التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

الإنهيار الأخلاقي للغرب وخروج محور المقاومة من اختبار أزمة كورونا مرفوع الرأس 

في حين كان للأزمة العالمية لتفشي فيروس کورونا آثار كبيرة وملموسة على الاقتصاد والسياسة والثقافة والحضارة البشرية بطرق مختلفة، أصبح تشكيل هذه الأزمة نفسها اختباراً للتحالفات الدولية في البيئة الدولية.

التأثيرات المزدوجة لكورونا على البيئة الدولية

يمكن أن يكون لأزمة كورونا، مثل أي أزمة إنسانية مشتركة أخرى، تأثيرات مختلفة. وعلى مدى العقود القليلة الماضية، مع نمو العلاقات الدولية نتيجةً للتطورات السريعة والمبهرة في مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وكذلك تطور التجارة الدولية تحت عنوان عملية العولمة، أصبحت البلدان تعتمد بشكل متزايد على بعضها البعض.

ومع ذلك، فإن هذا الترابط يشكل خطرًا كبيرًا(وغالبًا ما يكون خفيًا)، حيث يزيد هذا الترابط من التأثُّر غير المقصود للدول بأحداث مثل الأزمات المالية والكوارث النووية والبيئية مثل الاحترار العالمي، وکذلك الانتشار السريع للأوبئة الخطرة مثل كوفيد 19.

من المؤكد أن تأثير هذا الفيروس على الاقتصاد العالمي، قد دفع الحكومات إلى اتباع سياسات متباينة، حيث تنشغل كل دولة الآن بمشاكلها الخاصة. ولكن من ناحية أخرى، فإن زيادة ضعف الحكومات المشترك تجاه الأزمات والحاجة إلى عمل جماعي لإدارة المصير المتشابك للدول في عالم اليوم، يؤكد الحاجة إلى التعاون الدولي.

لذلك ، يجب القول في هذا الظروف إن ملاحظة آثار وباء کوفيد 19 المستمر في الانتشار حتى الآن، قد أظهرت أن هذا الوباء قد يزيد من حدة النزعة القومية والانعزالية ويسرِّع من تراجع العولمة، کما من الممکن أن يخلق موجةً جديدةً من التعاون الدولي أيضاً.

وفي هذه الأثناء، يعد دور ملاحظة الأنماط المختلفة من السلوكيات الفردية والمجموعاتية(القومية والدينية والعرقية) والجماعية(الدول) في أجزاء مختلفة من العالم، مهمًا جدًا في الوصول إلى نتيجة مزدوجة.

كورونا وإثبات موت المعسكر الغربي دماغياً

لطالما شدد العديد من المفكرين الغربيين على التحذير من العواقب السلبية للفردية الجامحة في الثقافة الغربية الرأسمالية والاستهلاكية، والتي أدت إلى تراجع الميول الروحية الرابطة في هذه المجتمعات. ويمكن رؤية المثال البارز على هذا التجاهل لمصير الآخرين في ظروف تفشي كورونا، في نوع العلاقات بين الحكومات الأوروبية والأمريكية.

حيث نسي ما يسمى بالدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي فعليًا إيطاليا، التي كانت بحاجة ماسة لمساعدة حلفائها للسيطرة على الوباء وعلاج المرضى. وقد أفاد موقع “فورين بوليسي” يوم 16 مارس في تقرير له، أن الاتحاد الأوروبي ترك إيطاليا بمفردها في مواجهة كورونا.

كما انتقد رئيس الوزراء الإيطالي “جوزيف كونتي” نهج الحكومات الأوروبية في 9 أبريل، وقال: “يجب على الدول الأوروبية التغلب على أزمة الأنانية، لأن جميع البلدان سوف تتأثر. إن أوروبا لا تتعلق بالاقتصاد فحسب، بل إنها تتعلق بالكرامة الإنسانية أيضاً”.

ويمکن ذکر أمثلة أخری في هذا السياق، مثل مصادرة المواد الصحية للدول الأخرى في الولايات المتحدة وأوروبا، أو محاولة واشنطن الاستيلاء على عقار تنتجه شركة ألمانية.

تعزيز وحدة محور المقاومة في أزمة كورونا

ولكن في الوقت الذي نسيت فيه الدول الغربية حلفائها لإنقاذ نفسها من الأزمة، أظهرت الدول الأعضاء في تحالف محور المقاومة مرةً أخرى وفي مشهد مختلف تمامًا، وجود التقارب السياسي والعلاقات الدينية-القومية التي لا تنفصل.

حيث أن بلدان محور المقاومة التي تمكنت من إظهار نموذج ناجح للتعاون الأمني والسياسي في مكافحة الإرهاب وعدم الاستقرار في المنطقة، من خلال التعاون والوحدة على مر السنين، هذه المرة أيضاً وفي مواجهة أزمة كورونا، وعلى الرغم من الوضع الاقتصادي غير المواتي في هذه البلدان، وخاصةً العقوبات الغربية غير الإنسانية على الإمدادات الطبية لإيران، وقفت مرةً أخرى إلی جانب بعضها البعض للمساعدة في التغلب على هذه الأزمة.

بحيث أنه منذ رصد أول إصابة بكورونا في العراق وإمكانية انتشاره، سافر “علي شمخاني” أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني إلى العراق في 9 مارس، والتقى بالمسؤولين السياسيين والصحيين العراقيين، وشدد على ضرورة التعاون المشترك بين البلدين في مكافحة انتشار فيروس کورونا، واستعداد إيران لنقل الخبرات إلى العراق.

وفي حالة أخرى، أعلنت السفارة الإيرانية في لبنان يوم السبت: “في إطار تعميق العلاقات الأخوية بين جمهورية إيران الإسلامية وجمهورية لبنان، ستصل إلى لبنان اليوم طائرة إيرانية تحمل أجهزة التنفس الصناعي وبعض أدوات تشخيص الإصابة بفيروس كورونا المستجد، بالإضافة إلى أجهزة الحماية الطبية، وهذه هدايا الشعب الإيراني للشعب اللبناني الشقيق للمساعدة في مكافحة مرض كورونا المعدي.

من ناحية أخرى، شكر وزير الصحة اللبناني “حمد حسن” موقف جمهورية إيران الإسلامية في دعم بلاده، بعد وصول شحنة جوية تحتوي على مساعدات طبية إيرانية إلى بيروت لمكافحة فيروس كورونا.

وفي السياق نفسه، كان الاستعداد لمساعدة الشعب السوري إحدی النقاط الرئيسية لزيارة ظريف لدمشق، في أوائل شهر مايو. حيث تعرضت البنية التحتية للقطاع الصحي السوري لأضرار جسيمة نتيجةً لسنوات عديدة من الحرب، لكن احتمال تفشي کورونا في هذا البلد خطير أيضًا. وفي غضون ذلك، انتشرت في الأيام الأخيرة صور لقوى المقاومة التي تساعد في تعقيم شوارع ضواحي حلب.

في الواقع، إن جزءاً كبيراً من المساعدة المشتركة لدول محور المقاومة لا يُنقل عبر وسائل الإعلام، وهو يتم في شكل مجموعات جهادية. ولكن في بعض الأحيان تكشف وسائل الإعلام هذه المساعدات وتعلن عنها، مثل توزيع ألفين حزمة صحية في المناطق الأقل تقدماً في مدينة “قم”، وتعقيم بعض الطرق المزدحمة من قبل “المقاومة الإسلامية حركة حزب الله النجباء”، وإجراءات مماثلة قام بها حزب الله اللبناني في إيران.

ومع ذلك، فإن الحكومات الغربية التي تخشى الوحدة المتزايدة لمحور المقاومة، وسعت لسنوات عديدة إلى إضعاف العلاقات مع دول هذا المحور، عن طريق أجهزة الاستخبارات والتجسس والاستعانة بوسائل الإعلام مثل وكالة الأنباء الملكية البريطانية(بي بي سي)، تحاول اليوم إظهار التضامن بين محور المقاومة في أزمة كورونا بشکل مقلوب بالحيل الإعلامية، واستخدام تفشي كورونا العالمي والذي لا يعرف حدودًا للتوسع، کعامل لبث الخلاف بين شعوب وحكومات إيران والعراق ولبنان وسوريا.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق