حياة المسلمون الهنود في ظل التمييز والقمع؛ هل أصبح “كورونا” هذه المرة عذراً!
كشفت العديد من التقارير الطبية العالمية أن فيروس “كورونا” اجتاح حوالي 200 دولة حول العالم خلال الاشهر القليلة الماضية ووفقا لأحدث الإحصاءات، تجاوز عدد المرضى في جميع أنحاء العالم 2 مليون شخص، ولفتت تلك الإحصاءات إلى أن هذا الفيروس التاجي الخطير أدى إلى وفاة 134 ألف وفي ظل هذا الانتشار الكبير لهذا الفيروس في عدد كبير من دول العالم، قامت بعض الدول باستغلال هذه الجائحة للتستر على عمليات القمع التي تقوم بها في حق مواطنيها. وحول هذا السياق، ذكرت العديد من المصادر الاخبارية أن الحكومة الهندي زادت خلال الفترة القليلة الماضية من حملات القمع والتمييز العنصري ضد المسلمين الهنود، بل إنها ذهبت أبعد من ذلك ووجهت لهم اتهامات بنشر هذا الفيروس الخطير في العديد من المدن والمحافظات الهندية.
وعلى صعيد متصل، ذكرت صحيفة “رويترز” الأمريكية، أن تفشي فيروس “كورونا” في عدد من المدن الهندية قد عزز من موجة الكراهية التي تُمارس ضد المسلمين في الهند، وذلك بمشاركة مسؤولين حكوميين ووسائل إعلام محلية وأشارت هذه الصحيفة إلى اتهام وزارة الصحة الهندية جماعة دينية مسلمة بالمسؤولية عن انتشار فيروس “كورونا”، في الوقت الذي انتشرت فيه وسوم تحريضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تحت عناوين قنابل بشرية وجهاد الكورونا. وأكدت الصحيفة أن شباناً مسلمين تعرضوا للضرب العنيف في الشوارع، كما هوجموا بالمساجد، وطُردوا من بعض الأحياء وفي ولاية “بنجاب” مثلاً، بثت مكبرات الصوت بمعابد السيخ رسائل تطلب من الناس عدم شراء الحليب من أصحاب مزارع الألبان المسلمين، لأنه يحتوي على فيروس كورونا.
وفي سياق متصل، شكى “محمد حيدر”، الذي يدير كشك حليب صغيراً، من الاعتداءات المستمرة قائلاً: “هنا يحتاجون أي سبب صغير للاعتداء علينا، وليس فقط كورونا”. ومن جانبه، أكد رئيس المركز الإسلامي في الهند “خالد رشيد”، أنه لم يكن على الحكومة أن تلعب لعبة اللوم، مضيفاً أن تناول القضايا من منظور ديني في الإحاطات الإعلامية، يخلق انقساماً كبيراً. وحذَر “رشيد” من تداعيات هذه الممارسات قائلاً: “قد يموت فيروس كورونا، لكن من الصعب القضاء على فيروس التنافر الجماعي عندما ينتهي هذا الأمر”.
ادانات المجتمعات الإسلامية
أدانت العديد من الدول الاسلامية والمنظمات الحقوقية العالمية حملة القمع التي تشنها الحكومة الهندية ضد المسلمين الهنود وفي هذا السياق، انتقدت منظمة التعاون الإسلامي الحكومة الهندية بسبب القيود التي فرضتها على المسلمين الهنود واتهامهم بنشر فيروس “كورونا” في عدد من المدن والمحافظات الهندية وقالت المنظمة، في بيان، إن “إنكار الحقوق الدينية يشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وهو إهانة للمسلمين في جميع أنحاء العالم”. وشددت هذه المنطقة على ضرورة ضمان حماية حقوق المسلمين في الهند وممارسة حقوقهم الدينية. ودعت المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والهيئات الأخرى ذات الصلة، إلى تعزيز الجهود لحماية المسلمين الهنود من عمليات القمع والتمييز العنصري التي تقوم به السلطات الهندية.
وعلى صعيد متصل، أدان رئيس وزراء باكستان “عمران خان” عمليات القمع والتمييز العنصري التي تقوم به الحكومة الهندية ضد المسلمين الهنود. واعتبر رئيس الوزراء الباكستاني أن عمليات القمع التي تقوم بها السلطات الهندية تُعد انتهاكا واضحا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بينما قالت الخارجية الباكستانية في بيان، إن إسلام آباد ستمارس كل الخيارات الممكنة لمواجهة الخطوات غير القانونية، والقمعية التي تقوم بها السلطات الهندية ضد المسلمين الهنود. وشهدت عدة مناطق في باكستان احتجاجات، ورفع عشرات المحتجين أعلاما سوداء وأحرقوا إطارات السيارات وهم يهتفون تسقط الهند.
التمييز العنصر ضد مسلمي الهند
ذكرت العديد من التقارير أنه يبلغ عدد سكان الهند أكثر من 1.3 مليار نسمة، 80% من الهندوس و14% من المسلمين، مما يعني أنه يسكنها عدد من أكبر السكان المسلمين في أي بلد بالعالم، ولكن حكومة “مودي” الهندوسي القومي ترفض هذه الحقيقة، وتسعى كلما تمكنت من تصدير المسلمين في صورة الجسم الغريب الدخيل على المجتمع الهندي الذي لا يشبهه ولا يمكن أن يكون جزءًا منه. وخلال 72 عامًا من استقلال الهند، لم تشهد البلاد أزمة أكثر خطورة من التي تمر بها حاليًّا، فقد تم الضغط على مؤسساتها ومحاكمها ووسائل الإعلام ووكالات التحقيق ولجان الانتخاب لكي تطأطئ رأسها لسياسات “مودي” وتوجهاته الدينية المتطرفة، مع تكميم ممنهج لصوت المعارضة السياسية، ما ساعد في بناء نظام بيئي هندوسي وطني خطير. ولفتت تلك التقارير أن “مودي” عين متطرفين هندوس في مناصب حكومية عليا، بما في ذلك “يوجي أديتياناث”، رئيس وزراء ولاية “أوتار براديش”، أكبر ولاية في الهند، الذي وصف المسلمين بـ”قطيع حيوانات” ووعد بشن حرب دينية، كما قال عن المتظاهرين على تعديل حق المواطنة، إذا لم يفهموا بالكلام، سيفهمون بالرصاص. إضافة إلى ذلك، وضع “مودي” حلفاءً قوميين هندوس آخرين على رؤساء الجامعات والمؤسسات الثقافية المهمة، كما تم تغيير أسماء الأماكن وكذلك الكتب المدرسية للتقليل من أهمية مساهمة المسلمين في الهند.
اعلان حكومة “نارندرا مودي” الحرب على الهوية الاسلامية في الهند
كشفت العديد من التقارير الاخبارية أن التمييز العنصري ضد المسلمين في الهند منتشر لدرجة أن أحدا لا يعبر عن غضبه عندما يخبره صاحب منزل برفضه تأجيره وأوضحت تلك التقارير أن المسلمين هبط مستواهم التعليمي، وأصبح خلف الهندوس في العقود الأخيرة، إضافة لغياب الفرص الاقتصادية والحصول على العمل، والسبب الرئيسي هو التمييز الممارس ضدهم. وأشارت تلك التقارير إلى أن المسلمين في الغالب يعيشون في القرى التي لا تتوفر فيها الكهرباء أو المدارس والعيادات الصحية، وهم غير مؤهلين للحصول على القروض من البنوك.
ولفتت تلك التقارير إلى أنه وبعد الفوز الكاسح الذي حققه حزب “بهاراتيا جاناتا” المتطرف، يقول بعض المسلمين إنهم قلقون على وضعهم في الهند الذي قد يصبح أكثر ضعفا. وأوضحت أن الزعيم الفائز “نارندرا مودي” الذي تولى منصب رئيس الحكومة في الهند، له علاقة متوترة مع المسلمين الذين يشكلون كما تقول 15% من مجمل عدد السكان، وقد كان مسؤولا عن ولاية “كوجرات” عندما اندلع العنف فيها عام 2002، وأدى لذبح أكثر من ألف مسلم، كما ارتبط مودي بعصابة قتل كانت تستهدف المسلمين في الغالب. وذكرت تلك التقارير أن “مودي” أصدر قبل عدة أسابيع قانون تعديل المواطنة والذي اعتبره العديد من الخبراء بأنه قانون عنصري، يهدف إلى سحب الجنسية الهندية من مسلمي الهند.
وعلى صعيد متصل، ذكرت العديد من المصادر الاخبارية أن مسلمو الهند خرجوا قبل عدة أسابيع إلى الشوارع للاحتجاج على قانون تعديل المواطنة، وخلال تلك الاحتجاجات قام عدد من الهندوس المتطرفين بقمع تلك الاحتجاجات السلمية وفي هذا السياق، ذكرت العديد من التقارير الاخبارية أن سبب احتجاج المسلمين الهنود هو أن هذا القانون سيحرم عددًا كبيرًا من الأقلية المسلمة الهندية من الجنسية. ولفتت تلك المصادر إلى أن 200 مليون مسلم الذين يعيشون في الهند يرون أن قوانين الجنسية التي استحدثها رئيس الوزراء “مودي” تمييزية ضد المسلمين. وانتفض هؤلاء في الهند التي شهدت احتجاجات ضخمة بعد إصدار قانون جديد للجنسية يعطي الأولوية لغير المسلمين من الدول المجاورة للهند، مثل باكستان، في الحصول على الجنسية.
وفي الختام يمكن القول أنه يبدو أن الحكومة الأصولية الحاكمة في الهند قد بذلت جهودًا مكثفة للقضاء على الهويات والرموز الإسلامية في بلد الاثنين والسبعين قومية، بحيث تكون الهند، بكلماتهم الخاصة، بلدًا للهندوس، ووفقًا للقادة الحاكمين والأصوليين في الهند، فإن هذه الإجراءات، سوف تقوض وتقضي على ما تبقى من التراث الإسلامي في الهند. بعبارة أخرى، يبدو أن إزالة الحكومة للحروف الإسلامية طريقة لتهميش المسلمين في الهند وحرمانهم من نصيب تاريخ الهند وماضيها.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق