التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

قرار الترويكا الأوروبيّة المناهض لإيران.. الأهداف والتداعيات 

إن تبنّي قرار جديد من قبل مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضدّ أنشطة إيران النووية السلميّة، يمكن اعتباره تغييراً مهمّاً من أبعاد مختلفة.

أحد أهم جوانب هذا الحدث هو، لماذا تلجأ الدول الأوروبية إلى مثل هذا الإجراء رغم الآثار السلبية الواضحة لهذه الخطوة على بقاء الاتفاق النووي، في حين أنّ هذه الدول شدّدت دائماً على ضرورة دعم هذا الاتفاق في سياستها المعلنة؟

فهل يجب النظر إلى خطوة أوروبا هذه على أنّها انضمام إلى حملة ترامب المناهضة للاتفاق النووي؟ ما هي أهداف ودوافع الدول الأوروبية للضغط على طهران من خلال الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟ وما هي الآثار التي يمكن أن تترتب علی ذلك؟

أهداف الترويكا

عند دراسة أهداف الدول الأوروبية في صياغة قرار معادٍ لإيران في مجلس المحافظين، يجب الأخذ بعين الاعتبار تعقيدات مصالحها حيال الاتفاق النووي.

لقد أعلن الأوروبيون مراراً وتكراراً أن فشل الاتفاق النووي يمثًل بداية فصل جديد من الأزمة والمنافسة النووية في منطقة غرب آسيا، ما سيؤثًر بشكل مباشر على أمن واستقرار أوروبا، بما في ذلك ظهور موجة جديدة من الإرهاب وطالبي اللجوء.

من ناحية أخرى، فإنً الدول الأوروبية التي لديها علاقات تجارية واسعة مع أمريكا، وتسعى كذلك للحفاظ على الأعمدة المتساقطة للتحالف الاستراتيجي عبر الأطلسي في المجالين العسكري والأمني، ليس لديها الإرادة للتعامل بجدّيّة مع سياسات البيت الأبيض الأحادية، وتكيِّف في نهاية المطاف وجهات نظرها وسياساتها بشأن الملف النووي مع مواقف البيت الأبيض.

والجدير بالملاحظة في هذا السياق، أنّ قيمة الصادرات الأوروبيّة إلى أمريكا في 2019 بلغت حوالي 295.9 مليار يورو، كما بلغت واردات أوروبا من أمريكا 193.2 مليار دولار في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2019.

وبناءً على ذلك، بعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي والتصعيد الأحادي للعقوبات الاقتصادية غير القانونية ضد طهران، لم يتخذ الاتحاد الأوروبي وعلى الرغم من عدم رضاه عن إجراءات البيت الأبيض وحتى امتلاکه القدرة على التعامل مع هذه الضغوط، إجراءات عملية على مدى العامين الماضيين لتحييد الضغوط الاقتصادية المناهضة لإيران، كما لم تكن القنوات المالية المعتمدة فعالةً بما يكفي لإقناع طهران.

إن الأطراف الأوروبية ومنذ أن وضعت طهران قبل أشهر على جدول أعمالها الحدّ من القيود النووية تدريجياً، وذلك وفقاً للنهج المبدئي المتمثّل في إضفاء التوازن على الظروف، وكذلك منح الجانب الآخر فرصةً للوفاء بالتزاماته، عمدت إلى استراتيجية الإسقاط وإضاعة الوقت، بدلاً من العودة إلى الالتزامات لوقف خطوات إيران اللاحقة.

في الواقع، من خلال صياغة القرار الأخير في مجلس المحافظين، تريد الدول الأوروبية أولاً منع طهران من اتخاذ مزيد من الخطوات لتقليل الالتزامات، من خلال التهديد بانهيار الاتفاق النووي وعودة العقوبات، وثانياً الحفاظ على الظروف الحالية حتى معرفة مصير الانتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة في نوفمبر، دون دفع التكاليف المطلوبة.

الآثار المترتّبة على القرار المناهض لإيران

بينما تحاول الدول الأوروبية الضغط على طهران من خلال تحرّكها الأخير لرمي الكرة في ملعب إيران، أكّد “كاظم غريب أبادي” ممثل إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية في خطابه على عدم رضوخ طهران للضغوط، رافضاً تماماً قرار مجلس المحافظين، ومشدّداً على ضرورة اتخاذ الإجراء المناسب ردّاً عليه.

والحقيقة هي أنّه على الرغم مما يسمى بالعقوبات الأمريكية القاسية، فإن أوروبا باتت خالية الوفاض تماماً للضغط، من خلال التهديد بعودة العقوبات ضدّ إيران، وقد تعلّمت طهران الحلول الاقتصاديّة لمرحلة العقوبات.

كما أنّ عدم وجود إجماع عالمي على نهج الغرب المتسلط الناقض للعهود حيال البرنامج النووي الإيراني في القرار الأخير، والذي يمكن رؤيته في التصويت السلبي للصين وروسيا، يجعل سياسة الضغط من خلال التهديدات الاقتصادية عديمة الفعالية.

ومع ذلك، فإنّ القرار الأخير قد يجعل طهران أكثر تصميماً على التعجيل بتخفيض بعض التزاماتها الأخرى.

من جهة أخرى، فإنّ القرار الأخير ليس فقط لن يساعد في الأمن الدولي، بل سيتمّ تقييمه في الأساس بأنّه يتماشى مع سياسات أمريكا في كسر المعايير وإضعاف الأنظمة القانونية الدولية.

كما أنّ الإجراء الأخير الذي اتخذته الحكومات الأوروبية، سيعزّز عدم الثقة في الحكومات الغربية وعدم الاعتماد على الأنظمة القانونية الدولية، لحماية مصالح وحقوق الشعوب في المجتمع الدولي.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق