التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 18, 2024

هل تنقذ خطة “دياب” الاقتصادية لبنان من الأزمة 

في خضم الجولة الجديدة من الاحتجاجات المحدودة في لبنان بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة وانخفاض قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي، كشفت الحكومة اللبنانية، بقيادة رئيس الوزراء حسن دياب، عن خطتها الاقتصادية والمالية الجديدة في 30 أبريل 2020 ، والتي وافق عليه مجلس الوزراء اللبناني بتوافق الآراء. وأوضح رئيس الوزراء اللبناني الأهداف الرئيسية للخطة التي سُميت “خطة الإنقاذ الإقتصادي” قائلا أن “الخطة تم الاتفاق عليها ليس لأنها خطة تاريخية فحسب، بل لكونها تحدد المسار للحكومة لتصحيح الواقع الحالي”. والسؤال هو هل من الممكن أن تكون خطة حسن دياب نهاية للأزمة الاقتصادية في لبنان؟

خطة دياب في خضم اقتصاد لبنان المفلس
تعد لبنان من أكثر البلدان مديونية في العالم وتمتلك اقتصاد يقوم على الدخل المكتسب من قطاع السياحة والمساعدات المالية من البلدان الأخرى. وقد اندلعت المظاهرات احتجاجا على الظروف الاقتصادية والمعيشية السيئة أواخر الصيف الماضي وكانت بمثابة رد على استمرار عدم كفاءة الحكومات السابقة في حل أزمة السنوات الأخيرة، مما أجبر رئيس الوزراء سعد الحريري الى تقديم الاستقالة في نهاية المطاف.
ان استمرار هذه الاحتجاجات التي شهدتها معظم المدن اللبنانية خلال هذه الفترة، وما تلاها من تباطؤ في عجلة إقتصاد البلاد، زاد من تدهور الوضع الاقتصادي، الى أن انتشر فيروس كورونا في البلاد وفُرضَ الحجر الصحي، والذي أدى بدوره الى تضاعف الضغوط على الاقتصاد اللبناني.
ومع ذلك، فإن الخطة الاقتصادية لحكومة حسن دياب، والمعروفة أيضًا بخطة الإصلاح المالي، تتضمن ستة بنود مهمة ورئيسية (مالية ومصرفية ونقدية والدعم الاجتماعي والتنموي). وبحسب رئيس الوزراء اللبناني، فقد تشاورت حكومته مع لجان مختلفة على مدار الـ 24 يومًا الماضية، بما في ذلك الخبراء الاقتصاديين والماليين والنقابات وممثلي مختلف القطاعات الاقتصادية والصناعية والأكاديمية لإعداد هذه الخطة.
يتعلق البند الأول من الخطة بطلب بيروت للحصول على قروض ومساعدة مالية من مؤسسات مالية دولية. وشدد دياب في بيان على أن حكومة بلاده ستطلب من صندوق النقد الدولي في المستقبل، مساعدات مالية بقيمة 10 مليارات دولار، بالإضافة إلى المساعدات التي وعدت بها الدول الحاضرة في قمة باريس في أوائل عام 2020 لمساعدة لبنان. وقال دياب إن خطة الإصلاح الاقتصادي الجديدة ستبدأ على الفور وسيتم تنفيذها على مدى السنوات الخمس المقبلة. وتسعى الخطة إلى خفض عجز الموازنة في لبنان إلى أقل من ستة بالمائة (5.6 بالمائة).

تقليل الديون الخارجية
تعد واحدة من الأزمات الرئيسية وأهم مشكلة للحكومة اللبنانية على مدى السنوات القليلة الماضية، هو فيما يتعلق بمشكلة الديون الخارجية للبلاد. حيث تبلغ ديون لبنان حاليا 92 مليار دولار، أو أكثر من 170 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وفي الأشهر الأخيرة، أعلن العديد من المسؤولين الحكوميين اللبنانيين أنهم لن يتمكنوا من سداد الديون الخارجية.
ومع ذلك، فإن احدى البنود المهمة لخطة دياب هو جعل الدين المستقل منظمًا وخفض الدين العام إلى أقل من 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ويبدو أن تحقيق هذه الغاية صعب إلى حد ما بالنسبة للبنان، الذي لديه اقتصاد قائم على الواردات وتلقي مساعدة مالية أجنبية. وتجدر الإشارة على وجه الخصوص إلى أن فيروس كورونا تسببت في الوقت الحالي في زيادة وتيرة نطاق الأزمة الاقتصادية. لذلك، يبدو أن هيكلة نظام التدقيق يمكن أن تكون أهم استراتيجية لحكومة بيروت لتنفيذ هذه الاستراتيجية.

استرداد الأموال غير المرئية
المجال الآخر الذي يحتاج الاقتصاد اللبناني بشدة لإعادة بنائه هو استعادة رأس المال والأموال التي تختفي بشكل مثير للريبة في البلاد، أو بعبارة أخرى، الأموال التي نُهبت ولا يوجد ما يدل عليها بسبب الفساد. وبحسب كبار المسؤولين اللبنانيين، فإن أصحاب خمسة مصارف خاصة حولوا نحو 2.3 مليار دولار من ودائع الناس الى الخارج، وهذا ليس سوى جزء من تحويل الأموال العامة من لبنان إلى دول أخرى، الأمر الذي احتج عليه الناس بشدة.
وفي الواقع، بسبب الأزمة الاقتصادية وسوء الأحوال المعيشية والمصرفية، تم تحويل أصول بقيمة 6.5 مليار دولار من مدخرات الشخصيات السياسية اللبنانية والمدراء العامين إلى الخارج في أواخر ديسمبر 2019 وعندما علم المواطنين اللبنانيين بذلك احتجوا بشدة على الموضوع.
وشدد دياب، في الوضع الراهن، على أنه سيعيد الأموال المنهوبة من لبنان إلى الخزينة، وأن هذه ستكون إحدى المهام الرئيسية لحكومته. لذلك، فإن إحدى الخطوات والأولويات الرئيسية للخروج من الأزمة الاقتصادية وتحسين الوضع السياسي في البلاد هي استعادة الأموال المسروقة وإعادتها إلى الاقتصاد اللبناني. ويمكن القول إن الحكومة اللبنانية يمكنها أن تهدئ الشارع اللبناني وتنهي الاحتجاجات من خلال تنفيذ هذا البند.

المواجهة الكبيرة مع فيروس كورونا
إلى جانب المشاكل والأزمة الاقتصادية الرئيسية التي تضرب لبنان، أصبح فيروس كورونا عاملاً إضافيا في تفاقم الوضع في البلاد. كما أن قطاع السياحة، الذي يُعد من أهم مصادر الدخل في الإقتصاد اللبناني، توقف تماما في ظل تفشي كورونا ومن غير الواضح إلى متى سيستمر ذلك.
إن غض النظر عن عائدات السياحة ليست قضية يمكن للحكومة التغلب عليها بسهولة، لكن في ظل هذه الظروف المتأزمة بسبب تفشي فيروس كورونا، وفَرِض قيود كبيرة على البلاد في مختلف المجالات، خاصة إغلاق الدوائر الحكومية الرسمية، أصبح لابد من التعامل من الواقع الحالي بالإمكانات المتاحة.
لذلك، فإن خطة الحكومة لتحسين الوضع عن طريق إعادة فتح الدوائر الرسمية وإنهاء القيود الموضوعة بسبب كورونا هي أحد الشروط المسبقة التي يجب على الحكومة اللبنانية التفكير فيها لتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد، وإلا فإنها ستواجه بالتأكيد مشاكل كبيرة ولن يكون بإمكان خطة حسن دياب آنذاك إنقاذ الاقتصاد اللبناني المتضرر.

إصلاح النظام المصرفي
يواجه النظام المصرفي في لبنان، وهو أحد المؤسسات الاقتصادية في البلاد، أزمة عملة حادة وهو غير قادر حتى على سداد ودائع المواطنين.
وتنتهج الحكومة اللبنانية خطة جديدة لإعادة بناء القطاعين المصرفي والمالي حتى يتمكن الاقتصاد من التعافي من الركود ويصبح أكثر ديناميكيًا، ويخلق فرص عمل جيدة ومستدامة، ويُنشئ قطاعات اقتصادية واعدة للغاية. وعلى الرغم من أن هذه الخطة تبدو وكأنها استراتيجية منطقية وقابلة للتطبيق إلى حد ما على الورق، ولكن بالنظر إلى النظام المتضرر والأزمة الكبيرة للنظام المصرفي اللبناني، فإنه يجب أن يرافقه إصلاحات كبيرة في مجال البيروقراطية الإدارية.
وفي النهاية، يمكن القول أن ما يمكن استنتاجه من المشاكل الاقتصادية في لبنان بشكل عام وخطة رئيس الوزراء، هو شمولية وواقعية الخطة الاقتصادية لفتح الباب أمام الاقتصاد اللبناني ثم دفعه الى الأمام. ولكن الى أي مدى سينجح دياب في إقناع المقرضين الأجانب وتقليل التدخل المحلي لدفع هذه الخطة الاقتصادية إلى الأمام، هي مسألة تستغرق وقتًا.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق