التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

حرق المزارع في العراق وسوريا، اسبابها وابعادها القانونية 

يبدو أن الولايات المتحدة تنوي استخدام هذا الإجراء غير المشروع لتكثيف التوترات في سوريا، وبالتالي خلق الظروف اللازمة لاستمرار وجودها في سوريا.

الوقت-أثار حرق الحقول الزراعية في محافظة الحسكة السورية، في هذه الأيام، مرة أخرى قضية حرق البيئة خلال الحروب بشكل جدي في وسائل الإعلام ولدى المراقبين السياسيين. وفي الواقع، على مدى القرون الماضية تم استخدام حرق الاحتياطيات والموارد الزراعية كسلاح حرب، ولكن في نظام ما بعد الستالينية، أي بعد تأسيس الدول الحديثة، حاول اللاعبون تدريجياً الحد ومنع ما يسمى الحرب غير التقليدية كحرق المزارع.

بهذه التفسيرات، فان السؤال الذي يطرح نفسه هو، من ناحية القانون الدولي، تحت أي فرع من قانون النزاع بين الجانبين، يقع الهجوم على المزارع الزراعية، وما إذا كان يمكن إصدار حكم عام بشأن هذه المسألة أم لا؟ في معالجة هذا السؤال، سيتم أولاً دراسة قواعد القانون الدولي بشأن هذه المسألة، ثم طرح نماذج من الهجوم على المزارع في السنوات الأخيرة كأداة لمواجهة الجانب الآخر.

القانون الدولي المتعلق بحرق المزارع اثناء الحروب

إن حرق الحقول الزراعية اثناء الحروب بموجب قواعد القانون الدولي الجديد هو في الأساس مجموعة فرعية من القواعد البيئية بموجب قانون الحرب الدولي. وفي مجال حماية البيئة أثناء الحرب، هناك قواعد متفرقة في الاتفاقية الدولية للحرب لعام 1977، وأهمها ما هو منصوص عليه في بروتوكول اتفاقية جنيف لعام 1949 واتفاقية ENMOD.

وتحتوي هذه المعاهدات على قواعد عامة بشأن حماية البيئة أثناء الحروب من خلال حظر استخدام الأدوات والأساليب التي تسبب آثارًا وأضرارًا واسعة النطاق وشديدة ومستمرة على البيئة.

وفي هذا الصدد، فإن الجماعات الإرهابية والحكومات تستخدم هذا الاسلوب باعتباره حرب غير متكافئة، وهو أحد الأساليب المستخدمة في الحرب لتغيير البيئة الطبيعية من أجل تحقيق أهداف معادية ومضرة، مثل المطر والثلج الاصطناعي والمد والجزر والأمواج في البحار. واليوم، المعاهدة الدولية الوحيدة التي عُقدت في مايو 1977 والتي تحظر الاستخدام العسكري أو أي استخدام عدائي لتقنيات تغيير البيئة الطبيعية هي بموجب معاهدة ENMOD. ودخلت هذه المعاهدة حيز التنفيذ منذ 15 أكتوبر 1978.

ومع ذلك، فإن البروتوكول رقم 1 المؤرخ 10 يونيو 1977 بشأن النزاع المسلح الدولي بالإضافة إلى اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 ينص أيضًا على أحكام تمنع استخدام أساليب ووسائل الحرب التي تتسبب في أضرار واسعة النطاق وطويلة الأجل. وعلى الرغم من عدم كفاية هذه القواعد، يمكن اعتبار حرق المراعي والمزارع جزءًا لا يتجزأ من الحرب غير التقليدية، والتي سيتم حظرها بموجب القواعد الدولية.

حرق المزارع، أسلوب داعشي للترهيب والتخويف

في السنوات الأخيرة، كان تنظيم داعش الإرهابي من أهم الجماعات الارهابية التي استخدمت حرق الحقول الزراعية لضرب منافسيها. وأعتمد التنظيم الإرهابي هذا، في السنوات التي تلت عام 2014 إلى خلق الرعب في قلوب وعقول الأعداء، من أجل استمرار دولتهم وتوسيع نطاق قدرتهم.

فمن الناحية النفسية، أصر قادة هذا التنظيم باستمرار على استخدام أكثر الطرق غير المعتادة لقتل العدو ومحاربته. وحاولوا إظهار القوة لمؤيديهم من خلال شن هجمات غير معقولة، من ناحية، ودعوتهم إلى صفوف القتال، ومن ناحية أخرى، إضعاف معنويات أعدائهم في صفوف الحرب.

وفي الوقت نفسه، فان إحدى استراتيجيات داعش للترهيب والتخويف، هي حرق المزارع في العراق وسوريا. وفي الواقع، كان التنظيم ينوي أن يُظهر للمواطنين العراقيين والقوات العسكرية، أن حرق المزارع ليس سوى جزء من استراتيجيتهم وأنهم سيرون النيران الحقيقية في ساحة المعركة.

وفي الوقت الذي يرى فيه التنظيم الإرهابي ان خلافته المعلنة قد زالت، لا تزال بقايا التنظيم تحرق مزارع في قُرى العراق وسوريا. وأفادت مديرية الدفاع المدني العراقية مؤخراً بأن 6103 هكتارات من 136 مزرعة في العراق قد أحرقت في أقل من ثلاثة أسابيع. كما اجتاحت الحرائق أيضًا 11 محافظة استهدفت داعش معظمها.

حرق الحقول، أدوات المقاومة ضد الكيان الصهيوني

على عكس داعش، وهو تنظيم إرهابي يستخدم حرق المزارع كأداة لترهيب خصومه، استخدم هذه الممارسة شباب المقاومة ضد احتلال الكيان الصهيوني في الأراضي المحتلة في السنوات الأخيرة.

وفي الواقع، بعد عام 2017، قام الشباب الفلسطيني بتحليق طائرات ورقية مُحملة بمواد قابلة للاشتعال وأرسلوها إلى الأراضي المحتلة. حتى أداة المقاومة هذه أصبحت شائعة لدرجة أن استخدام الطائرات الورقية وكرات النار أصبح شائعًا خلال مسيرات العودة على طول حدود قطاع غزة، مما أدى إلى إتلاف مئات الهكتارات من الأراضي في بلدات غزة المجاورة.

في غضون ذلك، من الملفت أن نلاحظ أن البالونات الحارقة وحدها سببت كارثة للكيان الصهيوني. في البداية، لم يهتم أحد بذلك كثيرًا، لكن مزارع النظام واقتصاده عانوا كثيرًا، وتحولت آلاف الدونمات الى رماد.

حتى في الوقت الذي قدرت فيه وزارة الحرب التابعة للكيان الصهيوني في عام 2018 أن حوالي 1200 طائرة ورقية وبالون ناري حلقت من قطاع غزة في شهرين فقط، وأسقط الجيش الصهيوني حوالي 500 منهم. ومع ذلك، يقر التقرير بأن ما لا يقل عن 700 من هذه الطائرات الورقية سقطت في مزارع صهيونية، مما أضرم النار فيما لا يقل عن 20 كيلومترًا مربعًا.

في ذلك الوقت، قدر المسؤولون الإسرائيليون أن الحرائق في أراضي ومزارع السكان بالقرب من قطاع غزة بسبب الطائرات الورقية النارية تسببت بأضرار تجاوزت 3 ملايين دولار. ونتيجة لذلك، عانى رجال الإطفاء الصهيونيون بسبب العدد الكبير من الحرائق وكانوا دائمًا في وضع الاستعداد.

الولايات المتحدة وسلاح حرق المزارع السورية

في الوضع الحالي، نحن نشهد جولة جديدة من الهجوم على المزارع الزراعية في سوريا. وفي الأيام الأخيرة، ورد أن مرتزقة أتراك ارتكبوا جرائم جديدة وأضرموا النار في عدد من مزارع القمح والشعير في تل تمر وأبو راسين في الحسكة. وفي هذا الصدد، أُعلن أنه بسبب الطقس وشدة الريح في الحسكة، زاد نطاق هذا الحريق وأحرق 20 هكتارًا، ولم يتم إخماد هذا الحريق حتى الآن.

ولكن يبدو أن هناك يد أكبر خلف المرتزقة الأتراك؛ لأن سكاي نيوز نشرت تقريراً يفيد بأن الحرائق في المنتجات الزراعية السورية، كانت بناء على أوامر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وفي الواقع، يشير التقرير، الذي نشرته صحيفة “إنترناشيونال بيزنس تايمز”، إلى أن القوات الأمريكية تنفذ أوامر البيت الأبيض بإشعال النار في الأراضي الزراعية.

وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي أعرب فيه مسؤولو الأمم المتحدة عن قلقهم من أن هذه الخطوة تأتي في وقت قد تؤدي فيه كورونا الى انعدام الأمن الغذائي. وفي الوقت الحاضر، يبدو أن الولايات المتحدة تنوي استخدام هذا الإجراء غير المشروع لتكثيف التوترات في سوريا، وبالتالي خلق الظروف اللازمة لاستمرار وجودها في سوريا.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق