرة خلال حياته المباركة:
“لم يشهد التاريخ في أي مرحلة من مراحله، لا في زمن البرابرة والتتار، ولا حتى في الغزو المغولي، مثل هذا الکم الهائل من العنف والبربرية والمصاعب. لقد قيَّدوا أيدي 2200 شاب من قاعدة “سبايكر” العراقية وأطلقوا النار عليهم، وعرضوا الآلاف من النساء والفتيات الايزيديات للبيع بالمزاد العلني، وفصلوا الطفل من ذراعي والدته وأحرقوه أمام عيني أمه. لم يكن لدينا مثل هذا التوحش في التاريخ، كانت هذه فتنة کبيرة وقد خرجنا منها مرفوعي الرأس، ويجب ألا نخلط هذه الفتن الكبيرة بالسياسة. لا ينبغي التصريح بکلمات غير مناسبة خوفاً، نحن راحلون ولكن التاريخ هو الذي سوف يشرح هذه المرحلة للآتين في المستقبل”.
وكان هو الذي قال، في إشارة إلى قوة الدواعش، بأنهم يرسلون مائة انتحاري إلى ساحة المعركة في يوم واحد. الأمر الذي يعتقد بعض المحللين بأنه لا يستطيع فعله حتى الجيش الأمريكي والإسرائيلي.
هناك نقطة أخرى مثيرة للاهتمام في حياة القائد اللواء سليماني المبارکة ينبغي النظر فيها أيضاً، وخاصةً أثناء قيادته لقوة القدس، وهي إشارات وتأکيدات هذا القائد الإيراني الشجاع على “حماية أهل السنة”. حين قال في اجتماع لتکريم الشهداء في مدينة كرمان: “كانت حياتنا دائمًا درعًا لأهل السنة”. وهو التأكيد الذي يمکن أن نجد ترجمته في کل لحظة من لحظات حياة الشهيد سليماني، سواء في الدفاع عن أهل السنة في جنوب شرق إيران أم الدفاع عن أهل السنة في أفغانستان وسوريا والعراق وغيرها.
بمعنى أنه بالإضافة إلى مقاومة الأعداء الأكثر عنفاً وحدةً في التاريخ الإيراني والإسلامي، كان أيضًا رمزًا للتقريب بين المذاهب، ورفع “لواء الوحدة” إلی الأبد من خلال التضحية بحياته لحماية الإخوة والأخوات السنّة.
ويُظهر ذلك بوضوح سبب اضطرار وكالة رويترز للاعتراف في صباح استشهاد اللواء سليماني بأن “الشهيد سليماني نجا من عدة محاولات اغتيال قامت بها منظمات غربية وإسرائيلية وعربية على مدار العقدين الماضيين”.
رفع الله تعالی درجات هذا الشهيد العزيز واللواء الأكبر في التاريخ الإيراني، وثبت خطی الشباب الإيراني المسلم في طريقه.
حديث آية الله سبحاني عن استعداد الحاج قاسم للشهادة
بمناسبة استشهاد اللواء سليماني، تحدث “آية الله سبحاني” وهو من المراجع الدينية العظام، عن حادث جری بينه وبين الشهيد، وقال في رسالة فيديو: “لقد كان يعلم أن الشهادة تسير معه، وفي أحد الأيام أحضر كفنه وأنا قمت بتوقيعه. على الرغم من أنني أخبرته بأنك فوق هذا التوقيع، لكنني وقعت عليه. فيتضح بأنه كان في طريقه إلی نيل الشهادة، وأنه شعر بهذا. نسأل الله تعالی أن يحشره مع شهداء كربلاء”.
وبحسب وكالة “رسا” للأنباء، ذكر أيضاً في هذا الصدد: “لقد كان دائمًا في الساحة، وکان يضحي في المعارك. وفي بعض الأحيان کان يتواجد حتی في قلب المعركة، وكان الخطر يلازمه دائمًا، ولكنه لم يهتم بهذه الأمور لأن التضحية كانت هدفًا كبيرًا له”.
في الختام، نکتفي بذکر تصريح للإمام الخميني(رحمه الله) حين قال:
“لا يمکن قول شيء عن الشهداء. الشهداء هم شموع مجالس الأصدقاء، والشهداء في سعادتهم الغامرة وبهجة وصالهم، فهم {عِندَ رَبِّهِم يُرزَقونَ}. کما أنهم من النفوس المطمئنة التي يخاطبها الله تعالی بالآية المبارکة {فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}.”
المصدر / الوقت