التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

“قاعدة الوطية” تشعل الصراع الليبي؛ ماذا لو سيطرت عليها “الوفاق” 

حرب طاحنة وغموض يحوم في رحى “قاعدة الوطية” في الغرب الليبي، فبينما تتقدم قوات حكومة الوفاق الوطنية نحو عمق هذه القاعدة الجوية لانتزاعها من قبضة الجنرال حفتر، تحاول قوات الأخير صد هجوم قوات السراج ومنعهم من السيطرة على هذه القاعدة الاستراتيجية الهامة، ويبدو ان حفتر سيقاتل بشراسة للبقاء في هذه القاعدة لما تمثله من اهمية استراتيجية له لتحرير مدن الغرب والاتجاه نحو العاصمة “طرابلس” ولكن حتى كتابة هذه السطور لا تبدو الامور تصب في صالحه، وعلينا أن ننتظر لنرى من سيصمد أكثر وكيف ستنعكس نتائج هذه المعركة على مستقبل البلاد السياسي، ومن سيملك اوراق القوة في حال حدثت مفاوضات جديدة في المرحلة المقبلة؟.

المعركة

تصدى الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر لهجوم جديد من قبل قوات حكومة الوفاق على قاعدة الوطية العسكرية. ورغم الدعم الجوي التركي، فشلت قوات حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج في السيطرة على القاعدة العسكرية الاستراتيجية غرب العاصمة الليبية طرابلس.

وتكبدت قوات طرابلس خسائر كبيرة في صفوف مقاتليها، حيث أسفر الهجوم عن مقتل 40 عنصرا من قوات الوفاق، فيما أسر الجيش عددا من العناصر.

وتبدي قوات حفتر المتحصنة في قاعدة الوطنية مقاومة، حيث إنها استخدمت صواريخ حرارية وأسلحة أخرى، ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى في صفوف قوات الوفاق، مرجحاً أن المعركة قد تكون طويلة وصعبة.

وتحاول قوات حفتر عرقلة تقدم قوات الوفاق بإطلاق قذائف الهاون، فيما تشير مصادر حكومة الوفاق أن طائراتها دمرت خمس عربات عسكرية.

الهجوم على القاعدة الجوية تم التحضير له منذ عدة أشهر، حتى ان قوات السراج هاجمت القاعدة 3 مرات في السابق ولم تنجح في السيطرة عليها، لكن وبعد سقوط مدن الساحل الليبي بيد حكومة الوفاق، اكتسبت الاخيرة ثقة أكبر وشنت هجوما بأكثر من 200 آلية عسكرية.

أهمية قاعدة الوطية

تعتبر القاعدة الجوية نقطة انطلاق طيران الحكومة لتحرير ترهونة وقرى الجبل الغربي الخاضعة لـ”حفتر”، في حال تمت السيطرة عليها، وتمكن قوات السراج من استهداف طيران الحكومة لخطوط الإمداد جنوب مدينة بني وليد (180 كم جنوب شرق طرابلس). ورغم أن الوطية بعيدة عن القواعد العسكرية في الجنوب، لكنه يمكن للطيران الحكومي التزود بالوقود في الجو، لمرافقة أي عملية عسكرية لتحرير إقليم فزان.

وتعتبر ذات أكبر بنية تحتية عسكرية من بين القواعد الليبية، حيث تستطيع القاعدة الجوية استيعاب وإيواء 7 آلاف عسكري.

وبُنيت القاعدة على أساس التحصينات المحيطة بها (التضاريس الجغرافية)، بالإضافة إلى أن القاعدة تمتلك أكبر تحصينات خارجية بين القواعد الليبية.

وتمثل قاعدة الوطية مركزاً للحشد وتهديداً لمدن الساحل الغربي، فضلاً عن أنها نقطة انطلاق الطائرات التي كانت تُغير على العاصمة طرابلس، قبل تحييدها، منذ إطلاق قوات الحكومة عملية “عاصفة السلام” في 25 مارس/آذار الماضي.

وأهمية هذه القاعدة في الحرب الدائرة حاليًا، أنها مركز ثقل قوات حفتر في الغرب الليبي إلى جانب مدينة ترهونة. فالقاعدة الجوية استخدمت في ضرب قوات الوفاق منذ بدأ ما أسماه حفتر بعملية “طوفان الكرامة”، إلى جانب هبوط طائرات، التسليح والعتاد في القاعدة، وأنها كانت تمد مدن الساحل الليبي بالدعم – قبل سقوطها على يد قوات الوفاق – ما يجعلها مركز ثقل لقوات حفتر، وعبئًا على قوات حكومة الوفاق الوطني.

واستراتيجيًّا تعد القاعدة ذات إمكانيات تسمح لها بشن هجمات، ليس فقط على الداخل الليبي؛ بل كذلك يمكن استخدامها لاستهداف دولة تونس ودولة الجزائر في حالات الحرب؛ لقربها من الجارتين.

ماذا يعني سقوط “الوطية” بيد الوفاق

اولاً: فقدان “حفتر”، المركز الرئيسي لقيادة عملياتها في المنطقة الغربية.

ثانياً: حرمان ميليشيات “حفتر” من مركز تحشيد وتهديد لمدن الساحل الغربي والإغارة جوا على طرابلس، وحماية ظهر العاصمة خلال صدها للهجمات من الجنوب والجنوب الشرقي.

ثالثاً: منع “حفتر” والدول الداعمة له من إرسال تعزيزات عسكرية للقاعدة من شأنها قلب المعركة في الساحل الغربي رأسا على عقب.

رابعاً: يسمح للقوات الحكومية بالتفرغ لمعركة مدينة ترهونة (90 كم جنوب شرق طرابلس)، التي تمثل مفتاح هزيمة “حفتر” جنوبي طرابلس.

خامساً: عزل قوات حفتر في القرى النائية بالجبل الغربي (مثل الصيعان والعربان).

كما يمكن لقوات الحكومة الليبية تحويل قاعدة الوطية إلى منطقة آمنة لطيرانها، بعيداً عن مدى صواريخ غراد، التي تستهدف مطار معيتيقة بطرابلس، وأن تكون نقطة انطلاق طيران الحكومة لتحرير ترهونة، واستهداف خطوط الإمداد جنوب بلدة بني وليد (180 كلم جنوب شرق طرابلس) على غرار منطقتي تينيناي ونسمة.

سادساً: تحويل القاعدة الجوية إلى منطقة محصنة لطائراتها، بعيدا عن مدى صواريخ جراد، التي تقصف بها ميليشيات “حفتر” مطار معيتيقة بطرابلس، وتعيق حتى حركة الطيران المدني.

ويمكن القول إنه في حال سقوط القاعدة الجوية في يد قوات حكومة الوفاق، فإن حفتر سوف يفقد أهم مركز لإقلاع الطائرات المسيرة وأهم مهبط لطائرات الدعم التي تأتي من شرق البلاد. وبالتالي، سوف يفقد جزءًا كبيرًا من قوته الجوية؛ مما يسهل على حكومة الوفاق الهجوم على ما تبقى من مدن تحت سيطرة حفتر.

ويعتمد الحسم اعتمادًا كبيرًا على سقوط “قاعدة الوطية”، فبسقوطها تصبح مدينة ترهونة تحت ضغط كبير ومنقوصة من الدعم المقدم من القاعدة الجوية، ولاسيما الغطاء الجوي. فهل تستميت قوات حفتر لعلمها بأهمية القاعدة؟ أم تنسحب لعدم قدرتها على المواجهة؟ سؤال سنعرف الإجابة عنه في الأيام المقبلة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق