آخر التطورات الميدانية في ليبيا؛ تركيا وحكومة الوفاق تقترب من النصر والمثلث “السعودي الإماراتي المصري” على حافة الهزيمة
في أواخر الشهر الماضي، تمكنت قوات حكومة الوفاق الوطنية (حكومة مقرها في غرب ليبيا ومعترف بها من قبل الأمم المتحدة)، بدعم من الحكومة التركية والجماعات الإرهابية المرسلة من سوريا، بعد قتال عنيف من طرد قوات الجنرال “خليفة حفتر” (الحكومة الليبية المتمركزة في شرق ليبيا، والمعروفة باسم الجيش الوطني) من الاجزاء الشمالية الغربية لمحافظة “الزاوية” والاجزاء الشمالية الشرقية لمحافظة “الزوراء” واجبارها على الانسحاب من الطريق الاستراتيجي المهم الواصل بين طرابلس وتونس.
الجدير بالذكر أن قوات حكومة الوفاق الوطنية الليبية المدعومة من قبل الحكومتين التركية والقطرية، وإلى حد ما من الحكومة الإيطالية، تمكنت خلال الايام القليلة الماضية من إعادة فتح الطريق الساحلي الذي يبلغ طوله 480 كيلومترًا على طول محافظات “مصراتة – مرغاب – طرابلس – الزاوية – الزاورة” وتمكنت أيضا من توجيه ضربات موجعة لقوات الجنرال “حفتر” المدعوم من فرنسا وروسيا وأنظمة الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر. وبعد تأمين المواقع في المناطق المحررة حديثاً، بما في ذلك مدن “صرمان وصبراتة وعجيلات والجميل ورقدالي وزلطن”، تلقت القوات الحكومية التابعة للوفاق الوطني المزيد من المعدات العسكرية من الحكومة التركية إلى جانب عدد كبير من الإرهابيين الجدد المرسلين من الأراضي المحتلة في سوريا وذلك من أجل شن عملية أخرى ضد قوات “حفتر”.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، واصلت القوات الحكومية شن هجمات واسعة النطاق من الأجزاء الشمالية لمحافظة الزوارة (زالتان ورقدالين والجميل) إلى المناطق الجنوبية والجنوبية الغربية، وبعد اشتباكات عنيفة، تمكنت تلك القوات الحكومية من تحرير مدينة “العقابية” وبلدة “العسة” الواقعة بالقرب من الحدود المشتركة مع تونس من أيدي ما يسمى بالجيش الوطني الليبي. وبحسب بعض المصادر الاخبارية، ففي ظهر يوم الاثنين الماضي، تمكنت قوات حكومة الوفاق الوطنية من دخول قاعدة “الوطية” الهامة وفي المقابل فضّلت قوات اللواء “حفتر” الفرار من هذه القاعدة والتحرك باتجاه مدينة “الزنتان” الواقعة شمال محافظة “جبل الغربي” وذلك خوفاً من القتل أو الوقوع في الاسر. وبحسب المعلومات الواردة، فقد استهدفت القوات الجوية لحكومة الوفاق الوطنية وقتلت حوالي 10 جنود تابعين للواء “حفتر” أثناء هروبهم من قاعدة “الوطية”، وأصيب عدد آخر منهم بجروح مختلفة وتم تدمير العديد من المركبات العسكرية خلال ذلك القصف.
ووفقاً لمصادر ميدانية، أثناء عملية السيطرة على قاعدة “الوطية”، استولت القوات الحكومية على كميات كبيرة من المعدات العسكرية، بما في ذلك نظام “بانتسير” للدفاع الجوي، الذي كانت الإمارات قد نقلته من قبل إلى هذه القاعدة العسكرية الليبية.ومع عمليات التطهير التي قامت بها قوات حكومة الوفاق الوطنية في محافظة “الزوارة”، أصبح الطريق من مدينة طرابلس إلى المناطق الحدودية التونسية أكثر أمانًا؛ وحالياً، تم تحرير 90٪ من مساحة محافظة “الزوارة” من سيطرة قوات الجنرال “حفتر” والا باتت قوات حكومة الوفاق الوطنية تسيطر عليها. ولفتت تلك المصادر إلى أن قوات حكومة الوفاق الوطنية تمكنت خلال الأيام الأخيرة، من شن عملية عسكرية مباغتة ضد قوات الجنرال “خليفة حفتر”، واستطاعت من السيطرة على مساحة 2،850 كيلومتر مربع من محافظة “الزوارة”، وهذا الانتصار يعتبر انتصار استراتيجي وهام آخر تمكنت تلك القوات الحكومية من تحقيقه في الشهرين الماضيين.
وتقول مصادر إنه في الوقت الذي يبدو فيه أن حكومة الوفاق الوطنية الليبية تحقق انتصارًا على الأرض، فإن صدعًا آخذ في التزايد بين الجنرال الليبي “خليفة حفتر” والمرتزقة المدعومين من الكرملين الذين أرسلوا للمساعدة في تعزيز محاولاته للسيطرة على البلاد. حيث ذكر مصدر عسكري مقرب من “حفتر” أن الخلاف يتعلق بديون حفتر غير المسددة لمجموعة “فاغنر”، وهي منظمة شبه عسكرية خاصة تخدم أجندة الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”. وتبلغ قيمة تلك الديون 150 مليون دولار أمريكي. ولفتت ذلك المصدر إلى أن “حفتر” رفض دفع قيمة العقد حين انتهى العام الماضي، ليس لأنه يفتقر للأموال لكن لأن الروس لم ينفذوا الشق المتعلق بهم في الاتفاق. وأكد ذلك المصدر أن مجموعة “فاغنر” أرسلت مقاتلين مبتدئين عديمي الخبرة وغير فعالين من سوريا وروسيا البيضاء وصربيا إلى ليبيا.
وبحسب آخر المعلومات، تواصل الغارات الجوية التي تشنها القوات الحكومية والائتلاف الوطني، إلحاق خسائر فادحة بقوات “حفتر”، ولفتت تلك المعلومات إلى أن تلك الغارات نجحت في تعطيل أنظمة الدفاع الجوي التابعة لقوات “حفتر” في شمال غرب ليبيا. وأكدت تلك المعلومات على أن قوات حكومة الوفاق الوطنية نفذت ضربات جوية بطائرات بدون طيار تبرعت بها تركيا لها في وقت سابق، على مواقع قوات الجنرال “حفتر” وهذه الضربات غيرت ميزان القوى في ساحة المعركة. وبحسب مصادر ميدانية، فقد تم استهداف وتدمير ثلاثة أنظمة دفاع جوية على الأقل تابعة لقوات الجنرال “حفتر”، وكان لهذه القضية تأثير كبير على نتيجة الاشتباكات، حيث أدت هذه الانتصارات إلى زيادة سرعة تقدم القوات الحكومية. الجدير بالذكر أن أحد أنظمة الدفاع الجوي المدمرة هو “بانتسير” الذي قدمته دولة الإمارات للجنرال “حفتر”، حيث تمكنت قوات حكومة الوفاق من استهداف ذلك النظام الجوي بطائرات بدون طيار تركية بالقرب من بلدتي “سرت والجفرة”.
وقد أعلنت حكومة الوفاق الوطني يوم الاثنين الماضي، عن تحقيق المزيد من الانتصارات ضد القوات الموالية لـ”حفتر”. حيث قال رئيس حكومة الوفاق الوطني “فايز السراج”، “نعلن بفخر تحرير قاعدة الوطية، التي تقع على بعد 140 كم جنوب غرب طرابلس.” وأضاف في بيان أن “نجاح اليوم ليس نهاية المعركة، لكنه يقربنا أكثر من أي وقت مضى من النصر الذي سيتم فيه تحرير جميع المدن والمناطق وسحق محاولة الاستبداد التي تهدد الديمقراطية”. وفي الأسابيع الأخيرة، كثفت القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني من غاراتها الجوية ضد مقاتلي حفتر، حيث استهدفت خطوط إمداداتهم حول قاعدة “الوطية”. حيث قال الناطق باسم حكومة الوفاق الوطني “محمد قنونو”، إنهم دمروا ثلاثة نظم مضادة للطائرات روسية الصنع في القاعدة الجوية منذ يوم 17 أيار/مايو. هذا ويأتي الاستيلاء على قاعدة الوطية بعد حصار دام عدة أسابيع من قبل القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني للقاعدة التي تستخدمها القوات الجوية لـ”حفتر”.
إن التطورات الميدانية على الساحة الليبية تظهر أن الهدف التالي للقوات الحكومية هو استعادة المناطق الغربية والشمالية من محافظة “الزاوية”، ومن ناحية أخرى، يمكن القول أن الحكومة التركية مصممة على تقديم المساعدة العسكرية والاستشارية لقوات حكومة الوفاق الوطنية الليبية بعدما تمكنت خلال الفترة القليلة الماضية من تحقيق العديد من الانتصارات في ساحة المعركة وهنا تجدر الاشارة إلى أن “أنقرة” ارسلت خلال الفترة الماضية الكثير من الإرهابيين إلى ليبيا لمساعدة قوات حكومة الوفاق الوطنية للتصدي لقوات الجنرال “خليفة حفتر” وتمهيد الطريق لنشر الامن والأمان على الحدود مع تونس وضواحي العاصمة طرابلس.
المصدر / الوقت