صفقات الأسلحة الامريكية وتبرئة السعودية والامارات
عندما يجري الحديث عن صفقات الأسلحة بين الولايات المتحدة الأمريكية وأي طرف ثاني، تعمل واشنطن على تبرئة الطرف الثاني من أي جرائم حرب أو انتهاكات انسانية حتى اكمال الصفقة، وبعدها لاتجد الادارة الامريكية اي رادع للضغط على هذا الطرف بعد اتمام الصفقة تمهيدا للحديث عن صفقة جديدة، وهذا هو اسلوب واشنطن مع الدول الخليجية على الخصوص، وعلى الرغم من الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها هذه الدول في اليمن إلا ان الادارة الامريكية ترفض ادانتها منعا لتوقيف صفقات الأسلحة والمليارات التي تملأ بنوك الولايات المتحدة الامريكية على حساب دماء الابرياء في الشرق الاوسط.
مؤخرا رفض وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، التعاون في إطار التحقيقات حول بيع أسلحة للسعودية والإمارات، بحسب ما قاله مصدر في الكونغرس لشبكة “سي.إن.إن”.
وقال المصدر إن بومبيو رفض إجراء مقابلة مع المفتش العام بوزارة الخارجية الأمريكية، حول بيع إدارة الرئيس ترامب أسلحة للسعودية والإمارات بقيمة 8 مليارات دولار العام الماضي، متجاوزة الكونغرس بعد إعلان حالة الطوارئ.
هذا الأمر ليس بالجديد فالادارة الامريكية هي من اعطى السعودية والامارات الضوء الاخضر للهجوم على الشعب اليمني واستباحة ارضه وتدمير منشآته وبناه التحتية دون ان يهز لها جفن، فالاسلحة التي قتلت اليمنيين أغلبها أمريكية حتى ان التحقيقات الاخيرة اكدت ان الاسلحة التي تستخدمها المجموعات الارهابية في اليمن مثل تنظيم “القاعدة” وغيرها امريكية الصنع، ولكن هذا ليس مهم بالنسبة للادارة الامريكية المهم “صفقات الأسلحة”، وكل ادعاءات واشنطن “الانسانية والديمقراطية والاخلاقية” باطلة، وإلا ماذا يعني أن تنجز صفقات أسلحة بمليارات الدولارات، لماذا كل هذه الأسلحة، هل هي لبناء الشرق الاوسط وتطوره ام لتدميره، هل يمكن للسلاح أن ينشر ديمقراطية امريكا المزيفة؟.
مسؤولون حكوميون أميركيون قالوا لشبكة “سي أن أن” الأميركية، بحسب تحقيق نشرته الشبكة يوم الجمعة الماضي، إنّ إدارة ترامب برأت الإمارات من ارتكاب مخالفات، ووافقت على بيع محتمل لآلاف المركبات المدرعة لأبوظبي، على الرغم من الأدلة على قيام الأخيرة بعمليات نقل غير مصرح بها لمعدات عسكرية أميركية إلى جماعات مسلحة في اليمن.
وكان كشف تحقيق أجرته “سي أن أن” في فبراير/شباط من العام الماضي أنّ حليفتي واشنطن، الرياض وأبوظبي، قدمتا أسلحة أميركية الصنع للمقاتلين المرتبطين بالقاعدة ومليشيات متشددة وفصائل مقاتلة أخرى في اليمن، على الرغم من اتفاقاتهم مع واشنطن التي تحظر ذلك. وقالت وزارة الدفاع في ذلك الوقت إنه بموجب الاتفاقات، كان مطلوباً قانونياً من الإمارات والسعودية الحصول على إذن لنقل المعدات إلى أطراف أخرى، ولكن لم يتم الحصول على هذا الإذن على الإطلاق. وفي أعقاب نشر تقرير شبكة “سي أن أن”، بدأت الحكومة الأميركية تحقيقها الخاص، والذي تضمن إرسال فرق إلى الإمارات والسعودية، ووقف شحنات أسلحة أميركية إلى الإمارات بانتظار نتائج هذا التحقيق. وقال مسؤولان أميركيان على دراية بالتحقيق المشترك بين وزارة الخارجية والبنتاغون لشبكة “سي أن أن”، إنّ الأمر استغرق أكثر من عام لإكماله بسبب ما وصفه أحد المصادر بـ”تكتيكات تأخير من قبل الإمارات”.
وبينما انتهى التحقيق في وقت سابق من هذا العام، لم يتم الإعلان عن نتائجه. لكن العديد من المسؤولين الحكوميين وداخل الإدارة الأميركية قالوا لـ”سي أن أن”، إنه تمّت تبرئة الإمارات. وقال مصدر آخر مطلع على التحقيق إنّ وزارة الخارجية أبلغت بعض القادة في الكونغرس أنها “مقتنعة بأنه لم يتم إجراء عمليات نقل فعلية (للأسلحة)”، و”تأكدت من أن الإمارات تقدر تماماً نصّ اتفاقياتها” مع الولايات المتحدة. وقال المصدر إنه بهذا التأكيد أعطى المشرعون مباركتهم لبيع جديد مقترح لأجهزة عسكرية أميركية للإمارات.
وفي 7 مايو/أيار الماضي، أعلنت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأميركية، أنّ وزارة الدفاع وافقت على بيع ما يصل إلى 4569 مركبة مقاومة للألغام إلى الإمارات بتكلفة تقدر بـ556 مليون دولار. وقالت إنّ الصفقة ستخدم المصلحة الوطنية الأميركية من خلال المساعدة في دعم أمن “شريك إقليمي مهم”.
لكن الافتقار إلى الشفافية بشأن نتائج التحقيق الأميركي أثار تساؤلات حول مدى ملاءمة قرار إدارة ترامب بالموافقة على بيع أسلحة جديدة إلى الإمارات، بالنظر إلى الأدلة على عمليات النقل السابقة للأسلحة غير المصرح بها، ومعارضة الكونغرس للعديد من مبيعات الأسلحة المقترحة العام الماضي. ولم تؤكد الإمارات أو تنكر ما إذا كانت قد تمت تبرئتها في رد على توضيح طلبته “سي أن أن”، لكنها قالت إنّ “قواتها المسلحة أكدت للحكومة الأميركية التزامها المستمر بشروط وأحكام” مبيعات الأسلحة. وأكدت وزارة الخارجية الأميركية لشبكة “سي أن أن” أنّ تحقيقها انتهى. وقال مسؤول من دون تقديم مزيد من التفاصيل: “نعتقد أنّ الإمارات لديها الآن فهم أفضل لالتزاماتها”. لكن بعض المسؤولين الحكوميين الأميركيين قالوا للشبكة نفسها، إنهم قلقون من تبرئة الإمارات من ارتكاب مخالفات، وإنّ هذه الخطوة المثيرة للجدل تمّ اتخاذها أثناء تركيز الكونغرس على أزمة فيروس كورونا الحالية.
وقال أحد المسؤولين: “كانت لدينا مشاكل حقيقية في الحصول على تعاون من قبلهم (الإمارات) في تحقيقنا. لم يشعروا بأنهم قد ارتكبوا أي خطأ، وهذا لا يبشر بالخير لناحية الامتثال لنصوص الاتفاقيات في المستقبل. لكن الرسالة التي وصلتنا هي أنّ الرئيس دونالد ترامب يريد القيام بصفقات الأسلحة، والآن هو الوقت المناسب للمضي قدماً”.
وتأتي هذه المعلومات بالتزامن مع اتهامات لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بالضغط على المسؤولين لإيجاد طرق لتبرير مبيعات الأسلحة للسعودية، وإقالة المفتش العام لوزارة الخارجية، ستيف لينيك، من قبل ترامب بناء على توصية من بومبيو. علماً بأنّ الأخير كان يحقق في محاولة الإدارة الأميركية تسريع مبيعات أسلحة للسعودية والإمارات بقيمة 8 مليارات دولار العام الماضي متجاوزةً الكونغرس، بعد إعلان حالة الطوارئ. وفي مايو/أيار من العام الماضي، أعلنت إدارة ترامب، حالة الطوارئ، لتجاوز الكونغرس وتسريع مبيعات الأسلحة بمليارات الدولارات إلى دول مختلفة، من بينها السعودية، والإمارات، مشيرة إلى “الحاجة إلى ردع النفوذ الايراني”. وقوبلت الخطوة بإدانة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، إذ انتقدها المشرعون، وشككوا في مزاعم الإدارة في حالة الطوارئ، كما أثارت الخطوة الجدل حول سجلّ السعودية في مجال حقوق الإنسان وقضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول مطلع أكتوبر/تشرين الأول عام 2018. وقالت أربعة مصادر لشبكة “سي أن أن” إنّ بومبيو دفع مسؤولي وزارة الخارجية لإيجاد طريقة لتبرير إعلان الطوارئ لتسريع مبيعات الأسلحة.
المصدر/ الوقت