الزحف نحو التطبيع.. السعودية في المقدمة
الوقت- كان قطار التطبيع مع الدول العربية يسير على حدود المملكة السعودية، وانتشرت الكثير من الشائعات خلال الاعوام القليلة الماضية عن رغبة المملكة في التطبيع مع العدو الصهيوني وتوجهها نحو هذا الامر وفقا للرؤى السياسية الجديدة للمملكة، ولكن لم يكن هناك اثبات حقيقي بأن السعودية تعمل على التطبيع بشكل مباشر على اعتبار أن الاخبار كانت تقول بأن هناك قنوات سرية بين الطرفين، إلا أن قرار وزير الداخلية الإسرائيلي أرييه درعي قبل مدة ليست بالبعيدة والذي وقع خلاله على مرسوم يقضي بالسماح للاسرائيليين ولكل من يحمل الجواز الإسرائيلي بالسفر إلى السعودية لأغراض تجارية ودينية، خلط جميع الاوراق وابرز للجميع بأن السعودية تريد “التطبيع” بأقرب فرصة، وما أكد ذلك تواجد الاسرائيليين على الاراضي السعودية، وكان آخرها زيارة مدون إسرائيلي للمملكة، حيث سرد بعض مشاهداته وانطباعاته في السعودية التي قال إنه زارها أخيرا، ونقل بعض الملاحظات عن التعاطي معه طيلة وجوده في بلاد الحرمين.
وقال المدون أليكس ليفشين -وهو إسرائيلي روسي- لصحيفة يديعوت أحرونوت، إنه زار السعودية، أخيرا، وعامله أفراد من الشرطة في المملكة بحفاوة شديدة عندما أظهر جواز السفر الإسرائيلي.
الامر لم يتوقف هنا فقد كشف رئيس مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى، آرثر ستارك، عن زيارة 30 قيادياً من المنظمات إلى السعودية، الأسبوع الماضي، ولقاء مسؤولين سعوديين رفيعي المستوى.
وأكد ستارك خلال كلمته في مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى في مدينة القدس المحتلة، أمس الاثنين، أن الوفد الذي زار السعودية شارك في قمة لمدة أربعة أيام، وهي الأولى من نوعها على وجه التحديد منذ 3 عقود.
وقال ستارك، بحسب موقع “jewishpress” اليهودي: “كان لدينا حوار مفتوح، وقابلنا مسؤولين رفيعي المستوى، وأثرنا مخاوفنا، وأثاروا مخاوفهم، ونأمل ونعتقد أن هذه خطوة في علاقة طويلة ومثمرة تعكس زيارات أخرى قمنا بها إلى دول الخليج، حيث من الواضح احتضان إسرائيل هناك بالفعل”.
وأوضح أن السعوديين وفروا طعاماً يهودياً خالصاً لأعضاء الوفد، إضافة إلى تمكنهم من أداء الصلوات اليهودية.
وحول الشخصيات التي قابلها أعضاء الوفد اليهودي بين الموقع اليهودي أن هناك لقاء جمعهم بمحمد العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، أحد المقربين من ولي العهد محمد بن سلمان.
و”مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية” هو هيئة شاملة للمنظمات اليهودية في أمريكا، وقد تمّ إنشاؤه في خمسينيات القرن الماضي لتقديم صوت يهودي موحد حول قضايا السياسة الخارجية.
الأمر الجديد أيضا أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والباحث عن اي صيد ثمين من خلال التطبيع مع السعودية، يعمل على الحصول على اذن من المملكة بعد التنسيق معها لتسيير رحلات حج وعمرة مباشرة من مطار بن غوريون إلى مطار جدة، الامر الذي اثار حفيظة الفلسطينيين حيث أجمعت الفعاليات السياسية والقوى الوطنية بالداخل الفلسطيني على التصدي لهذا الامر، مؤكدة رفضها أن تكون جسرا للتطبيع بين إسرائيل والسعودية.
ويأتي هذا الرفض بعد تصريحات رئيس كتلة الليكود عضو الكنيست ميكي زوهر -ضمن حملة الحزب لانتخابات الكنيست التي ستجرى في 2 آذار/مارس المقبل- أن نتنياهو يسعى بالتنسيق مع الرياض لتسيير رحلات حج وعمرة لفلسطينيي 48 من مطار بن غوريون في اللد مباشرة إلى السعودية.
ويجزم فلسطينيو 48 أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين -وخاصة نتنياهو- تأتي في سياق سياسي وانتخابي، ومحاولة لاستمالة الناخبين من فلسطينيي 48، وكذلك لممارسة الضغوط على الأردن صاحبة الوصاية على الحجاج والمقدسات، بسبب موقفها المناهض والمتحفظ على “صفقة القرن”.
لماذا كل هذه الهرولة نحو التطبيع؟
اولا: السعودية وزعاماتها السياسيين، يريدون ان يقولوا للرئيس الامريكي انهم أول المطبعين مع الصهاينة، وهذا سيكون محط فخر وسرور للجانب الامريكي والاسرائيلي، وقد يضمن من خلاله ابن سلمان عدم ابعاده عن طريقه إلى العرش، خاصة في ظل انتشار المزيد من الفضائح حول تداعيات اغتيال خاشقجي.
ثانيا: الجانب الاسرائيلي رأى أن المملكة السعودية جادة في مسألة التطبيع وتشجع مواطنيها والاسرائيليين عليه، وقد ارسلت أشخاصا من طرفها ليعلنوا على الهواء مباشرة انهم قاموا بزيارة اسرائيل وتم الترحيب بهم، وكذلك سمحت السعودية لمواطنين باستقبال اسرائيليين على اراضيها والتفاخر بذلك، وحتى انها استقبلت وفود اعلامية بالعلن ومسؤولين سياسيين في الظل.
ثالثا: ولي العهد السعودي يدرك أن الرئيس الامريكي دونالد ترامب ورئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو يواجهان انتخابات في الفترة المقبلة، والضغط أكبر في هذه المرحلة على نتنياهو لذلك قد تكون الفرصة مناسبة لتبادل المصالح بين جميع الاطراف، وقبل أيام، نقلت صحيفة جيروزاليم بوست عن الحاخام الأميركي مارك شناير أن الولايات المتحدة تعمل على تنظيم قمة في العاصمة المصرية القاهرة، بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقادة عدد من الدول العربية والخليجية.
وأفادت الصحيفة بأن دبلوماسيين عربا قالوا إن القمة تشمل قادة إسرائيل ومصر والسعودية والإمارات البحرين وعُمان والسودان. وأضافت أن هدف عقد القمة بعد الانتخابات الإسرائيلية المقررة الشهر المقبل، هو خلق توازن للقوى بقيادة السعودية من خلال دعمها الخطة الأميركية للسلام.
وهناك أهداف أخرى تتعلق برغبة نتنياهو في الحصول على مكاسب قبل بدء الانتخابات، وفي حال جرى لقاء بين نتنياهو وابن سلمان سيكون اللقاء ايجابي جدا لنتنياهو ولكن قد لايكون كذلك لولي العهد السعودي، الذي ينتظر وقت أكثر حتى تتكشف نتائج الانتخابات حتى لايعطي نقطة ايجابية لنتنياهو على حساب تشويه سمعته مرة جديدة، ولكن في حال ضغطت ادارة ترامب في هذا الاتجاه، قد يضطر للقيام بذلك.
رابعا: ابن سلمان يريد أن ينقذ رؤيته “2030” والتي لم ترى النور حتى اللحظة، لذلك قد يتعاون مع اسرائيل في موضوع الاستثمارات، وهناك بوادر في هذا الاتجاه، اذ أعلن وزير الداخلية الإسرائيلي أرييه درعي في نهاية الشهر الماضي أنه وقع على مرسوم يقضي بالسماح لليهود ولكل من يحمل الجواز الإسرائيلي، بالسفر إلى السعودية لأغراض تجارية ودينية.
ويسمح مرسوم درعي بالمغادرة إلى المملكة العربية السعودية بشكل علني لأول مرة منذ قيام الکیان الإسرائيلي، علما بأن السلطات الإسرائيلية كانت تمنع السفر للسعودية بالجواز الإسرائيلي، حيث كانت تصنف السعودية “دولة عدوا”.
المصدر / الوقت