اليمين المتطرف الاميركي يسعى لجر احتجاجات السود نحو حرب أهلية
وكالات ـ الرأي ـ
شكّل مقتل المواطن الأمريكي الأسود جورج فلويد، على يد عناصر من الشرطة، شرارة ثورة انطلقت من مينيسوتا إلى مختلف الولايات المتحدة الأمريكية.
وشهدت عدة ولايات وعشرات المدن مظاهرات عنيفة، تخللها أعمال شغب، وحوادث سلب ونهب، ما دفع بالسلطات وبأوامر من دونالد ترامب بالدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة، وفرض حظر للتجوال في عدة مناطق.
الرئيس دونالد ترامب، وفي تصريحات له الأحد، قال إن “الولايات المتحدة ستصنف أنتيفا منظمة إرهابية”.
ومنظمة “أنتيفا” تنتمي إلى اليسار، وتضم مجموعات من الشيوعيين، والقوميين، وغيرهم، يهدفون إلى صد ومناهضة أفكار اليمين المتطرف، والفاشيين، وما بات يعرف بـ”النازيون الجدد”.
النازيون تسلّحوا
تحذير ترامب من “أنتيفا” بحجة مشاركتها في أعمال عنف خلال المظاهرات، وصمته عن دعوات اليمين المتطرف لاقتحام المشهد، دفع وسائل إعلام أمريكية للتحذير من “حرب أهلية” في حال سارت الأمور دون تهدئة.
موقع “VICE” الأمريكي، وفي تقرير له، تحدث عن أن جماعات اليمين المتطرف تحاول استغلال مظاهرات السود والمتعاطفين معهم، لتأجيج الفوضى، وجر البلاد نحو حرب أهلية.
وأوضح أن أتباع هذا الفكر المتطرف دائما ما كانوا يسعون لتنفيذ أعمال عنف، وبالتالي هم اليوم أمام بيئة خصبة لفعل ذلك.
وأظهرت مشاهد بثها ناشطون، مجموعة من النازيين الجدد، وهم يحملون الأسلحة وينتشرون في شوارع عدد من الولايات، بحجة حفظ الأمن إلى جانب الشرطة.
موقع “فايس” ذكر أن السبب الحقيقي لخروج هؤلاء بالأسلحة، هو محاولة توتيرهم الأوضاع بشكل أكبر، وتحويل الأمر إلى حرب عرقية بين البيض والسود.
وبحسب عضو مكتب التحقيق الفيدرالي السابق جوش كامبل، وهو معلق حالي في “سي أن أن”، فإن سلطات مينيسوتا تراقب حسابات عبر الانترنت تنتمي إلى اليمين المتطرف، تحاول استغلال الأحداث الجارية بالتحريض على العنف.
تقاطع مصالح (حرب أهلية)
قال الموقع إن هناك جماعة تدعى “Boogaloo Bois”، تنتمي إلى اليمين المتطرف، بدأت بالظهور مع الأيام الأولى للاحتجاجات.
وذكر أن أتباع هذه الجماعة ارتدوا القمصان المكتوب عليها “بوغالو” وهي عبارة تشير إلى حرب أهلية ثانية، وذلك في ولاية هاواي.
بحسب “فايس”، فإن هذه الجماعة، وبرغم تصنيفها ضمن تيار “تفوق العرق الأبيض” إلى أن مصالحها تتقاطع حاليا مع السود، وذلك لعدائها الشديد للشرطة، ولرغبتها الدائمة بالخروج عن القانون بغية الوصول إلى حرب أهلية، وهو من أهدافها التي تأسست عليها.
موقع “Bellingcat” المختص بالتحقيقات الصحفية، نشر مقالا مشتركا للصحفيين روبيرت إيفانس، وجاسون ويلسون، وكلاهما مختصان في الحركات الراديكالية المتطرفة، أوضحا من خلاله أن حركة “Boogaloo Bois” وعبر منصات تابعة لها، قالت بشكل علني إنه يجب على أتباعها الذين يقدر عددهم بعشرات الآلاف، مساندة السود.
