التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

نتنياهو يتلاعب بالقضاء.. ومصير حكومته مؤجل لما بعد الكورونا 

منذ تسلمه رئاسة وزراء الكيان الإسرائيلي لم يكن بنيامين نتنياهو يتخيّل أنّ تُضاف أسئلةٌ أخرى إلى الأسئلة التي تدور حول شرعية وجوده في هذا المكان، فجميع الأسئلة التي كانت تُطرح تتعلق بأهلية نتنياهو لشغر منصب رئاسة الوزراء، وكانت تلك الأسئلة تتعلق بجانبين مهمين (سياسيًا وقياديًا)، ولكن طُرح هذا الأسبوع سؤلًا ربما أكثر تأريقًا لنتنياهو ويتعلق بشرعيته القانونية لمنصب رئاسة الوزراء، لتبدأ المحكمة العليا في الكيان الإسرائيلي وفي لجنة موسعة ضمّت 11 قاضيًا، مُناقشة الالتماسات التي المُقدمة لإثبات أن بنيامين نتنياهو، المتهم بارتكاب عدّة جرائم تمسُّ النزاهة، لا يمكنه تشكيل الحكومة الجديدة، بعد اتفاقه مع بيني غانتس لتشكيل حكومة ائتلافية.

تسييس القضاء

جاهدًا يُحاول نتنياهو تمرير تشكيل هذه الحكومة برئاسته، الأمر الذي قد يصطدم بشرعيته لشغر هذا المنصب، ولحلِّ هذه المُعضلة يُحاول نتنياهو إخراج المحكمة من إطارها القانوني في سبيل إقرارها ببقائه في منصبه، غير أنّ المحكمة وقُضاتها يحاولان إبقاء أنفسهم داخل الإطار القضائي والابتعاد عن الإطار السياسي والجو السياسي القائم هذه الأيام في الكيان الإسرائيلي.

البعض من مؤيدي نتنياهو يؤكدون أنّ سُلطات المحكمة محصورة فقط بشرعيّة تشكيل الحكومة ورئاسة نتنياهو لها، فالسلطة التشريعية وحسب قولهم واضحة للغاية في هذا الأمر، ويرون أنّه من حق المحكمة إنهاء ولاية نتنياهو إذا أُدين بأيٍّ من القضايا المرفوعة ضدّه.

لكن وعلى الجانب الآخر؛ وخلال جلسة المحكمة تظاهر عدد من الناشطين، في محاولةٍ لثني المحكمة عن الانجرار وراء ألاعيب نتنياهو، حيث قاد تلك التظاهرات حركة “حكومة الجودة”، وهي أحد الذين قدّموا التماسات للمحكمة الدستورية العليا وحركة “إذا أردت” التي تُعارض وصول نتنياهو لقيادة الحكومة.

أكثر من ذلك بدا تدخل نتنياهو واضحًا في المحكمة وقراراتها بعد تصريح النائب العام في الكيان وتأكيده بعدم وجود أي عائق قانوني أمام عضو الكنيست المُتهم بعدّة جرائم من أن يقبل تفويضًا لتشكيل الحكومة، مُستندًا في ذلك على نتائج الانتخابات التي يجب وحسب رأيه تحقيق إرادة الناخب، مُتناسيًا وهو نائب عام أنّ الخطاب الشعبوي لا ينفع داخل أروقة المحاكم، وهو مُناسبٌ فقط لتأجيج العامة.

محاولات ضغط

على النقيض من مؤيدي نتنياهو، يتخوّف قسم كبير من مواطنو الكيان الإسرائيلي من أنّه من المُستبعد أنّ تُقرر المحكمة التدخل وإنهاء ولاية نتنياهو بسبب التهم الموجّه ضدّه، كون القضاء لم يبتّ بها حتى هذه اللحظة، خصوصًا بعد تأجيل جلسات مُحاكمته بسبب انتشار فايروس كورونا داخل الكيان.

وبناءً عليه؛ يبدو أنّ الالتماسات التي قُدِّمت للمحكمة ليست سوى فعل احتجاجي أراده به مُقدّموه إحداث نوع من التأثير على الرأي العام بهدف حث السلطة التشريعية داخل الكيان الإسرائيلي على سن قوانين تمنع تولي المُتهمون رئاسة الحكومة أو حتى مناصب الوزراء أو رئاسة البلديات، ومن ناحية أخرى مُطالبين بعد الخلط بين السياسية والقانون، وهو الأمر الذي أصبح خطيرًا للغاية ومدمّرًا، حسب قول مُقدمو الالتماسات، بعد التصريحات الاستفزازية التي أطلقتها نائبة رئيس القضاة “حنان ميلتزر” حيث قالت إنّ وجود لائحة اتهام بحق أيِّ كان لا يمنعه من الترشح وتولي رئاسة الوزراء، الأمر الذي يشي بأنّ نتنياهو قد تمكّن من شراء هيئة المحكمة، ولم يعد يخشى شيء فيها.

حكومة على صفيحٍ ساخن

تُناقش المحكمة الدستورية العليا وبالإضافة لأهلية نتنياهو لقيادة الحكومة، أمرًا آخر، ليس أقل وطأةً من الأول، فمسألة تشكيل حكومة ائتلافية وتناوب نتنياهو وبيني غانتس على رئاستها باتت هي الأخرى محلّ جدل ونقاش داخل المحكمة، وهو الأمر الذي يخشاه نتنياهو، خصوصًا أنّه تمكّن من تشكيل هذه الحكومة بعد ثلاث انتخابات لم يستطع أحدٌ خلالها تشكيل الحكومة.

في النهاية؛ يتخوّف الكثير من مواطني الكيان من لعبة سياسيّة يقوم بها نتنياهو من شأنها إبعاد يد القضاء عنه، من خلال التدخل بعمل اللجنة القضائية، خصوصًا إذا علمنا أنّ أحد أبرز نقاط الخلاف مع بيني غانتس كانت تعيين قضاة المحكمة الدستورية العليا، ليتم الاتفاق بعدها على تشكيل الحكومة الائتلافية، الأمر الذي يشي بأنّ أمرًا ما حدث في محكمة الكيان سهّل تشكيل الحكومة، ومن هنا يُمكن استنتاج أنّ نتنياهو قد أحكم سيطرته على المحكمة الدستورية العليا، وبات لا يخشى أحدًا فيها، ولكن يبقى قلقه واضحًا من الأحكام التي سيُصدرها القضاء ضدّه نتنياهو في قضايا الفساد والرشوة المرفوعة ضدّه، وعندها لن يكون بمقدوره تشكيل الحكومة، خصوصًا إذا علمنا أنّ نتنياهو لن يتمكن من الخروج سالمًا من القضايا الثلاث المرفوعة ضدّه.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق