من الإنكار إلى الاعتراف بمقتل العشرات وبأن الإيرانيين لا يخطئون.. هل وقع “ترامب” في مصيدة كذبه؟
قامت قوات الحرس الثوري الايراني فجر يوم الاربعاء الموافق للثامن من يناير الماضي، 13 صاروخاً من نوع “فاتح 313” على قاعدة “عين الاسد” الواقعة في مدينة الانبار العراقية و5 صواريخ أخرى على قاعدة “بلد” وذلك رداً على الهجوم الارهابي الذي نفذته طائرات بدون طيار أمريكية قبل نحو أسبوعين وقامت باغتيال الشهيد اللواء “قاسم سليماني” قائد قوات القدس التابعة لقوات الحرس الثوري الايراني وعدداً من رموز محور المقاومة وحول هذا السياق، ذكر قائد القوات الجوية التابعة للحرس الثوري العميد “أمير علي حاجي زادة” بأن تلك الصواريخ أصابت أهدافها بدقة عالية، مُحدثتاً الكثير من الخسائر المادية والبشرية في صفوف القوات الامريكية التي كانت تتمركز في تلك القاعدة العسكرية.
وفي أعقاب تلك الهجمات الصاروخية، سارع عدد من المسؤولين الأمريكيين إلى إتباع سياسة السرية والرقابة على المعلومات حول الخسائر المادية والبشرية التي تسببت به تلك الصواريخ الإيرانية وفي ذلك الوقت اخذ الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” هاتفه المحمول وكتب على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: “لا تقلقوا لم تحصل أي خسائر!”. وبعد ذلك إدعاء مسؤول أمريكي لوكالة “أسوشيتيد برس” بأنه في حالة وقوع إصابات، فإن العدد سيكون منخفضًا للغاية وأيضا زعم عدد من المسؤولين العسكريين والأمنيين الأمريكيين، بمن فيهم وزير الدفاع “مارك إسبير” ورئيس أركان الجيش “مارك ميلي”، في عدد من المؤتمرات الصحفية أن القوات الأمريكية لم تتضرر جراء الهجمات الصاروخية الإيرانية.
من الإنكار إلى الاعتراف بمقتل العشرات وبأن الايرانيين لا يخطئون
ظهر الرئيس الامريكي “دونالد ترامب” عشية يوم الأربعاء الموافق للثامن من يناير الماضي أمام المراسلين الصحفيين في البيت الأبيض، مُحاطاً بعدد من المسؤولين الحكوميين والعسكريين وبصوت خافت ومهتز إدعاء قائلا: “يسرني أن أبلغكم أن الشعب الأمريكي يجب أن يكون سعيدًا للغاية وذلك لأنه لم يتعرض أي جندي أمريكي للأذى في الهجوم الذي نفذته قوات الحرس الثوري الايراني على قاعدة عين الاسد. لم تقع إصابات، وكل قواتنا آمنة “.
وفي اليوم التالي للهجوم قامت بعض وكالات التصوير بالأقمار الصناعية، بنشر صور لقاعدة الأسد بعد الضربات الصاروخية الإيرانية التي استهدفت المنشآت الأمريكية ولقد كشفت تلك الصور أن الصواريخ الايرانية تمكنت من إصابة اهدافها بدقة عالية، ملحقة الكثير من الاضرار في تلك القاعدة ولقد استشهد عدد من المحللين والخبراء الأمريكيين بهذه الصور، ودحضوا مزاعم المسؤولين الحكوميين الذين أعربوا عن عدم وقوع أي أضرار بتلك القاعدة.
وحول هذا السياق، كتبت “دارا ماسيكوت”، زميلة أولى في الدراسات الإستراتيجية والأمن القومي في كلية الحرب البحرية الأمريكية والباحثة السياسية في جامعة “راند” على صحتها في توتيتر، “أنا لست خبيرة في الشؤون الإيرانية. لكن أنا محللة عسكرية وعندما أنظر إلى آثار الهجوم الإيراني على قاعدة عين الأسد الجوية، لم أر هجومًا رمزيًا يهدف إلى تجنب الإصابات، كما يقول البعض”.
ومن جهته، نشر “جيفري لويس”، أستاذ الدراسات العليا في معهد “ميدبروك” الدولي للدراسات والمحلل في مركز “جيمس مارتن لدراسات عدم الانتشار”، صورة للأهداف التي أصابتها الصواريخ البالستية الإيرانية والتي كشفت مقدار الأضرار التي لحقت بتلك القاعدة، وكتب على صحفته في توتيتر: “الصواريخ الإيرانية دمرت العديد من المباني وكامل البنية التحتية لقاعدة عين الأسد الجوية. الإيرانيون لم يخطئوا. لقد تم استهداف هذه المباني بدقة فائقة”.
الجدير بالذكر أنه بعد مرور أربعة أيام على ذلك الانتقام الصاروخي الإيراني، قامت واشنطن بالسماح لمراسل وكالة “سي إن إن” بالدخول إلى قاعدة الأسد وإلتقاط بعض الصور تلك القاعدة وفي هذا السياق، قال “ستايسي كولمان” الملازم الامريكي الثاني في هذه القاعدة “من الصعب للغاية وصف (الهجوم). كان الأمر مخيفاً للغاية ومرعباً. لقد لجأت أنا وبعض أعضاء فريقي إلى أحد هذه الملاجئ، وعندما بدأت الموجة الأولى من تلك الهجمات، شعرت بدهشة كبيرة، وذلك لأن الضغط داخل الملاجئ كان شديداً للغاية لدرجة أن ذلك الضغط كان يرفعك من مكانك ثم يعيدك إلى الارض”. ومع ذلك، ادعى هذا القائد العسكري الأمريكي، الذي بدا أنه تعرض لضغوط من قبل قوات الأمن الأمريكية قبل هذه المقابلة الصحفية، حيث زعم أن تلك الهجمات لم تسفر عن وقوع قتلى وجرحى في صفوف قوات الجيش الأمريكي، إلا أن الصور التي نشرتها وكالة “سي إن إن” وغيرها من وسائل الإعلام، كشفت عن وقوع الكثير من الخسائر المادية في المنشآت الأمريكية التي تم تدميرها بالكامل.
الاعتراف بإصابة عدد من الجنود الأمريكيين
بعد مرور أسبوع على العملية الانتقامية الإيرانية، أقرت صحيفة “واشنطن بوست”، أنه “نتيجة لهذه الضربات الصاروخية، سقط ما لا يقل عن جنديين أمريكيين خارج نافذة البرج العالي وأغمي على العشرات منهم”. وبعد ذلك، نشر موقع “Defenseman” تقريراً على شبكة الإنترنت، أعرب فيه أن أربعة عسكريين أمريكيين على الأقل أصيبوا في الهجوم ونقلوا إلى مستشفيات عسكرية أمريكية في الكويت وألمانيا. وبعد ذلك قال العديد من المسؤولين العسكريين ومسؤولين في البنتاغون في مقابلة مع هذا الموقع، إن الجنود المصابين نُقلوا إلى مستشفيات عسكرية أمريكية في الكويت ومدينة لاندستيل الألمانية في وقت سابق من هذا الأسبوع والان هم يخضعون للعلاج”.
ونظرا لهيمنة الإعلام الأمريكي على الكثير من الوسائل الاعلامية العالمية، إلا أن كان هناك أيضًا وسائل اعلامية صغيرة نشرت معلومات مختلفة تمامًا عن تلك الادعاءات المذكورة أعلاه. وحول هذا السياق، كتبت “كاثرين شكدام”، المحللة السياسية في تقرير نشره موقع ” Citizen Truth Analytics”: ” وفقًا لمسؤولين عسكريين كبار، قامت قوات الجيش الأمريكي بنقل معداتهم المنتشرة في العراق إلى قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار، لضمان سلامتها”. ووفقًا لذلك التقرير، فلقد دفعت مثل هذه الخطوة المسؤولين العسكريين الإيرانيين إلى تركيز قوتهم النارية على قاعدة الأسد، بهدف ممارسة أقصى قدر من الضغط على الولايات المتحدة وإغلاق مركز القيادة العسكرية الرئيسي لها في العراق. كما كشف هذا التقرير أنه في حين أن الأمريكيين نفوا حتى الآن حدوث أي خسائر بشرية في ذلك الهجوم، إلا أن المسؤولون الإيرانيون صرحوا في المقابلة الصحفية التي أجروها مع هذا الموقع الاخباري، أنهم سوف يقومون قريباً بنشر المزيد من مقاطع الفيديو والوثائق التي تثبت صحة كلامهم.
وفي السياق نفسه، نقل حساب على تويتر يسمى “IranViewer” أيضًا عن مصادر عراقية وإيرانية قولها إنهم توصلوا إلى نتائج جديدة حول مدى الدمار الذي لحق بقاعدة الأسد ونقل هذا الحساب عن مصدر مطلع قوله: “قام الحرس الثوري الإسلامي بجمهورية إيران الإسلامية بإلتقاط العديد من الصور للهجوم الصاروخي الذي شنه على قاعدة عين الأسد الجوية، التي تستضيف الآلاف من القوات الأمريكية”. وبالنظر لكل ما سبق، يبدو أن وسائل الإعلام الأمريكية تحاول تسريب المعلومات حول ضحايا الهجوم الصاروخي على قاعدة عين الأسد ببطء، ومن المرجح أن تستمر لعدة أيام في هذا الاتجاه ومع ذلك، فإن الاعتراف بالأضرار التي لحقت بأحد عشر جنديًا أمريكيًا لم يتماشى حتى الآن مع تصريحات الرئيس “ترامب” الذي زعم بعدم حدوث أي اصابات في صفوف القوات الأمريكية.
المصدر / الوقت