التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 18, 2024

الغرب والأوركسترا غير المتوازنة للمؤامرة الصينية 

بعدما ابتُليت العديد من الدول الغربية بتحديات فيروس كورونا وانكشفت كذلك صعوبات جَعْل الاقتصاد الدولي بارزًا من بين أنقاض الأزمة في المستقبل القريب، يتم الآن الحديث عن سيناريوهات المؤامرة من قبل سلطات البلدان الغربية ضد الصين.
وفي 3 مايو كشفت وكالات الاستخبارات في تحالف (فايف آيز) الذي يضم الولايات المتحدة وبريطانيا ونيوزيلندا وأستراليا وكندا، عن نتائج دراستها والتي تفيد بأن الصين قامت بإخفاء وتدمير الأدلة التي تدينها في قضية تفشي فيروس كورونا المستجد، وخاصة فيما يتعلق بإمكانية انتقال الفيروس من شخص الى آخر. وفي الأيام التالية، تولى المسؤولون الغربيون، وخاصة الأمريكيون، زمام المبادرة وقام كل منهم بشحن الأجواء المعادية للصين.
حيث ادعى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، قبل يومين، أن هناك دلائل عديدة تشير الى أن منشأ هذا الفيروس، يعود الى مختبر في مدينة ووهان الصينية. وأعلن وزير الخارجية الأمريكي عن تورط الصين بصنع هذا الفيروس، مستشهداً بسيناريوهين، الأول هو كون هذا الفيروس صُنع ليكون سلاح بيولوجي، أو أنه انتقل من المختبر دون تعمد.
وفي اليوم التالي، التحق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بهذه الحملة وفي حديث مع قناة فوكس نيوز المفضلة لديه، علّق حول مصدر تفشي الفيروس المستجد، قائلاً إن الصين ارتكبت خطأ فظيعًا وحاولت التستر عليه. واضاف أنه “كان من الممكن أن ينتهي تفشي الفيروس في نفس المكان (الصين)، لكنهم لم يفعلوا ذلك لسبب ما، ونحن نفهم السبب.”
كما زعم وزير الدفاع البريطاني بن والاس يوم الإثنين أن هناك العديد من الأسئلة حول كيفية انتشار فيروس كوفيد-19 ، الأمر الذي يدعو الصين الى إجابة هذه التساؤلات، وهناك حاجة إلى إجراء تحقيقات عن دور بكين في تفشي الفيروس.
ومن ناحية أخرى، ترى بكين، التي غضبت بشدة من إصرار الغرب على إجراء التحقيقات الدولية، أن هذه التحقيقات علامة على نهج غير بناء. وقال نائب وزير الخارجية الصيني لو يوتشنغ في مقابلة مع بي بي سي يوم السبت ردا على مزاعم تستهدف اتهام بكين “لا يمكن لأحد اتهام الصين أولا ثم يقوم بإجراء ما يسمى بالتحقيقات الدولية لمجرد اختلاق الأدلة.” لماذا يجب أن تستهدف التحقيقات الصين فقط؟ “لماذا لا يتم استهداف البلدان الأخرى لإجراء تحقيقات دولية؟”
على الرغم من أن الدول الغربية تتحدث عن الحاجة إلى إجراء تحقيق دولي، لكن المؤكد أن هذه العملية قد بدأت منذ وقت طويل بشكل غير رسمي وسري من قبل منظمات الاستخبارات والتجسس الغربية لكي تتمكن هذه الحكومات، أولاً، أن تواجه تفشي الوباء بالطرق المناسبة وثانياً، هو لأجل إرفاق وثائق ضرورية وذات مصداقية لإتهام الصين من جانب واحد من قبل المسؤولين السياسيين في الغرب. وهذا جزء أساسي من دور المنظمات الأمنية والعسكرية في الدول المستعدة لمواجهة الحرب البيولوجية في الوقت المناسب.
ومع ذلك، تشترك جميع الاتهامات التي وجهها المسؤولون الغربيون الى الصين، الى الإشارة الى موضوع آخر وهو أنه لا يوجد دليل لإثبات هذه الادعاءات، وأن الأسس التي تقول بتعمد إنتاج الصين فيروس كورونا وتفشيه في الدول الأخرى، لا يتعدى كونه يعتمد على النظريات والفرضيات فقط.
وفي هذا الصدد، اضطر رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، إلى الاعتراف يوم السبت بأنه لا توجد أدلة مباشرة تدل أن الفيروس نشأ في مختبر معهد ووهان بالصين، وذلك بعد أن اثارت تصريحاته السابقة غضب الصينين حيث هددت بكين بقطع العلاقات الاقتصادية مع كانبيرا، بعدما جاءت تصريحاته مماثلة لسيناريوهات الولايات المتحدة.
كما أصدرت وكالات الاستخبارات في تحالف (فايف آيز) يوم الخميس بيانا نفت فيه فرضية ان يكون كورونا من صُنع بشري، قائلين إن الفيروس لم يتم تعديله وراثيا. وقد أكدت بحوث العلماء حتى الآن أن مصدر الفيروس أتى من الحياة البرية، ومن المحتمل أن تكون الخفافيش أو النمل الحامل الرئيسي للفيروس.
إن ادعاءات المسؤولين الغربيين، كما ذكرنا سابقا، تستند بشكل عام إلى فرضيات، مثل سبب إعلان الصين عن تفشي المرض في وقت متأخر، أو أنه كيف تم السيطرة على تفشي الفيروس في الصين على عكس الدول الغربية؟ أم لماذا نصحت الصين هذه الدول بعدم غلق حدودها؟ وغيرها من الأسئلة التي يعتبرها الصينيون نتاجًا للعقلية التآمرية للمسؤولين الغربيين وفي الوقت ذاته دحض الصينيون هذه الادعاءات تمامًا.
ووفقًا لدراسة أجرتها فورين بوليسي، يموت 84000 إلى 92000 شخص جراء الأنفلونزا في الصين كل عام. وبالطبع، بالنظر إلى هذه الإحصائيات، يمكننا أن نتوقع أن يكون عدد المرضى في المستقبل عشرات وحتى مئات اضعاف هذا الرقم.
وهذا يشير إلى أن تأهيل الكوادر الطبية للتعامل مع تفشي وباء جديد هي عملية تستغرق وقتًا طويلاً لمسؤولي الصحة والمسؤولين السياسيين لأخذ زمام المبادرة، خاصة وأن معدل الوفيات جراء الفيروس في ووهان الصينية، كان أقل منه في الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى. وفي دراسة أجراها الباحثون في جامعة كامبرج في 28 مايو، اعلنوا عن طفرة جينية في الفيروس في الغرب.
ومن ناحية أخرى، طرح الصينيون نظريات مؤامرة حول إمكانية دخول الفيروس إلى الصين من خارج البلاد، كما ادعى عالِم الأوبئة الصيني تشونغ نانشان مؤخرًا هذا الادعاء في مؤتمر صحفي.
وفي مثل هكذا ظروف، يبدو أن الهدف الرئيسي للدول الغربية، وخاصة المسؤولين الأمريكيين، من طرح هكذا اتهامات، هو إعفاء أنفسهم من المسؤولية عن أوجه القصور ومن عدم الاستعداد والتخطيط لمواجهة مثل هذه الظروف، بينما يزداد يوما بعد يوم النُقّاد لأداء ترامب بسبب ضعف سيطرته على تفشي كورونا وعدم الحفاظ على حياة المواطنين.
ومن ناحية أخرى، أدرك للبيت الأبيض أن الصين ستعاني خسائر اقتصادية أقل بكثير من الولايات المتحدة نتيجةً لإدارتها الناجحة في التعامل مع تفشي كورونا، الأمر الذي من شأنه أن يعجّل نقل القيادة العالمية من الغرب إلى الشرق، لذلك لجأوا الى عملية اتهام الصين سعيا في تشويه التعاون والتحالف مع بكين في نظر الرأي العام العالمي، خاصة وأن الصينيين شرعوا في خطط طموحة لتطوير شبكة تجارية تسمى “حزام واحد طريق واحد” لإحكام قبضتها على الاقتصاد العالمي، الأمر الذي رحبت به العديد من البلدان.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق