التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, نوفمبر 19, 2024

الدعوة لاقامة “الأسبوع العالمي للتضرع” و الابتهال إلى الله والاضطرار والاستغاثة بالمنقذ المنتظر 

متابعة ـ الرأي ـ
دعا عضو مجلس خبراء القيادة في ايران، آيت الله الشيخ عباس الكعبي، في بيان الى اقامة “الأسبوع العالمي للتضرع”، مؤكدا ضرورة الابتهال إلى الله والاضطرار والاستغاثة بالمنقذ المنتظر، وذلك للتخلص من وباء كورونا.

وجاء في البيان ما يلي:

بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ[سورة غافر: 60]

وقال: قلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاما [سورة الفرقان: 77]

وقال عزّ مِن قائل:وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون [سورة البقرة: 186]

وقال: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [سورة البقرة: 155 ـ 157]

أدب العبودية:

تؤكّد الآيات السالفة الذكر على حقيقة قرآنية ذات بعدين:

1ـ أنّ الدعاء (بمعنى قيام العبد الفقير بالطلب من الربّ الغنيّ القادر المتعال) هو أمر إلهي.

2ـ ممّن يستحقّ العذاب الأخروي هم المستكبرون، وكل من لا يطلب حوائجه من الله فهو من المستكبرين وبالتالي يكون مستحقّاً للعقاب الإلهي.

فالله تبارك وتعالى لا يعبأ ولا يتوجّه إلى عباده إذا لم يدعوه ولم يطلبوا منه، يقول الله تعالى: قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاما فقد كذّبتم بآيات الله وهذا الأمر سوف يلازمكم ولن ينفصل عنكم.

وانطلاقا من الآية الثالثة وأن الله قريب، فهو أقرب إلينا من حبل الوريد، وهو لا غيره يجيب دعوة من دعاه، فلنتوجه إليه خصوصا أثناء البلاء وتحقق حالة الاضطرار القهرية، فإنّ نزول البلاءات ـ التي تارة تصيب طائفة خاصة وتارة تكون عامة تعم البشرية أجمع ـ طبقا للسنن والقوانين والحكمة الإلهية التي بدورها تسبب نقصا وخوفا وتعطيلا وركودا في الأعمال والتجارة ونقصا في الأموال والأنفس. كبلاء وفيروس كورونا العالمي الذي هو مصداق لهذا البلاء العام. فعلى الرغم من كل التدابير المشددة والإجراءات الصحية اللازمة من قبل الدول والشعوب ومدعي القدرة والسلطة ظهر عجز الجميع مقابل التغلب على جرثومة صغيرة أطلق عليها اسم فيروس كورونا.

اعتقاد وعمل:

في هكذا ظروف إن السعي للوصول إلى طريق الحل والتغلب على الصعاب لإيجاد العلاج المناسب لفيروس كورونا يتطلب:

أولاً: الصبر التوحيدي والذي هو مطلوب ومؤثر حتما، بعبارة أخرى يتطلب التوجه إلى الله القادر المتعال، والاعتقاد بالمبدأ والمعاد، واليقين والتسليم والرضا بأمر الله تعالى.

ثانياً: إضافة إلى الصبر التوحيدي فإنّ الدعاء والتضرّع والتوجّه إلى محضر الحقّ تعالى بإظهار العجز والأنين وباستغفار وإنابة هو أمر ضروري، بمعنى أنه حيث وقوع البلاء العام فإن التضرع والأنين في حضرة الربّ الواحد الأحد جلّ وعلا وطلب العون والنصرة الإلهية في مواجهته هو علامة توحيد الله وإظهار للعبودية ولفقر الإنسان، والتضرع ضرورة اعتقادية وأخلاقية وليس مجرد أمر مستحسن واستحباب شرعي وفقهي.

العلاج الناجع:

لا يخفى أنّ صلاة الآيات تجب عند وقوع بعض البلاءات أو الآيات المخوفة، لكن في بعض البلاءات الصعبة الأخرى كانتشار فيروس كورونا حيث لم تجب صلاة الآيات، فينبغي على الفرد ـ مضافا إلى القيام بالواجبات الشرعية لأجل حفظ النفس والأمن من الضرر كاتباع الارشادات الصحية من قبيل الحجر المنزلي وعدم الاجتماع والاحتكاك بالآخرين لقطع انتشار كورونا، أو وجوب مراجعة الطبيب للمعالجة ـ مضافا إلى ما مرّ أن لا يغفل عن الارتباط المعنوي أعني الدعاء والتضرع مع الاستغفار والتوبة والتوسل وقراءة زيارة عاشوراء وتوجه القلوب إلى حضرة بقية الله الأعظم عجل الله فرجه الشريف فمما لا شك فيه أن هذه الأمور تزيل العُقَد الصعبة، والمدد الإلهي يسهل الطريق لهزيمة كورونا وما هو أعظم منها.

عدم اجتماع الأجساد لا يعني عدم اجتماع القلوب:

لطالما كان التأكيد في الأحاديث الشريفة على ضرورة الاجتماع أثناء الدعاء والتضرع إلى الربّ جلّ وعلا في البلاءات العامة والمشاكل الاجتماعية الصعبة وهي حتما مؤثرة جدا. بالمقابل وبّخ الله سبحانه وتعالى بشدة عدم التضرع مؤكدا أن عدم التضرع هو نتيجة لقسوة القلوب يقول تعالى: فَلَوْلاَ إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[الأنعام: 43].

كذلك يقول أمير المؤمنين عليّ في نهج البلاغة: ولو أن الناس حين تنزل بهم النقم وتزول عنهم النعم فزعوا إلى ربهم بصدق من نيّاتهم ووله من قلوبهم لردّ عليهم كلّ شارد وأصلح لهم كلّ فاسد [نهج البلاغة الخطبة 178 القسم الثاني].

وفي السياق نفسه روي عن الإمام السجاد أنّه قال:الدعاء يرد البلاء النازل وما لم ينزل [أصول الكافي/ باب إن الدعاء يرد البلاء النازل].

وعليه يكون الفزع إلى الله تعالى مجتمعين في البلاء العام هو الأصل في التضرع، ولكن بما أنّ الاجتماع مضر في الأمراض المعدية ككورونا فيمكننا حينئذ القيام بوظيفتنا وهي التضرع والتوسل من منازلنا في وقت واحد محدد أو بشكل متواصل لمدة أسبوع مثلا ـ يتم الإعلان عن ذلك من علماء الدين والمتصدين للشأن الديني ـ التوجه إلى محضر الله تعالى بالأنين والتضرع والدعاء مع الاستغفار والتوبة ـ خصوصا في شهر شعبان المعظّم الذي هو شهر انقطاع العرفاء الربانيين إلى الله، وشهر الاستغفار والمناجاة الشعبانية حيث ولادة منجي البشرية عجل الله تعالى فرجه الشريف في النصف من شعبان.
ولا تجد أفضل من طلب المدد والنصرة الإلهية إذا كان مقرونا بتوجه القلوب إلى حضرة صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف ومتوائما مع التوسل بقطب عالم الإمكان عبر قراءة دعاء الفرج مثلا إلهي عظم البلاء وبرح الخفاء …كذلك قراءة دعاءيا من إذا تضايقت الأمور فتح لها بابا لم تذهب إليه الأوهام فصلِّ على محمد وآل محمد وافتح لأموري المتضايقة بابا لم يذهب إليه وهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

وهنا مرّة أخرى مع كامل التقدير أتقدم بالشكر لسماحة السيد القائد الإمام الخامنئي دام ظله، الحكومة، الشعب العزيز ولكل من يجاهد ويضحي لأجل سلامة المجتمع والأمة، وأخصّ بالذكر المدراء، العمال، الأطباء وكل الطاقم الطبي، الهلال الأحمر والمتطوعين، وطلبة العلوم الدينية وعلماء الدين، طلاب الجامعات، وجميع عناصر الحرس الثوري والتعبئة والقوى المسلحة وكل الأشخاص الذين شاركوا بصدق تحت الخطر ضمن التعبئة الشعبية لحفظ السلامة.

على أمل أن يكون إظهار العجز والفقر إلى الله وتوجه القلوب إلى حضرة الحجة بن الحسن المهدي أرواحنا لتراب مقدمه الفداء مؤثرا في رفع ودفع البلاء وأن تصل مساعي مجتمع السلامة والأطباء والدول والشعوب إلى نتيجة من أجل رفع ودفع هذا الفايروس المنحوس وأن نهزم كورونا بواسطة المدد الإلهي وجذب عناية حضرة ولي الله الأعظم عجل الله تعالى فرجه.

الأسبوع العالمي للتضرع:

وحيث إن بلاء كورونا هو عالمي فمن الأفضل أن يكون التضرع عالميا أيضا، بل المبادرة إلى عقد أسبوع عالمي عنوانه الدعاء وطلب المدد والنصرة الإلهية وتوجه القلوب إلى ساحة إمام العصر والزمان وذلك عبر إلفات نظر جميع المؤمنين في العالم إلى ضرورة أن يصبح هذا المطلب عالميا. ويمكن للإذاعة والتلفاز وسائر وسائل التواصل أن تطرح في هذا المجال برنامجا خاصا.

أجدد تأكيدي على ضرورة أن لا نغفل إلى جانب مراعاة التوصيات الصحية والأنظمة والقوانين المرعية الإجراء لمواجهة كورونا عن التأثير الرائع للتضرع والإنابة والأنين في محضر الرب الرحيم والودود، وجذب العناية الخاصة لحضرة ولي العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف وآثاره المعنوية والاجتماعية الكثيرة في شهر شعبان المعظم والله المستعان وعليه التكلان في دفع ورفع هذا البلاء بحق محمد وآل محمد الطاهرين.

عباس الكعبي
1 ـ شعبان المعظم ـ 1441 هـ. ق.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق