التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

المغرب والجرائر على صفيح ساخن والكعكة الليبية تتقدّمهما.. من سيصل أولاً 

للوهلة الأولى، ومن خلال التصريحات التي خرجت بعد لقاء الرئيس التونسي قيس سعيد ووزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة تبدو هذه الزيارة مجرد زيارة بسيطة كجزء من تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، كما هو مُتعارف في الأعراف الدبلوماسية، ولكن إذا نظرنا عن كثب إلى خلفيات هذه الزيارة، فإنّها تمثل تقدّماً في العلاقات الدبلوماسية بين تونس والمغرب، خصوصاً بعد العداء المُتزايد بين المغرب والجزائر والذي كانت آخر معاركه طرد القنصل المغربي من مدينة وهران الجزائرية وتأكيد المتحدث باسم الرئاسة الجزائرية محند أوسعيد بلعيد بأنه “ضابط في المخابرات”، حيث أتى الرّد الجزائري بعد وصف القنصل للجزائر بأنّها “بلد عدو”.

وعلى الرغم من حادثة القنصل المغربي في الجزائر، إلّا أنها لا تُمثّل إلى رأس جبل الجليد في العلاقات المُتوترة بين الجزائر والمغرب منذ بداية حرب الرّمال (1963) ومن ثمَّ قضيّة الصحراء الغربية ودعم الجزائر للانفصاليين الصحراويين، الأمر الذي وجدت فيه الرباط تدخلاً في شؤونها الداخلية، ليتبعه عددٌ من المناوشات السياسية بين البلدين.

واليوم؛ تأتي زيارة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في وقتٍ يتعقّد فيه الوضع الليبي وتكاد تخرج الأمور عن السيطرة، وما تبعها من تقديم الجزائر لمبادرة حل للأزمة الليبية، وهو الأمر الذي لن ترضى عنه المغرب، خصوصاً بعد فشل الاتفاق الذي وقّعه الفرقاء الليبيون في مدينة الصخيرات المغربية.

الرباط تُحاول جاهدةً إفشال مبادرة السلام التي تقدّم بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، والتي تهدف إلى وقف إطلاق النار ومن ثمّ البدء بمفاوضات بين الفرقاء الليبيين، وهنا تسعى الرباط جاهدةً لإفشال عقد هكذا اتفاق يتم عن طريق الجزائر، ومن ثمّ الاستفادة الجزائرية من الكعكة الليبية، وهنا تُحاول الرباط العمل مع تونس وتركيا لإفشال المبادرة الجزائرية.

وفي هذه الأثناء من المُتوقّع وكما تقول الصحافة المغربية عقد قمّة تركية مغربية خلال الأيام أو ربما الأسابيع القليلة المقبلة وستركّز هذه القمّة على الوضع الليبي وعملية السلام هناك، بعد أن كانت أنقرة هي من أسّس لانتصار قوّات حكومة الوفاق هناك، خصوصاً بعد سعي مجموعة من الأطراف خاصة الإمارات والجزائر إلى القفز على اتفاق الصخيرات، والذي أفرز حكومة الوفاق، التي يرأسها فايز السراج وتعترف بها الأمم المتحدة.

ويبدو الدور المغربي جليّاً في الأزمة الليبية بعد رفض الرّباط تعيين الدبلوماسي الجزائري عضو مجلس إدارة مركز ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام السيد رمطان لعمامرة كمبعوث أممي إلى ليبيا، مُحاولة إبقاء كلّ أوراق اللعب بين يديها وحرمان الجزائر من القيام بأيِّ دورٍ في الأزمة الليبيّة، مع الإبقاء على حالة الانتصار التي يتمتّع بها حلفاء الرّباط في ليبيا.

الردُّ الجزائري على كلُّ ما ذكرناه لم يتأخّر كثيراً، حيث بدأ البرلمان الجزائري بمناقشة إرسال الجيش الجزائري خارج الجزائر، وهو ما يحظره الدستور الجزائري، غير أنّ ساسة الجزائر لا يجدون سبيلاً آخر غير محاولة إبطال هذه المادة من الدستور، في محاولةٍ منهم لدعم قوّات الجنرال خليفة حفتر الذي مُني بهزائم كبيرة خلال الشهرين الماضيين بعد تدخل تركيا المُباشر إلى جانب قوّات الوفاق بعد أن كادت تفقد السيطرة على العاصمة طرابلس.

وفي النهاية؛ فإنّ الرّباط التي تعدُّ نفسها جزءاً من تحالف المنتصرين على الأرض الليبيّة، لن تسمح لا للجزائر ولا لمصر ومن خلفهما الإمارات أن يُنازعوها هذا الانتصار، وستعمل جاهدةً مع أنقرة على إبقاء الوضع على ما هو عليه، بل ستزيد من زخم دعمها لحكومة السرّاج عبر أنقرة وهو ما من شأنه أن يُثبّت هذا الانتصار، ومن ناحيةٍ أخرى فإنّ انتصار السرّاج الموالي لها، من شأنه أن يضع الجزائر بين فكّي كماشة (بين المغرب وليبيا)، الأمر الذي سيُاهم بطبيعة الحال بتخفيف الضغط عن الرباط فيما يخصُّ القضية الصحراوية، ومن جهةٍ أخرى فإنّ انتصار السرّاج من شأنه أن يوفر مئات آلاف فرص العمل للمغاربة الذين يعانون من البطالة، وهو أمرٌ لن تُفرط الرّباط به.

وبناءً على ما سبق؛ يمكننا قراءة زيارة وزير الخارجية المغربي لتونس بالإضافة للقمة المُرتقبة بين أنقرة والرّباط، حيث من المُتوقّع أن ترفض تونس وأنقرة وطرابلس المُبادرة الجزائرية والتي تأتي في وقتٍ تتقهقر فيه قوّات الجنرال خليفة حفتر، منطلقةً من مبدأ أنّ المُنتصر هو من يفرض شروطه، وكما قُلنا فإنّ الرباط تعدُّ نفسها ضمن حلف المنتصرين.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق