حرب الغاز شرق البحر المتوسط؛ درس كبير لإيران
أصبحت منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط ساحة تنافس جديدة بين الدول الساحلية في هذه المنطقة لعدة سنوات، لأنه مع اكتشاف موارد الغاز الغنية للغاية، ظهرت اصطفافات جديدة في هذه المنطقة، وأدت إلى سباق تسلح، وخاصةً في مجال القوات البحرية الموجودة في هذه المنطقة.
وبالنظر إلى أن إحدی أهم القضايا المتعلقة باكتشاف حقول الغاز، هو الجهد المكثف لإخراج المنافسين من هذا القطاع وحذفهم من عجلة الاستخراج، فلذلك يعتقد بعض الخبراء أن أحد أسباب دعم بعض الأطراف الأجنبية للجماعات الإرهابية في الحرب السورية، هو زيادة الأضرار وعدم قدرة سوريا على المشاركة في التنقيب عن الغاز في المياه الشرقية للبحر الأبيض المتوسط.
يعتبر الکيان الصهيوني أحد أکبر اللاعبين الغامضين في هذا المجال، والذي يسعى بسبب الضعف التاريخي للجيش اللبناني وغياب القوة البحرية في هذا البلد تقريبًا، إلى الاستيلاء الكامل علی حصة هذا البلد في حقل غاز كبير، ومن ناحية أخرى يبحث الأتراك أيضاً عن الغاز وعمليات الحفر حول قبرص. وبالطبع، أثار هذا الإجراء رد فعل قوي من اليونانيين وأدخلهم في مرحلة حرب باردة جديدة مع تركيا.
من جهة أخرى، يسعى الأتراك إلى إقامة نوع من الجسر في ليبيا من خلال التواجد مباشرةً على الأراضي الليبية، وعبر التموضع في المواقع المطلوبة لهم على السواحل الليبية في البحر الأبيض المتوسط، فقد وفروا عملياً منطقةً بحريةً خاصةً لهم، واستولوا على جزء من موارد الغاز. واكتشف المصريون أيضًا حقلاً شاسعاً للغاز تحت الماء بالقرب منهم، يمكن أن يوفر الكثير من احتياجاتهم من الطاقة لفترة طويلة.
آخر الأخبار حول التنافس علی الطاقة في شرق البحر المتوسط، تتعلق بالساحل الليبي والحضور التركي. ونقلت وكالة أنباء “الأناضول” التركية مؤخراً عن وزير الطاقة والمصادر الطبيعية التركي “فاتح دونماز” قوله إنه “للمرة الأولى هذا العام، ستدخل سفينة الحفر “قانوني” إلى البحر الأبيض المتوسط، ووفقاً للاتفاقية الموقعة مع ليبيا(دولة بدون حكومة شاملة تشهد العديد من الصراعات مع النفوذ التركي)، ستبدأ عمليات الاستكشاف داخل الحدود البحرية في غضون ثلاثة أو أربعة أشهر”.
نظرة على حقول الغاز المهمة في شرق البحر الأبيض المتوسط
يعد حقل الغاز البحري المعروف باسم “تمار” أحد الحقلين المهمين والرئيسيين للکيان الصهيوني، والذي يستمد منه الصهاينة معظم احتياجاتهم من الغاز الطبيعي. يقع حقل الغاز هذا على بعد 90 كم من المياه العميقة للبحر الأبيض المتوسط، ولكن منصات إنتاج الغاز تقع على بعد 25 كم جنوب الأراضي المحتلة.
تم اكتشاف هذا الحقل في يناير 2009، ويقدر احتياطيه بـ 10 تريليون قدم مكعب. ولکل من لبنان وقبرص ادعاءات بشأن هذا الحقل، ولکنهمالم يفعلا شيئاً أمام الصهاينة بسبب غياب القوة العسكرية الكافية.
والحقل المهم الآخر للإسرائيليين هو “لوثيان”، الذي تم اكتشافه في عام 2010 في البحر الأبيض المتوسط، على بعد 130 كم من مدينة “حيفا” الساحلية في فلسطين المحتلة. ويقدر أن يحتوي هذا الحقل على 535 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، و34.1 مليون برميل من المكثفات.
لقد أصبح الإسرائيليون مكتفين ذاتياً إلى حد كبير في جزء من احتياجاتهم من الطاقة من خلال اكتشاف هذا الحقل، وحتى أنهم بدأوا تصدير الغاز منذ ذلك الحين. وهو الأمر الذي سيكون أحد أكبر التحديات والتنافسات للعقد الحالي، من حيث إمدادات الطاقة الأوروبية.
لكن في عام 2015، اكتشف المصريون أكبر حقل للغاز في البحر الأبيض المتوسط. تم اكتشاف هذا الحقل، الذي يدعى “ظهر”، بمساعدة شركة “إيني” الإيطالية، ويحتوي على 850 مليار متر مكعب من الغاز. ويقع الحقل على بعد 193 كم قبالة سواحل مصر.
ومن حقول الغاز الرئيسية الأخرى في هذا البحر، يمکن الإشارة إلی “أفروديت” مقابل السواحل الجنوبية لـ”قبرص”، مع احتياطي يبلغ حوالي 129 مليار متر مكعب من الغاز. إكتشاف هذا الحقل واستمرار اكتشاف العديد من الحقول الأخرى في المنطقة الاقتصادية الخاصة لقبرص، والذي فتح الباب أمام الشركات الكبيرة مثل “إكسون موبيل وشل وآني” وحتى الشركات الإسرائيلية، جعل السوق أكبر وأكثر تعقيدًا.
يُعرف جزء من قبرص الآن باسم “جمهورية شمال قبرص الترکية” بسبب صراع في عام 1974 مع تركيا، ومعترف به فقط من قبل الحكومة التركية في العالم. وقد خلقت هذه المنطقة مطالبات لدی تركيا بالغاز في مناطق حول قبرص. وحتى الآن، قامت عدة سفن حربية تركية بطرد سفن الاستکشاف التابعة لشركات مختلفة تعمل بالقرب من قبرص.
بعد تقديم کل هذه التمهيدات، سننتقل إلی الحديث عن خطط التحديث البحري بين الأطراف المنخرطة في هذا الصراع.
الکيان الصهيوني؛ الابتزاز بسبب قصة المحرقة ما زال مستمراً!
إذا كنتم مهتمين بمناقشة التطورات العسكرية في المنطقة، وخاصةً التبادلات العسكرية بين تل أبيب وبرلين، فمن المؤکد أنکم قد رأيتم في كثير من الحالات أن الحكومة الألمانية تتولی إنفاق جزء من تكلفة الأسلحة الإسرائيلية المخصصة، باسم ما تعتبره مسئوليتها التاريخية تجاه الإسرائيليين في قصة المحرقة.
حالياً، هنالك خطتان رئيسيتان للصهاينة في البحر تتابعهما الصناعة العسكرية الألمانية. إحداهما بناء سفن حربية من طراز “ساعر 6″، والأخری الجيل الجديد من الغواصات من طراز “دولفين”، وقد دفعت الحكومة الألمانية ثلث تكلفة كل عقد.
تزن هذه السفينة حوالي 2000 طن، وهي قادرة على حمل 16 صاروخًا مضادًا للسفن، ومجهزة بنظام “باراك 8” المضاد للطائرات والصواريخ، وهو نموذج بحري لنظام القبة الحديدية، ومدفع 76 ملم، وقادرة على حمل ودعم المروحيات.
لقد قدَّم الصهاينة طلباً إلى ألمانيا لبناء أربع من هذه السفن. تم بناء الجسم وتركيب نظام الدفع في ألمانيا، وسيتم تركيب النظام الإلكتروني ونظام الأسلحة في الأراضي المحتلة. حالياً، أول سفينة من هذا الطراز جاهزة للتسليم تقريبًا، ويبلغ عقد بناء السفن الأربع حوالي 480 مليون دولار.
الرادار المركب على سفينة “ساعر6” من نوع EL/M-۲۲۴۸ MF-STAR، وهو رادار صفيف نشط من صنع شركة “إلتا” من المجموعات الفرعية لشرکة الصناعات الجوية الصهيونية IAI، والذي يمكن استخدامه في آن واحد لأمور مثل البحث واكتشاف الأهداف البحرية والجوية، وكذلك توجيه الصواريخ المضادة للسفن والطائرات.
ويصنف هذا الرادار في فئة “إيجيس” ورادار SPY-۱D التابع للبحرية الأمريكية، ويبلغ مداه حوالي 250 كم. لهذا الرادار القدرة على تغطية 360 درجة حول السفينة، ويمكنه اكتشاف وتتبع المئات(لم يُعلن عن عدد محدد) من الأهداف السطحية والجوية. المدى 250 كيلومترًا المذكور أعلاه مرتبط بطائرات المسافات الطويلة، أما مداه بالنسبة إلی صواريخ كروز الأرضية فيبلغ حوالي 25 كم.
أحد مخاوف الکيان الإسرائيلي، هو أن تشن المقاومة اللبنانية أو الجيش السوري هجوماً صاروخياً على منصات الغاز في هذه المنطقة المحتلة، في البحر الأبيض المتوسط. ذلك أن الجيش السوري مزوَّد بصواريخ كروز “ياخونت”، وهناك تقارير عن تسلُّح حزب الله اللبناني بهذا الصاروخ أيضاً. ويراهن الإسرائيليون کثيراً على سفن “ساعر6” لحماية هذه المنصات.
لكن جزءًا آخر من برنامج تحديث السفن التابع للبحرية الإسرائيلية، مرتبط بقسم الغواصات. اسم غواصة “دولفين” مألوف للعديد من المهتمين بالقضايا العسكرية. هذه الغواصات هي في الواقع نموذج مطور من نوع 209، صنع في ألمانيا الغربية خلال الحرب الباردة.
لدى الصهاينة حاليًا ست غواصات، ثلاث منها من طراز دولفين 1، وثلاث من طراز دولفين 2. وفي الوقت نفسه، طلبوا ثلاث غواصات أخرى من طراز 2، لاستبدالها بالطراز الأول بعد تقاعده. وأحد الفوارق الرئيسية بين السلسلة الأولى والثانية من هذه الغواصات، هي إضافة أنظمة دفع مستقلة عن الهواء، والتي تسمح لهذه الغواصات بالبقاء تحت الماء لفترة أطول. ويبلغ سعر طلب السلسلة الثانية هذه حوالي 2 مليار يورو.
تزن هذه الغواصات التي تستخدم الدفع بالديزل الإلكتروني، 1900 طن في النموذج الأول و2400 طن في النموذج الثاني. ويبلغ طولها 57 و68 متراً على التوالي. ويمكن أن تقل هذه الغواصات ما يصل إلى 45 طاقماً.
وفي قطاع الأسلحة، “الدلفين” قادرة على حمل الطوربيدات وصواريخ الكروز المضادة للسفن، وبالطبع بناءً على بعض المعلومات، تتزوَّد أيضاً بصواريخ الكروز المهاجمة لأهداف أرضية برؤوس حربية نووية.
الخطة الإسرائيلية الأخرى لتحديث قوتها البحرية للحضور في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، هي تطوير قاذفات الصواريخ الخفيفة من نوع “ريشف”، والتي تزن حوالي 850 طنًا ومن المقرر أن تحل محل غواصات ساعر 4.5. في النهاية، ستشكل هذه السفن إلى جانب السفن الحربية الحديثة من فئة “ساعر 5 و6” وغواصات دلفين 2، القوة البحرية للکيان الصهيوني.
مصر؛ الجنرال السيسي يسعى إلى إحياء أرض الفراعنة عسكرياً
منذ تنصيب الجنرال السيسي رئيساً في مصر، اتبعت حكومة القاهرة سياسة تحديث القوات المسلحة، وكانت القوة البحرية إحدى الأولويات القصوى في هذا المجال. ومن أهم مشتريات المصريين في هذا القطاع، سفينتان حربيتان برمائيتان من فرنسا.
کان بناء هذه السفن من طراز “ميسترال” بطلب من روسيا، ولكن بسبب العلاقات المتوترة بين موسكو وباريس، تم إنهاء العقد في نهاية المطاف، فاشترى المصريون في النهاية هاتين السفينتين الكبيرتين.
يبلغ وزن هاتين السفينتين اللتين تحمل إحداهما اسم “جمال عبد الناصر” والأخری “أنور السادات”، حوالي 21 ألف طن، ويصل طولهما إلی 200 متر. تم تطوير هذه السفن بشكل أساسي لحمل المروحيات، وبالطبع المركبات العسكرية المختلفة، بما في ذلك ناقلات الأفراد والدبابات.
كان من المفترض أن ينشر الروس مروحيات هجومية من طراز “كاموف كا-52” على هذه السفن، وبدأوا في إنتاجها أيضاً. وفي النهاية، اشترى المصريون هذه المروحيات من روسيا ورکبوها على السفن.
عادةً ما يتم نقل 16 طائرة هليكوبتر على هذه السفن، وفي الوقت نفسه من الممكن أن تحمل هذه السفن 40 دبابة أو 60 ناقلة أفراد أو 900 مشاة حسب ظروف العمليات. وبلغت تكلفة شراء السفينتين للمصريين مع تدريب الطاقم، حوالي 950 مليون يورو.
کما قام المصريون أيضاً بعمليتي شراء مهمتين أخريين من الفرنسيين في القطاع البحري في السنوات الأخيرة. الأولی هي شراء فرقاطة “فريم”. تمت عملية الشراء هذه إلى جانب مقاتلات “رافال”، ووفقًا للمعلومات المتاحة، لم يتم بيع نظام حرب إلكترونية قوي لمصر من قبل الفرنسيين، والذي تم تطويره لهذه السفن.
في الوقت نفسه، وفيما يتصل بالصواريخ المضادة للطائرات، هذه السفينة لديها فقط صواريخ “أستر 15” بمدى 30 كم. وتشمل الأسلحة الأخرى صواريخ “إكزوست بلوك 3” وطوربيدات “إم يو 90” ومدفع من عيار 76 ملم.
أما عملية الشراء الثانية لمصر من فرنسا، فهي 4 فرقاطات من طراز “2500 جوويند”، يتم بناء واحدة منها في فرنسا والثلاثة الأخری في مصر. تزن هذه السفن 2500 طن، وهي مجهزة بصواريخ “ميكا” المضادة للطائرات وصواريخ “إكزوست” المضادة للسفن ومدفع من عيار 76 ملم.
أحد الأسئلة الكبيرة التي يطرحها بعض محللي الدفاع حول مشتريات مصر البحرية، هو ضعف الدفاعات الجوية لهذه السفن. سفن الميسترال التي تم تسليمها لمصر، مجهزة بنظام “أفنجر” الأمريكي الذي هو في الواقع نظام دفاعي قصير المدى محمول على مركبات “هامفي” الأمريكية، ومزود بصواريخ “ستينغر”.
والسفن المصرية الجديدة الأخرى مجهزة في الغالب بصواريخ قصيرة المدى، وهذا الأمر يمكن أن يكون خطيرًا جدًا على المصريين في منطقة مثل البحر الأبيض المتوسط، الذي تتواجد فيه قوات جوية وبحرية كبيرة.
الشراء الجديد للمصريين في السنوات الأخيرة، يرتبط بقطاع الغواصات من ألمانيا. لدى المصريين أربع غواصات من طراز “روميو” من الصين، قامت الولايات المتحدة بترقيتها في السنوات التي تلت عملية الشراء، وأصبحت قادرةً علی إطلاق صواريخ “هاربون” المضادة للسفن.
لكن الشراء الجديد للمصريين هو 4 غواصات من طراز 209/1400 من ألمانيا، تم تسليم 3 منها إلى البحرية المصرية حتى الآن. تم تجهيز هذه الغواصات بطوربيدات DM۲A۴ الثقيلة ألمانية الصنع وصواريخ “هاربون بلوك 2” الأمريكية المضادة للسفن.
في الوقت نفسه، تشير التقارير إلى أن الصينيين يحاولون أيضًا بيع غواصات إلى مصر، ويسعون للعثور على مكان في السوق المصرية عن طريق خفض الأسعار. كما عبرت بعض المصادر الصهيونية عن قلقها من زيادة القوة البحرية المصرية وخاصةً في قطاع الغواصات، معتبرةً أنها تشكل خطراً عليها.
اليونانيون في مواجهة تركيا والمشاكل الاقتصادية
إن البحرية اليونانية هي واحدة من الجهات الفاعلة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، ولكن على الرغم من كونها عضوًا في حلف الناتو، لکنها تعتبر أكبر تهديد لها هو عضو آخر في هذا الحلف، أي تركيا.
والاشتباكات اللفظية بين الوحدات العسكرية للجانبين في المناطق المتنازع عليها، وعمليات المطاردة من قبل مقاتلات كلا الجانبين، وحتى إسقاط طائرة تركية من طراز “إف 16” من قبل طائرة “ميراج 2000” اليونانية، خلقت تاريخًا متوترًا بين البلدين.
السفن السطحية الرئيسية للبحرية اليونانية، تصنع في ألمانيا وهولندا. أربع سفن حماية من فئة Hydra وتسع سفن من فئة Elli الهولندية الصنع، هي السفن السطحية الرئيسية للبحرية اليونانية.
وهناك أيضًا عدد من السفن الخفيفة الفرنسية القاذفة للصواريخ في خدمة البحرية اليونانية. كما أنها واحدة من القوی البحريات التي تمتلك حوامات من فئة “زوبر” تم بناؤها من قبل الاتحاد السوفيتي السابق وصنعت في أوكرانيا وروسيا، وهي واحدة من أكبر السفن في فئتها، مما يمنح الإغريق القدرة علی الحركة البرمائية بشکل جيد.
تم تجهيز السفن الحربية اليونانية بشكل أساسي بالأسلحة الأمريكية، مثل صواريخ هاربون والصواريخ الدفاعية من نوع “إيه أس أس أم”. کما قام اليونانيون بتحديث النظم الفرعية لسفن الحماية “إيلي”، لكنهم يواجهون صعوبات مالية لترقية فئة “هايدرا”. وقد تم تأجيل أو إلغاء العديد من برامج التحديث والشراء للجيش اليوناني في السنوات الأخيرة، بسبب الصعوبات المالية.
وفي قسم الغواصات، يمتلك الإغريق أسطولًا من الغواصات ألمانية الصنع، بما في ذلك 7 غواصات من طراز 209 من أنواع مختلفة، و4 غواصات من نوع 214، وهي نموذج تصديري من نوع 212، وتعتبر من بين الغواصات الحديثة للديزل الإلكتروني. وقد تم تجهيز هذه الغواصات بشكل أساسي بقاذفات طوربيد 533 ملم، وصواريخ هاربون المضادة للسفن.
تركيا تواصل السعي لإحياء حلم الإمبراطورية العثمانية في البحر
تمتلك تركيا نوعاً ما أكبر قوة بحرية في شرق البحر الأبيض المتوسط. وفي السنوات الأخيرة، وبفضل النمو الاقتصادي والاستثمار المكثف في قطاع الدفاع المحلي، تخطط لتطوير قواتها المسلحة بما في ذلك القطاع البحري، بدءاً من تطوير الصواريخ المضادة للسفن وقذائف الدفاع البحري، ومروراً بالرادارات والأنظمة الفرعية الإلكترونية للسفن، وصولاً إلى تصميم وبناء الغواصة نفسها.
وفيما يتعلق بالسفن السطحية، فإن الأتراك لديهم ثماني فرقاطات من فئة “جابيا”، وهي في الواقع نموذج مطور لفئة “أوليفر هازارد بيري” الأمريكية الصنع، ومجهزة بقاذفات “مارك 41” العمودية، ورادار بحث صفيف وصواريخ دفاعية من نوع “162-ريم”.
ومن القطع البحرية القيمة الأخرى للأتراك، هي ثماني فرقاطات من طراز “200 ميکو” ألمانية الصنع، والتي تم ترقيتها في السنوات الأخيرة، وتجهَّزت بأنظمة إطلاق صواريخ عمودية، ورادار صفيف وأنظمة الحرب الإلكترونية.
وفيما يتصل ببناء السفن المحلية، فقد شرعت تركيا في برنامج کبير للغاية، يبدأ من سفن Ada التي تزن 2400 طن، وأربعة منها دخلت الخدمة، ومن المقرر دخول أربع سفن أخرى إلى البحرية التركية أيضاً. هذه السفن التي تتمتع بتصميم الجسم الخفي، مجهزة بصواريخ ATMACA المضادة للسفن تركية الصنع، ونظام الدفاع عن قرب “RIM-۱۱۶”.
والمشروع الآخر للأتراك هو فرقاطات من فئة “اسطنبول”، والتي يتم تطويرها بناءً على نموذج فئة Ada الموسع، ومن المتوقع أن تزن حوالي 3000 طن وسيتم تجهيزها بصواريخ ATMACA وصواريخ الدفاع الصاروخي ESSM و RAM ونظام “فالانکس “. طلبت تركيا بناء أربع من هذه السفن، والسفينة الأولی قيد البناء حاليًا.
والمشروع الآخر للأتراك هو مدمرات الدفاع الجوي من فئة TF۲۰۰۰ بوزن أكثر من 7000 طن، والتي لا تزال قيد التطوير. وتخطط تركيا لتركيب رادارات محلية وصواريخ ATMACA المضادة للسفن، ومزيج من صواريخ “آر آي أم -116 القياسي” و”آر آي أم -162″، وصاروخ كروز المحلي المهاجم للأهداف البرية “SOM”.
في الوقت نفسه، وبسبب عضويتها في برنامج مقاتلات “إف 35” الأمريكية، أطلقت تركيا مشروعًا لبناء سفينة “الأناضول” الهجومية البرمائية، والتي من المرجح أن تكون جاهزةً للتسليم إلى البحرية في وقت لاحق من هذا العام.
بالطبع، بالنظر إلى طرد ترکيا من برنامج مقاتلات “إف 35” بسبب شراء نظام الدفاع الجوي “إس 400” من روسيا، ليس من الواضح بالضبط ما هي خطط الأتراك لتجهيز هذه السفينة. وفي الوقت نفسه، لا يزال من الممكن استخدام سفينة الأناضول كناقلة هليكوبتر.
يعتبر قطاع الغواصات من أوجه القوة الأخرى للبحرية التركية. ومع امتلاك 14 غواصة من طراز 209 من صنع ألماني في نماذج مختلفة، تعد هذه الدولة أكبر مستخدم لهذه الفئة من الغواصات في العالم.
وفي الوقت ذاته، وبالتعاون مع ألمانيا، تقوم ببناء غواصات من نوع Type۲۱۴TN على أرضها، وهي نموذج خاص لهذا البلد، تم تطويرها علی غرار فئة 214، والآن تتطلع ترکيا إلى بناء 6 من هذه الغواصات مجهزة بأنظمة دفع مستقلة عن الهواء. وبلغت قيمة هذا العقد مع ألمانيا في هذا القطاع 2 مليار يورو.
بالنظر إلی أن منطقة البحر الأبيض المتوسط وخاصةً في الجزء الشرقي، وما يتعلق بمصادر الغاز والنفط المكتشفة فيه، أصبحت بسرعة منطقةً کثيرة التوتر، إلى جانب الحجم الكبير للأسلحة المستوردة إلى هذه المنطقة، الأمر الذي يصعِّد احتمالية اندلاع قتال عنيف بخسائر كبيرة جداً في أي لحظة، تجدر الإشارة إلى أن عملية توليد الإيرادات واستخراج الغاز من هذه الاحتياطيات الجوفية الكبيرة، ستكون متاحةً فقط للدول والأنظمة التي تمتلك القوة العسکرية في تلك المنطقة، وخاصةً البحرية المطلوبة لصون وحماية المنطقة ومصالحها؛ وهذا نفس الدرس والنقطة المهمة التي لاحظناها في منطقة الخليج الفارسي وبحر عمان أيضاً، حيث لولا قوة البحرية الإيرانية في مواجهة القرصنة البريطانية والاستيلاء على ناقلة النفط الإيرانية “غريس”، لما كان من الممكن اليوم التعاون مع “فنزويلا”، وكسب الأرباح من العملات الأجنبية عبر بيع المنتجات البترولية.
المصدر/ الوقت