التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

بعد تهديدات عبّاس الفارغة.. أشتية يُهدد بإعلان قيام الدولة الفلسطينية 

حمل العام 1993 سلسلةً من الرسائل بين الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وبين رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي إسحاق رابين عُرفت فيما بعد بـ (خطابات الاعتراف المتبادل) وهي عبارة عن سلسلة من رسائل الاعتراف الرسمية بين الكيان الإسرائيلي ورئيس وزرائها إسحاق رابين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات وجربت في شهر سبتمبر من 1993، حيث مهدت هذه الخطابات الطريق وكانت في الواقع “مقدمة” لاتفاقيات أوسلو أو “إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي المؤقت”.

سبعٌ وعشرون عاماً لم تكن كافية لتفهم السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية أنّ هذا الكيان لا ذمّة ولا عهد له، وأنّه يسير بسياسة الأمر الواقع والسير إلى حافة الهاوية، وبذلك حصل الكيان على كلّ ما أراد، في حين أنّه لم يقدم للسلطة أكثر من وعود ورسائل لا تُسمن ولا تُغني عن جوع.

أسطوانة مشروخة

التهديد الأشهر لرئيس السلطة الفلسطينية الحالي محمود عباس وفي كافة المحافل الدولية هو “قطع التنسيق الأمني مع إسرائيل” معتبرًا أنّ هذا التنسيق هو “تنسيقٌ مُقدس”، وكثيراً ما هدّد عباس بقطع التنسيق الأمني ووقف الاتفاقيات الدولية مع الكيان الإسرائيلي وتكرّرت هذه التهديدات كثيراً خلال سني حكمه، سواء كان على شكل قرارات للمجلس الوطني الفلسطيني أو المجلس المركزي الفلسطيني، واللتان تُسيطر عليهما حركة فتح، وبالتالي الرئيس محمود عباس الذي كثيرًا ما هدد في خطبه أو تصريحاته الإعلامية على قطع ذلك التنسيق الأمر الذي أفقد التهديد معناه.

واليوم يخرج رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية مُندداً بخطط الضم الإسرائيلية، وأنّه في حال تم تقويض فرص إقامة الدولة الفلسطينيّة المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس، ستكون كل الخيارات مفتوحة أمام منظمة التحرير الفلسطينية، دون استبعاد سحب اعتراف المنظمة بالكيان الإسرائيلي، حسب قوله، ووفقًا لخطة السلام التي وضعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشرق الأوسط والمعروفة بصفقة القرن، فيمكن للكيان الإسرائيلي ضم 30 في المائة من الضفة الغربية بما في ذلك جميع المستوطنات وغور الأردن.

بطبيعة الحال؛ فعندما يُريد الكيان الإسرائيلي ومن خلفه أمريكا تنفيذ تلك الصفقة المشؤومة فلن يهتموا بأن تعترف سلطة عباس أو حكومته بالكيان، فالمهم عندهم بدايةً هو إنجاز مشروع الضم، ومن ثمّ الاعتراف الدولي، الذي وعلى الرغم من تهديد الكثير من الدول بتنفيذ عقوبات على الكيان، غير أنّها في النهاية ستخضع لابتزاز الكيان الذي يملك الكثير من اللوبيات التي تعمل لصاله، وفي كافة الدول.

إذن؛ فالتهديد الذي يتحدث عنه السيد اشتية فعليّاً لا قيمة له، فالكيان الإسرائيلي وبعد سيطرته الواقعيّة على الأراضي الفلسطينية، سيكون أي إعلان سحب الاعتراف الفلسطيني بالكيان رمزيًا إلى حد كبير، ومع ذلك؛ يأمل اشتية في أن القلق الدولي المتزايد بشأن خطط الضم التي يعمل عليها الكيان الإسرائيلي يمكن أن يشجع الحكومات على دعم المطالبات الفلسطينية بشكل رسمي، وهو أملٌ كما قلنا بسيط وضئل، فحكومات العالم تتعامل بالمصالح أولاً لا بالأخلاق والحق.

سحب الاعتراف وتوابعه

منذ الإعلان عن صفقة القرن وما تبعها من الإعلان عن مشاريع الضم؛ يتدافع المسؤولون الفلسطينيون للرد على تلك المشاريع، ففي أيار/ مايو الماضي، محمود عباس أن جميع الاتفاقات السابقة الموقعة مع الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي، بما في ذلك التعاون الأمني؛ باطلة.

وبعد حث الكيان الإسرائيلي على “عدم الضم”؛ يُهدد رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور محمد اشتية الكيان الإسرائيلي بإعلان قيام الدولة الفلسطينية، فإذا كان الكيان الإسرائيلي سيُنفذ مشروع الضم بعد الأول من تموز/ يوليو، فستنتقل السلطة الفلسطينية من الفترة الانتقالية إلى مظهر دولة الموجودة على الأرض، وهذا يعني أنه سيكون هناك مجلس تأسيسي، وسيكون هناك إعلان دستوري، وستُقام فلسطين على حدود 67 وعاصمتها القدس بحسب اعتقاد أشتية، لكن ماذا يعني ظهور الدولة الفلسطينية بكلها الحالي والأوضاع الحالية على الأرض؟.

ربما لا يعي السيد أشتية أنّ إعلان قيام الدولة الفلسطينية في هذه الظروف من شأنه الإضرار بالقضية الفلسطينية أكثر من فائدتها، فالأمر لا يتمُّ بين ليلةٍ وضحاها، بل يجب أن يسبقه تحضر وتخطيط متعقّل، فأبسط الأمور التي ستواجهها السلطة الفلسطينية بعد إعلان قيام فلسطين هو الجانب المالي؛ من المؤكد أن يكون السيناريو المالي داخل السلطة الفلسطينية حرجًا للغاية، فالكيان اليوم يتحكم بكافة مداخل الأموال التي تصل إلى السلطة، وبإمكانه ممارسة الضغط على الفلسطينيين عن طريق وسائل متنوعة، ناهيك عن أبسط تلك الضغوطات وهي تعطيل التحويلات المالية إلى السلطة الفلسطينية.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق