هل ينجو اقتصاد الإمارات من معركة كورونا
في هذه الأيام، أثّر كورونا بشدة على جميع المعادلات السياسية والاقتصادية الدولية. في الواقع، لا يجد أي لاعب على الساحة الدولية نفسه محصّناً من آثار هذا المرض الفيروسي. حتی أن الكثيرين يعتقدون أن الإنسانية لم تشهد مثل هذه الأزمة الكبرى حتى الآن، وأنه ربما لن يظهر أي فيروس أو أزمة أخرى في التاريخ مثل تفشي کوفيد 19.
حالياً ومنذ تفشي كورونا، لم تتأثر الصين وأمريكا وأوروبا فحسب، بل الدول الآسيوية أيضًا وبشكل كبير في الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
في هذه الأثناء، فإن الإمارات هي واحدة من أفضل البلدان في مجال جذب الاستثمار الأجنبي على مدى العقود القليلة الماضية من ناحية، ومن ناحية أخرى، فهي متكاملة اقتصادياً مع المجتمع الدولي بشکل کبير.
ومع ذلك، فإن عجلة الاقتصاد الإماراتي وقلبه النابض، أي قطاع السياحة والبناء، تواجه شكوكاً خطرةً بسبب انتشار فيروس كورونا، وهذا يطرح السؤال التالي: إلى أي مدى سيستطيع حكام هذه الدولة الغنية في الخليج الفارسي إنقاذ حياة الاقتصاد الزجاجي لهذا البلد من معرکة كورونا؟
اقتصاد الخدمات الإماراتي في قلب الانهيار الکورونائي
الحقيقة الأولى فيما يتعلق باقتصاد الإمارات، اعتمادها على “الخدمات”. في الواقع، بعض البلدان تتمتع باقتصاد منتج، ولكن البعض الآخر يقتصر اقتصاده على قطاع الخدمات والاستثمار فقط، والإمارات هي مثال بارز لهذا النوع من اللاعبين الدوليين.
ويمكن بلا شك تقييم أضرار كورونا الأهم علی اقتصاد الإمارات في صناعة السياحة. في الواقع، هدد فيروس كورونا بشدة صناعة السياحة في دبي، التي تمثل 11٪ من إيراداتها. وبالتالي، فإن الإمارات تستعد لتلقي ضربة مالية فظيعة.
کما أصبحت دبي على وجه الخصوص، باعتبارها واحدة من أهم مناطق الجذب السياحي في العالم، مدينة أشباح في الوقت الراهن. حيث أغلقت بعض الفنادق أبوابها، ووصل متوسط العمالة في الفنادق الأخرى إلی أقل من 10٪.
وتتضح خطورة هذا الأمر في التقارير التي تشير إلى أن أكثر من 16 مليون سائح زاروا دبي بصفتها ثالث أكبر مدينة سياحية في العالم في العام الماضي، وبلغت عائدات صناعة السياحة في عام 2019 إلی 28 مليار دولار للإمارات.
کذلك، تم تعليق مركز اقتصادي آخر في دولة الإمارات، وهو مجال النقل ورحلات الطيران، وتواجه دبي الآن ضغوطاً شديدةً بسبب ديونها التي تبلغ حوالي 135 مليار دولار، وهو ما يمثل 125٪ من الدخل القومي لهذه المدينة. وكل هذا قد وضع الإمارات الآن على حافة أزمة كبيرة، يبدو أنها ستستمر في الأشهر القادمة.
إكسبو دبي 2020 أمام مصير مجهول
بالإضافة إلى قضايا الاقتصاد المحلي، هناك أزمة أخرى تواجه اقتصاد الإمارات تتعلق بمشروع يعرف باسم “إكسبو دبي 2020”.
وفقًا لإعلان سابق، كان من المقرر أن يبدأ معرض إكسبو دبي 2020 في مدينة دبي بالإمارات من 20 أكتوبر 2020 إلی 10 أبريل 2021. وتشير التقديرات الأولية إلى أن زوار هذا المعرض الفريد سيصل إلى 25 مليون شخص، 70٪ منهم من دول أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، وبسبب تزامن إقامة المعرض مع الذكرى الخمسين لتأسيس دولة الإمارات، كان من المقرر أن يقام المعرض من الساعة 10 صباحًا إلى الساعة 1 صباحًا في أيام الأسبوع، وحتى 2 صباحًا في عطلات نهاية الأسبوع.
علی الرغم من إنفاق حكام أبوظبي لمليارات الدولارات على إقامة المعرض، ولکن يبدو الآن أنه سيتم تعليقه بسبب تفشي كورونا، ونتيجةً لذلك، سنرى خسارةً ماليةً كبيرةً أخرى لهذا البلد. وفي الواقع، أصبح إكسبو 2020، الذي كان من المقرر أن يكون منصة انطلاق للاقتصاد الإماراتي نحو الازدهار الأكثر، عاملاً في هبوطه.
هل إجراءات الإمارات لاحتواء آثار كورونا كافية؟
مع تفشي کورونا في الإمارات، يتخذ حكامها الآن تدابير شاملة لمواجهة آثار هذا المرض على اقتصاد البلاد. وفي الخطوة الأولى، أعلنت الإمارات عن خطط لدعم البنوك والشركات بقيمة 27 مليار دولار. كما حثت وزارة الصحة الإماراتية مواطنيها وسكانها المقيمين في الإمارات، على تجنب السفر إلى الخارج بسبب انتشار كورونا في دول أخرى.
على الرغم من الإجراءات الاحترازية والإنفاق الكبير لإنقاذ اقتصاد دولة الإمارات، إلا أن المدى الواسع واحتمال استمرار المرض في الأشهر المقبلة، يبدو أنه سيجعل إجراءات الحكومة غير فعالة إلى حد كبير. لذلك، من المتوقع في الأشهر المقبلة أن تشهد الأزمة الاقتصادية أبعاداً أوسع.
المصدر / الوقت