التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

ديون أمريكا غير المدفوعة للعراق في المفاوضات الاستراتيجية 

بدأ اجتماع الوفدين الأمريكي والعراقي، المقرر عقده يومي 10 و11 يونيو، في يوم 11 يونيو، ويتابع جميع المراقبين السياسيين ووسائل الإعلام نتائج هذا الاجتماع عن كثب.

ويأتي الاجتماع في وقت أثير فيه عقد جولة جديدة من المحادثات بين الولايات المتحدة والعراق خلال ولاية رئيس الوزراء “عادل عبد المهدي”، والآن انتقل إلی ولاية “مصطفى الكاظمي” رئيس الوزراء العراقي الجديد. ومن المؤكد أن هذه المحادثات لها أهمية كبيرة لكلا الجانبين، ويمكن أن تلعب دوراً هاماً وحاسماً في مستقبل المعادلات السياسية العراقية.

في غضون ذلك، من المهم ملاحظة أن الغرض الرئيسي من عقد الأمريكيين لجولة جديدة من المحادثات، هو توسيع مستوى التعاون من المستويين الأمني والعسكري إلى مستويات أخرى مثل الاقتصاد والثقافة.

الإتفاق الأول بين البلدين في عام 2009 كان قائماً على اتفاقية أمنية. في الواقع، في عام 2009 وبعد تولي باراك أوباما منصبه، بدأت الولايات المتحدة وبالتزامن مع بداية عملية مغادرة العراق، مفاوضات مع بغداد للتوصل إلى اتفاقية أمنية مع العراق، مما أدى إلى توقيع اتفاقية أمنية بين البلدين في عام 2009.

حددت هذه الاتفاقية كيفية انسحاب الجيش الأمريكي، وكذلك كيفية مواصلة التعاون العسكري والأمني بين البلدين في المستقبل. وبالطبع، أظهر صعود داعش وعدم تعاون واشنطن مع بغداد في الأشهر الأولى، أن إدارة أوباما لم تكن ملتزمةً بهذه الاتفاقية بأي حال من الأحوال.

ولكن الآن على المستوى الجديد، يعد الأمريكيون الحكومة العراقية بأنهم سيعملون مع العراق على ثلاثة محاور: مواجهة کورونا، محاربة داعش والإرهاب، والمساعدة في إعادة بناء العراق.

حالياً وعلى الرغم من هذه الوعود، انطلقت المحادثات بين الجانبين في بغداد. لكن السؤال المطروح الآن هو، إلى أي مدى يمكن الوفاء بهذه الوعود علی أرض الواقع؟ وعلى مستوى آخر، من المهم التفكير في أنه هل كان وجود الأمريكيين في العراق في سبيل المصالح الوطنية والأمن القومي العراقي، كما يدعون؟

الحجة الرئيسية لهذا المقال هي، أن الاجتماع الأخير بين بغداد وواشنطن لإجراء محادثات ثنائية، ليس فقط لن يؤدي إلى نتائج، بل إن المسار الصحيح للعراقيين هو رفض أي معاهدة علی افتراض حدوث لعبة رابح-رابح. وفي الواقع، لم يكن وجود الأمريكيين في بغداد حتى الآن مفيدًا للعراق فحسب، بل تسبب أيضًا في أضرار كبيرة في البنية التحتية والهيكل الاقتصادي لهذا البلد.

عملية الاتفاق العقيمة، والضرر الذي أحدثته الولايات المتحدة للعراق

الحجة الأولى لوجود مفاوضات بين العراق والولايات المتحدة، تقوم على إعادة بناء الاقتصاد العراقي والمساعدة على تحسين الوضع الاقتصادي لهذا البلد. وفي الوضع الحالي، فإن الواقع هو أنه بدلاً من الأمل في مساعدة واشنطن الاقتصادية لبغداد، سيتم بحث مسألة مقدار الضرر الذي ألحقه الوجود الأمريكي بالعراقيين.

وفي هذا السياق، في عام 2011، أعلنت لجنة من المحامين الأمريكيين أن الأضرار التي سببتها الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفاؤهما للعراق تجاوزت 25 تريليون دولار. وفي هذا الصدد، يکفي فقط الانتباه إلى المحاور الثلاثة الرئيسية التي دمرها الأمريكيون في العراق منذ عام 2003.

تدمير البنية التحتية الاقتصادية للعراق

لقد تسبب الاحتلال العسكري للعراق في عام 2003، في الكثير من الدمار وتدمير البنية التحتية الاقتصادية للعراق منذ البداية. حيث تم تدمير العديد من الطرق والمواصلات ومرافق البناء في مختلف المحافظات العراقية خلال الغزو الأمريكي لجيش النظام البعثي، ولكن الأهم هو أن حرب 2003 أطاحت رسمياً بالبنية الاقتصادية للعراق. کما أن النظام البيروقراطي للحكومة العراقية، في عملية إعادة تأسيسها وتنظيمها، تسبب بتكبد الحكومة العراقية الجديدة تكاليف باهظة.

نهب رأس مال العراق في مجال الطاقة

بعد احتلال بغداد وسقوط النظام البعثي، الخطوة الأولى التي اتخذت، کانت الدخول السريع لشركات الاستثمار الأمريكية والبريطانية في العراق، للاستثمار في استخراج النفط والاستثمار في الهندسة المدنية. ولأكثر من عقد، استولت على عشرات المليارات من الدولارات من رؤوس أموال العراق، مقابل تقديم خدماتها المزعومة لإعادة بناء مرافق النفط والهندسة المدنية في العراق.

وكان هذا في حين أن هذه الاستثمارات لم تکن منتجةً ومترافقةً مع التنمية بأي شكل من الأشكال، وقد أضعفت اقتصاد بغداد أكثر من کونها عاملاً مساعداً في تقدم هذا البلد.

تدمير رأس المال البشري

بالإضافة إلى القضايا الموضوعية، فإن وجود الولايات المتحدة في السنوات التي تلت 2003، فرض تكاليف باهظة على العراقيين في مجال رأس المال البشري.

حيث أن آلاف الضحايا المجهولين وعدة مئات الآلاف من الأطفال المعاقين الذين ولدوا بسبب استخدام الولايات المتحدة لقنابل تحتوي على البلوتونيوم، ليس سوى جزء من الضرر الذي ألحقه الأمريكيون بالمواطنين العراقيين.

كما أن الدور الأمريكي في صنع داعش وعدم التعاون مع بغداد في مكافحة هذا التنظيم الإرهابي، هو حادث آخر فرض تكلفةً باهظةً على الشعب العراقي من حيث القوى العاملة.

وبناءً علی ذلك، فإن المحادثات الأمريكية الجديدة مع العراق، يمكن اعتبارها استمراراً لنهج بغداد الخاسر، أکثر من وصفها بأنها مذاکرات يمکن أن تأتي بنتائج إيجابية. وكما تقدم آنفاً، فإن الوجود الأمريكي في العراق قد كلف البنية التحتية ورأس المال البشري في هذا البلد أكثر من 25 تريليون دولار، ويبدو أن أي اتفاق جديد مع واشنطن يعني إهدار رؤوس المال وإضاعة الوقت لحكام بغداد.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق