السعودية تُحْدث انقلاباً في قطر.. اشتباكٌ إعلاميّ بين البلدين
لايزال صراع الممالك في منطقة الخليج الفارسي مستمراً، صراع يصفه البعض بالـ”حرب الباردة” بين دول “مجلس التعاون الخليجي” وعلى وجه الخصوص بين مملكة آل سعود و مملكة آل ثاني، ويتمحور هذا الخلاف حول التنافس على النفوذ الإقليمي، وقد ازداد توتر العلاقات بين البلدين في بداية مايسمى “الربيع العربي” الذي خلق استماتة عند تلك الدول لإيجاد موطئ قدم لنشر نفوذها في العالم العربي، وبين هذا وذاك كانت أمريكا الحليف المشترك للدولتين معاً، و نأت بنفسها في الظاهر عن هذا الصراع للحفاظ على مصالحها.
ومن الجدير بالذكر أنَّ نقطة الالتقاء القطرية-السعودية الوحيدة، كانت في الاتفاق على تدمير سوريا ومحاولة تفتيت نسيجها الاجتماعي، والسعي لتغيير نظامها السياسي من خلال الدعم المباشر و اللا متناهي للإرهابيين هناك، بما يتماشى مع مصالحهم الدموية، غير آبهين بما سيلحق بالبلاد وشعبها من دمار وقتل وتشريد.
حرب إعلاميّة
في أعقاب هذا الصراع يُظهر الإعلام السعودي والقطري حجم تشعب الخلاف بين الدولتين، خلافات متجزرة لم تكن وليدة اللحظة في كثير من القضايا، وقد ظهرت جلياً على السطح في السنوات الأخيرة، كان آخرها ما تداوله نشطاء وإعلاميون سعودييون من مقاطع فيديو عبر المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، تُظهر دوي انفجارات وإطلاق أعيرة نارية في قطر، وتحديداً في منطقة الوكرة، تحت عنوان “محاولة انقلاب” على النظام القطري، فيما تداول ناشطون آخرون فيديوهات تُظهر تحركاً لمدرعات عسكرية نحو قصر الأمير، وذكرت تلك المواقع أنَّ الانقلاب يقوده “حمد بن جاسم” رئيس الوزراء و وزير الخارجية السابق.
وردت وزارة الخارجية القطرية، الاثنين المنصرم، على الأخبار المتعلقة بحدوث انقلاب في البلاد، نافيةً كل الشائعات والأنباء حول ذلك، واصفة تلك الأخبار بالـ”حشو الإعلامي”.
من ناحية أخرى، تشن ترسانة الإعلام القطري هجوماً حاداً على السعودية، بمختلف التغطيات الإخبارية و الوثائقية، وتأخذ مهاجمة السعودية حيزاً كبيراً من تلك البرامج، ولا يكف المحللون والباحثون الذين يظهرون على إعلام الدوحة عن كيل الاتهامات لآل سعود، حملة تقودها شبكة الجزيرة القطرية التي تمثل الواجهة الإعلامية للنظام القطري كما يقول محللون، ويصفها آخرون بأداة قطر لتصفية الحسابات، ضد ترسانة السعودية الإعلامية والتي تمثل قناة العربية تحديداً، السلاح الأقوى فيها.
آمال المصالحة
لا يمكن أن يمر حدث دون أن يستغله الإعلام السعودي والقطري لمحاربة بعضهم البعض، وتشهد هذه الأيام هجوماً إعلامياً يبدو أنه قد وصل إلى ذروته، مما يدلل على انهيار آمال المصالحة القطرية-السعودية التي تحدث عنها بعض المسؤولين من كلى البلدين أواخر العام الماضي، فقطر بالنسبة للسعودية هي داعم للإرهاب وهي “الابن الضال” للخليج، بحسب ماذكرت ” قناة “الإخبارية” السعودية الرسمية في وقت سابق، كما أصبح برنامج “تويتر” منبراً للأمراء السعوديين وبعض الكتاب المعروفين لمهاجمة قطر، في المقابل أعلنت قناة الجزيرة القطرية عن فلم وثائقي جديد بعنوان “ما خفي أعظم” والذي سيتحدث عن ملف “الحرم المكي” والذي يعد أحد الملفات الحساسة بالنسبة لآل سعود.
وعلى هذا الأساس؛ لا يمكن أن نشهد انفراجاً في الأزمة المتشعبة بين حكومتي البلدين، رغم كل ماقيل عن حدوث بعض الاتصالات غير المباشرة، إلا أنه لم تتخذ أي خطوة من كلا من البلدين في سبيل المصالحة بشكل عملي، بعد اندلاع الأزمة، عام 2017، لذلك من المبكر جداً الحديث عن أي تقدم في إصلاح العلاقات السعودية-القطرية، بل العكس ربما تشهد الأيام القادمة تطوراً أكبر للأزمة بينهما.
إذن؛ هجوم إعلامي متبادل بين الدولتين الجارتين، لن يفعل شيئاً سوى زيادة حدة التوترات وتعميق الخلافات وتأزيم الأوضاع أكثر فأكثر، في ظل إعلام مسيس بشدة، يتلون مع السياسات الحكومية المتناقضة للبلدين، ويثير علامات استفهام كثيرة حول نوعية الخطاب المتحيز الذي يقدم للمخاطب العربي، فيجعل منه ضحية في شباك إعلامية بعيدة عن المهنية، بعد الشمس عن الأرض.
المصدر/ الوقت