وأوضح الصحفيان بحسب تقرير مطول ،أن هذه الحركة تقول إن مساندة السود يصب في منع بطش الشرطة بهم أيضا، إذ أنهم يعتبرون أنفسهم من أكبر المتضررين من سياسات الشرطة الأمريكية التي تلاحقهم باستمرار.
وقال أحد المشرفين على صفحة تابعة لذات الحركة: “هذه ليست قضية عرق فحسب، نحن سمحنا لهم لسنوات طويلة بقتلنا في منازلنا وفي الشوارع، نحن بحاجة للوقوف مع شعب مينابوليس”.
فيما قال أحد أتباع الحركة: “أنا أبحث عن زملائي في مينابوليس لتشكيل مليشيا مرخصة دستوريا لحماية الناس من البطش”.
فيما نشرت بعض الصفحات الداعمة لهذه الحركة، صورة فلويد، إلى جانب شخص من “بوغالو” قُتل على يد الشرطة في آذار/ مارس الماضي.
إلا أن إيفانس وويلسون حذّرا من أن مديح بعض حركات اليمين المتطرف لتحركات السود لا يعني تغيرا في النهج، ولا يمكن الوثوق به.
صحيفة “نيويورك تايمز”، وفي مقال لميشيل غوديلبرغ، ذكرت أن احتجاجات السود، ودخول اليمين المتطرف على الخط، ربما تشهد تفاقما خطيرا خلال الفترة المقبلة، بسبب سياسات الرئيس دونالد ترامب.
وبحسب المقال فإن معظم رؤساء الولايات المتحدة الذين واجهوا مثل هذه الاحتجاجات، سعوا إلى تهدئتها، وخفض التصعيد، إلا أن ترامب لم يكن كذلك.
ونقلت غوديلبيرغ عن المؤرخة والأكاديمية هيذر آن تومسون، قولها إن هناك عدة عوامل تجعل أمريكا قابلة للاشتعال، مثل البطالة، وأزمة وباء كورونا، وعنف الشرطة، إضافة إلى اليمينيين المتحمسين لحرب أهلية ثانية، وفوق كل ذلك، هناك رئيس قوم بصب البنزين على النار، بحسب تعبيرها.
وقالت تومسون، إن “لدينا رئيس غير مبال بدرء الفوضى. في السابق وعند وصول أي حركة احتجاجية لذروتها نجد هنالك حل متوازن، لكن اليوم لا أحد يعلم ماذا يوجد في نهاية النفق المظلم”.
“نيويورك تايمز” أيضا، نشرت مقالا لنيل فاركوار، رد على اتهامات ترامب لجماعات “أنتيفا” بأنها المسؤولة عن العنف، ملمحا إلى وجود أصابع خفية لليمين المتطرف.
وقال فاركوار ، أن العديد من الفيديوهات المنتشرة لتحطيم محلات ونوافذ، تبدو غريبة، وأضاف أن هناك مشاهد لسيارات دون لوحات، وهي أيضا مشاهد مريبة، بحسب قوله.
وقلل فاركوار من أهمية إعلان ترامب نيته تصنيف “أنتيفا” بالمجموعة الإرهابية، قائلا إن تصريحات تأتي لإرضاء قاعدته الجماهيرية فقط.
الأكاديمية في جامعة إيلون، ميغان سكوير، والتي تتابع بشكل دائم مسار التطرف والجماعات اليمينية عبر “الانترنت”، ذكرت أن هذه الجماعات عادة ما تحاول خلق هالة إعلامية لها، غير موجودة على الواقع.
وذكرت أن إنه وبالرغم من ارتفاع أعداد اليمين المتطرف بشكل كبير مؤخرا، إلا أنهم فشلوا حتى الآن في تنظيم أنفسهم عبر الانترنت.
وأضافت في تصريحات لشبكة “إن بي سي” ، أن جزء كبير من عمل جماعات اليمين المتطرف حاليا، هو نشر دعاية بأن البيض المتعاطفين مع احتجاجات السود، “مجرد خونة”.انتهى
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق