ماذا حدث في تشييع جنازة جورج فلويد
بعد ثلاثة أسابيع من وفاة جورج فلويد، المواطن الأمريكي من أصل أفريقي، على يد الشرطة في مينيابوليس، تم دفن جثمانه يوم الأربعاء بحضور المشيعين والمتظاهرين الذين تجمعوا في كنيسة “فاونتن او بريز” لتقديم الإحترام والدعاء. وكانت مراسيم يوم أمس هي المراسيم الثالثة له. حيث كانت أولى مراسيم فلويد، يوم الخميس الماضي في مينيابوليس، اذ أصبح مقتله رمزاً للاحتجاج على عنف الشرطة في الولايات المتحدة، والمراسيم الثانية أقيمت يوم السبت في مسقط رأسه بولاية نورث كارولينا، والثالثة في هيوستن. وفي جميع المراسيم الثلاثة، أظهر الآلاف احترامهم لنعش فلويد. وتم نقل نعش فلويد إلى مقبرة بيرلاند جنوب هيوستن، ودُفن خلال مراسيم خاصة، كما أقيمت مراسيم أخرى في مينيابوليس وكارولينا الشمالية (مسقط رأس فلويد) في نفس الوقت.
وتولى أعضاء من جماعة “أمة الإسلام” بالإضافة الى ادارة شرطة هيوستن تأمين الجانب الأمني لمراسيم دفن جثمان فلويد. هذه الجماعة هي حركة سياسية ودينية للأمريكيين ذوو الأصول الأفريقية، تأسست في ديترويت ميشيغان في عام 1930 لتعزيز الظروف الروحية والمعنوية والإجتماعية والاقتصادية للسود وهي واحدة من أكثر المنظمات شعبية في المجتمع.
وعلى هامش المراسيم، حضر العديد من الضيوف، الكنسية وهم يرتدون بدلات بيضاء. ومن خلال ارتداء اللون الأبيض، فقد شكلوا بداية حقبة جديدة بوفاة فلويد، حقبة لم يكن فيها لون الجلد سببا للتمييز والعنف، ولم يكن لون البشرة السوداء يعد سببا على الإجرام. وخلال المراسيم، دعا تيم والز، حاكم ولاية مينيسوتا (حيث عاش ومات فلويد)، الجمهور إلى التزام الصمت لمدة 8 دقائق و 46 ثانية على شرف فلويد.
ان الصمت والركوع لمدة 8 دقائق و 46 ثانية هو أحد ردود الفعل الأكثر شيوعًا خلال الاحتجاجات المناهضة للعنصرية والإشادة بفلويد، حتى في الكونغرس الأمريكي وخلال إجتماع أعضاء الحزب الديمقراطي، تم أداء هذه الطقوس، وهذا الصمت الطويل دلالة على الوقت الذي كان فيه فلويد تحت ركبة الشرطي يكافح مع الموت، وتوفي في النهاية تحت ضغط ركبة الشرطي الأبيض. وفي سان فرانسيسكو، توقف سائقو الحافلات لمدة ثماني دقائق و 46 ثانية ايضا.
إدانة مناهضة للعنصرية في المراسيم
أثناء حديثهم في جنازة فلويد، أدانت الشخصيات السياسية ونشطاء المجتمع المدني العنصرية في المجتمع الأمريكي وشجبتها وأكدت على ضرورة مكافحتها. وقال إل جرين، عضو الكونجرس عن الحزب الديمقراطي، “إن حياة جورج فلويد لم تكن عديمة القيمة – ولهذا السبب نحن هنا. كانت جريمته أنه وُلد ببشرة سوداء. وشدد شقيق جورج فلويد، رودني فلويد، أيضًا على أن موت شقيقه سيغير العالم، قائلاً إن الناس في جميع أنحاء العالم سيتذكرون شقيقه ولن ينسوه.
ودعت بروكلين ويليامز، ابنة أخت فلويد، إلى تغيير القوانين التي سُنّت حسب رأيها، من أجل وضع السود في وضع مُهين وأكدت: “لماذا يجب أن يكون هذا النظام فاسدًا وغير فعال؟ لقد تم سن قوانين لتقويض الجالية الأمريكية السوداء، ويجب تغيير هذه القوانين. نطالب بالكف عن جرائم الكراهية. وقال أحدهم” سنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى، ولكن متى كانت الولايات المتحدة عظيمة؟”
كما تم بث مقطع فيديو للمرشح الديمقراطي لإنتخابات نوفمبر، جو بايدن خلال المراسيم، وقال بايدن خلال كلمته “عندما تتحقق العدالة في قضية جورج فلويد، سنكون بعدها بالفعل على طريق المساواة العرقية في الولايات المتحدة. وانتقد بايدن بشدة دونالد ترامب في الأيام الأخيرة، متهما إياه بتكهنات “تستحق اللوم” حول فلويد. ومع ذلك، اتُهم بايدن هو الأخر بالعنصرية لأنه قال إن السود الذين يصوتون لترامب “ليسوا سودا”. وخلال خطاب بايدن، خاطب ابنة فلويد البالغة من العمر 6 سنوات، جيانا، وطلب من الأمريكيين أن ينظروا إليها في عينها ويسألوها عن سبب وجود العنصرية.
كما تحدث في هذه المراسيم آل شاربتون، القس والزعيم الحقوقي للسود قائلا: نحن نحارب الشر في مناطقنا”. وقال شاربتون في اشارة الى تشكيل الحركة المناهضة للعنصرية “على الرغم من تفشي وباء سريع الانتشار، لا يزال الناس ينزلون الى الشوارع ولا حتى يبحثون عن مسافة التباعد الاجتماعي. وقال شيربتون “إن الحركة لن يهدأ لها بال حتى نحقق العدالة”.
جدال الديمقراطيون وترامب حول تعديل قوانين الإشراف على الشرطة
في الأيام الأخيرة، قدم الحزب الديمقراطي، الذي يسيطر على مجلس النواب، خططًا شاملة لإصلاح منظومة الشرطة. وتتضمن هذا الخطط، قانون احترام العدالة في عمل الشرطة ومحاكمة ضباط الشرطة على الإساءات، وحظر استخدام الشرطة لأساليب الخنق من الرقبة والحلق اثناء اعتقال الأشخاص، كما يحاول معالجة القضايا العرقية.
من ناحية أخرى، قام المشرعون المحليون في ولاية نيويورك بإلغاء قانون أبقى السجلات التأديبية للضباط سرية. وهذه الخطوة هي واحدة من عدة مشروعات قوانين تتعلق بإصلاح منظومة الشرطة في البلاد، وتسعى لتعديل القوانين الأخرى كقانون حظر مقاضاة الشرطة، الذي يحميهم من الإمتثال أمام القانون. كما يسعى المشرعون للتصويت على قانون ينص على إجبار ضباط الشرطة على استخدام كاميرات المراقبة. لكن ترامب رفض هذا المشروع، قائلاً إن الديمقراطيين “أصابهم الجنون”.
وفي أحدث المواقف، أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض كايلي مكيني يوم الأربعاء الماضي أنه من المرجح أن يتخذ دونالد ترامب إجراء من خلال أمر تنفيذي لإصلاح الشرطة الأمريكية. وفي حديثه مع شبكة فوكس نيوز، قال مكيني إن ترامب راجع مقترحات إصلاح الشرطة، وأن مستشاريه تحدثوا إلى السناتور الجمهوري عن مدينة ساوث كارولينا، تيم سكوت، يوم الثلاثاء بشأن خطة محتملة لإصلاح الشرطة الأمريكية.
مع تزايد مخاوف ترامب ومستشاريه من استمرار هذه الحركة وتبعاتها على نتائج الإنتخابات، من المحتمل ان نشهد خلال الأيام والأسابيع المقبلة تقديم تنازلات أكثر من البيت الابيض.
المصدر/ الوقت