التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, نوفمبر 14, 2024

هل تفعلها قطر وتخرج من دول مجلس التعاون 

ثلاث سنوات مرت على حصار قطر ولا تزال قطر أحد أعضاء مجلس التعاون بالرغم من جميع التكهنات بخروجها من المجلس منذ السنة الأولى لبدء الحصار، خاصة وأن قطر تملك جميع المقومات التي تبقيها قوية في حال خرجت من المجلس، والأهم أن الأخير لم يعد فعال كما كان في السابق؛ اذا مالذي يمنع قطر من الانسحاب بعد 3 سنوات من الحصار، هل الموضوع متعلق باصرارها على ايجاد طريق للعودة الى المجلس وتوحيد صفوف أعضاء المجلس، أم نكاية بالسعودية، أم لأسباب أخرى؟.

قطر لوحت في أكثر من مناسبة برغبتها في الانسحاب، ولكنها لم تؤكد ذلك على المستوى الرسمي، بل على العكس كانت تنفي دائما نيتها الانسحاب، وهذا ما كررته مؤخرا على لسان المتحدّثة باسم وزارة الخارجيّة القطريّة لولوة الخاطر التي صرحت بإنّ محاولات ثلاثة من أعضاء المجلس لعزل الدوحة تجعل المنظّمة “موضع تساؤل” بالنسبة إلى البعض.

وشدّدت الخاطر على أنّ “المعلومات حول عزم قطر على مغادرة مجلس التعاون الخليجي خاطئة تمامًا ولا أساس لها”.

واعتبرت أنّ “شائعاتٍ كهذه تأتي بلا شكّ من يأس وخيبة أمل بعض الأشخاص إزاء مجلس تعاون خليجي ممزّق كان في ما مضى مصدر أمل وطموح لشعوب الدول الأعضاء الستّ”.

وقالت “مع اقترابنا من السنة الثالثة من الحصار غير القانوني المفروض على قطر من السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين، ليس مستغربًا أن نرى أفرادًا من مجلس التعاون الخليجي يُشكّكون ويطرحون التساؤلات” حول المجلس.

وبعد تفشي جائحة كورونا كررت دولة قطر قبولها للحوار مع الدول المقاطعة لها، ورغبتها في إعادة الروح لمجلس التعاون الخليجي، وتوحيد الجهود لمواجهة تداعيات الجائحة العالمية، لكنها أكدت أن ذلك لا بد أن يكون دون شروط مسبقة، وألا ينال من سيادة الدول.

والثلاثاء الماضي، طالبت مجموعة من المثقفين والإعلاميين والأكاديميين والمفكرين من الدول الخليجية بحل الخلاف بين دول مجلس التعاون، وتحدثوا عما تمر به المنطقة من “منعطفات خطيرة”.

وتؤكد الدوحة أن من الضروري حل الأزمة الخليجية بالحوار من دون أي شروط مسبقة، وهو ما تحاول الكويت ومعها سلطنة عُمان التوسط لإتمامه.

وعلى مدار ثلاثة أعوام من الحصار، ركزت قطر جهودها على التحرر من الهيمنة السعودية للسعودية، بما يشمل أيضا التحرر من المؤسسات والهياكل السياسية التي تهيمن عليها الرياض، وفي هذا الإطار، قرأ المراقبون قرار الدوحة بالانسحاب من منظمة الدول المصدّرة للنفط (أوبك)، في ديسمبر/ كانون الأول 2018، لتنهي بذلك 57 عاما من العضوية في المنظمة.

لماذا لم تنسحب قطر من مجلس التعاون؟

أولاً: قطر كانت تؤكد دائما على لسان المسؤولين القطريين أنها تؤمن بمجلس التعاون، ولكن بشرط احترام سيادة جميع الدول واحترام جميع الدول للقانون الدولي واحترام مبدأ المساواة بين الدول، وهنا تلمح الدوحة الى تدخل السعودية في شؤونها الداخلية، وفي نفس الوقت تلمح الى انها يمكن ان تنسحب في اي لحظة من مجلس التعاون لكنها لاتريد ان تبدأ هي بهذه الخطوة، فهي تحاصر السعودية بعدم انسحابها من المجلس، وتشكل ورقة ضغط قوية على المملكة بعد الانسحاب، خاصة وان السعودية كانت صاحبة القرار الأول والأخير في مجلس التعاون، ولكن اليوم لم تعد الأمور كما كانت عليها في السابق.

ثانياً: قطر لاتريد اغضاب الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تريد لمجلس التعاون ان يتفكك ضمن الظرف الحالي، ليس محبة بالدول الخليجية وانما لمصالحها الخاصة، التي تقتضي ان تنسلخ دول مجلس التعاون عن الجامعة العربية، لتهميش دور الجامعة وتفتيت دولها سياسيا، تمهيدا لتفتيت وحدة دول مجلس التعاون في الخطوة التالية، والاهم بالنسبة لواشنطن هو توحيد الجهود للوقوف في وجه ايران، بعد أن فشلت واشنطن في ارضاخ ايران بالرغم من جميع المحاولات التي أقدمت عليها في المرحلة الماضية.

وكانت واشنطن مهتمة تاريخيا بإقامة تكتل يضم الدول الخليجية الغنية النفط والموارد بمعزل عن جامعة الدول العربية التي لم تكن متوافقة بالكامل مع الولايات المتحدة خلال حقبة الستينيات والسبعينيات، وعلى الأخص منذ القرار الصادر عن قمة الجزائر عام 1973 بتقديم جميع أنواع الدعم المالي والعسكري للجبهتين المصرية والسورية من أجل استمرار نضالهما ضد “العدو الصهيوني”، وحظر النفط الذي فرضته الجامعة على الدول الداعمة لـ(إسرائيل) وعلى رأسها الولايات المتحدة.

ومن هذا المنظور فإن انسحاب قطر من مجلس التعاون الخليجي لن يكون مرتبطا فقط برغبة قطر أو مبرراتها للانسحاب؛ إذ أن المبررات التي أعلنتها للدوحة للانسحاب من “أوبك” بعد عضوية دامت 57 سنة، يمكن بسهولة -بل وبشكل أكثر إقناعا- أن تستخدمها لتبرير الخروج من مجلس التعاون، ولكن الأمر في هذه المرة سيكون مرتبطا بموقف الولايات المتحدة التي ترى في مجلس التعاون الخليجي منظمة محورية لخدمة مصالحها في الخليج (الفارسي) بخلاف “أوبك”.

وفي الوقت الراهن، لا يبدو أن الولايات المتحدة يمكن أن توافق بسهولة على تمرير انسحاب قطر من مجلس التعاون الخليجي؛ بما يعني تفكيك المجلس فعليا وتمهيد الطريق أمام انسحاب دول أخرى وخروجها من عباءة الهيمنة السعودية الإماراتية، حيث لا تزال إدارة “ترامب” فيما يبدو تراهن على القيادة السعودية لدول الخليج (الفارسي) على الرغم من تراجع مؤهلات هذه القيادة بسبب السياسات الجائرة لولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”.

في الوقت نفسه، لا تزال واشنطن تراهن على قدرتها على توظيف مجلس التعاون الخليجي كنواة لتأسيس “ناتو إقليمي” ضد إيران، قد يشمل كيان الاحتلال الإسرائيلي.

ونتيجة لذلك، فإن الدوحة تجنبت على مدار السنوات الفائتة الإقدام على خطة الانسحاب من المجلس، قطعا للطريق أمام اتهامات سعودية إماراتية بها بتقويض الإجماع الخليجي، رغم أن الدوحة لا تستفيد فعليا من عضويتها في المجلس مع تراجع أهميته.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق