رعب يسيطر على المعلمين بالسعودية بعد قانون “إبعاد المخالفين فكرياً”
سياسة ـ الرأي ـ
مستقبل بات يهدد آلاف المعلمين السعوديين بعدما أصدرت وزارة التعليم قراراً يقضي بإبعاد المعلمين “المخالفين فكرياً” عن سلك التعليم، في الوقت الذي مازالت فيه المدارس والجامعات مغلقة منذ بداية مارس/آذار ضمن تدابير احترازية للحد من تفشِّي فيروس كورونا.
وبحسب موقع “عربي بوست” يأتي القرار من باب العمل على إعادة هيكلة النظام التعليمي في السعودية والمؤسسات التعليمية من المدارس والمعاهد العلمية وحتى الجامعات، إذ تشير مصادر رسمية مطلعة إلى أنّ القرار يهدف إلى معالجة الحقبة الماضية التي استمرت ستة عقود، والتي سيطرت فيها أفراد وشخصيات تابعة لجماعة “الإخوان”، متأثرون بفكر “الصحوة”، وهو ما جعل التعليم في السعودية يعمل على تخريج جيل ينشأ على الفكر المتطرف، على حد قولهم.
مخاوف حقيقية يبديها معلمون سعوديون
مخاوف حقيقية بات يُبديها معلمون سعوديون بعد صدور القرار؛ عاصم بركاتي، أحد المدرسين في الثانويات بمكة المكرمة، وهو مدرس للمواد الدينية والشرعية، يؤكدّ في أنّ المنتسبين للفكر “الصحوي” والمتعاطفين معه بالآلاف في قطاع التعليم بالسعودية، وذلك لأنّ الأمر يعود إلى أكثر من ستة عقود، فمن المستحيل أن تنهي هذا الأمر بجرة قلم، فالتأثر بالفكر “الصحوي” والأيديولوجيا “الإخوانية” مسألة قديمة.
يضيف بركاتي أن فصل آلاف المدرسين في تلك المدارس أمر غير منطقي، لاسيما أن تفاصيل القرار ليست واضحة، لكن البادي أن الهدف منه هو معاقبة المئات والتضحية بهم، للحدّ من انتشار الفكر الصحوي.
يحسب المدرسون والمعلمون الداخلون في تلك المنظومة ألف حساب ولا يتجرأون على نشر أي أفكار خارج المنظومة “السلفية التقليدية” التي تحض فقط على طاعة “ولي الأمر” و”الحاكم السياسي” بطريقة عمياء.
ويشير بركاتي إلى أنّه ولدى وصول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وتنفيذه حملة الاعتقالات بحق رواد ورموز الصحوة والمتعاطفين معها، بات الكثير من هؤلاء يلتزمون الصمت ولا يظهرون أي ميل سياسي أو فكري تجاه الجماعات الإسلامية أو ما يسمى بأطروحة “الإسلام السياسي”.
الدولة سمحت للصحوة بالتمدد والانتشار
أما محمد الغماس، وهو مدرس في مدرسة ثانوية بمكة المكرمة، فيوضح في حديثه لـ”عربي بوست” أنّ فكر “الصحوة” منتشر بشكل كبير بين أوساط المدرسين والمعلمين بالسعودية، فهذا ليس بجديد وليس بغريب، خصوصاً أنّ المجتمع السعودي عايش هذا الفكر لعشرات السنين وتأثر به، بل إنّ الدولة السعودية هي من سمحت لهذا الفكر بالتمدد والانتشار.
وبعد أن بات يشكل “خطراً” أو “منافساً” لها على الساحة قررت التخلص منه أو تصفيته، مع أنّه كان مسانداً لها في مرحلة “الجهاد الأفغاني”، ويتساءل الغماس: “لماذا يريدون تفكيكه الآن ومحاربته بعد أن كان حلفاً وسنداً لهم بل إنّ انتشار هذا الفكر بعلمهم وبضوء أخضر منهم؟”
ويشير الغماس إلى إنهاء حقبة زمنية امتدت لأكثر من 60 عاماً ظلماً وإجحافاً بحق رموز ومنتسبي هذا التيار، خاصة أنّ الكثير منهم يعملون بقطاع التعليم، فليس ذنبهم أنهم عايشوا حقبة زمنية برعاية الدولة، وبالتالي فإنّ فصل أي شخص يظهر ميله يعني ظلماً وإجحافاً بحقه، بل سيؤدي إلى انتشار ونشر الفكر “المتشدد” بين المعلمين والوقوف ضد الدولة في ظل الأحداث والمتغيرات التي تعصف بالمنطقة.
المخالفون.. كلمة فضفاضة
القرار الذي جاء على لسان وزير التعليم حمد آل الشيخ منح مديري التعليم في مناطق المملكة صلاحيات واسعة لاتخاذ قرار الإبعاد الفوري للعاملين في المدارس، ممن لديهم مخالفات فكرية.
لكنَّ أحداً لم يُسمّ هذه المخالفات ولم يصنفها، إذ لم تنشر الوزارة ضوابط أو شروط الاستبعاد التي تستوجب العقوبة، ما زاد التخوفات من سوء استخدام القرار لتصفية حسابات خاصة بين المعلمين وإداراتهم.
لم تذكر الوزارة في قرارها سوى تكليف المبعدين بأعمال إدارية خارج المدارس بصفة مؤقتة، لحين البت في القضية، حسب المصدر ذاته.انتهى
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق