ما بعد “قيصر”.. وليد المعلم يفتح الأبواب أمام جميع الاحتمالات
يبدو أن قانون “قيصر” بدأ يرخي بظلاله على الحياة العامّة في سوريا، ونتيجة للضغوط الأمريكية المفتعلة على سوريا، كان لا بدّ للقيادة السورية من الخروج للعلن لطمأنة السوريين وبعث بعض رسائل الأمل للشعب للاستمرار في نهج الصمود والتصدي للمؤامرات، وعلى هذا الأساس خرج وزير الخارجية والمغتربين السوري وليد المعلم، في مؤتمر صحفي منتصف الاسبوع الحالي للحديث عن قانون “قيصر” وتداعياته على الاقتصاد السوري وعلى لقمة المواطن.
المعلم تحدّث بصراحته المعهودة وأخفى بعض النقاط حول كيفية مواجهة قانون “قيصر” لكنه حاول جاهداً طمأنة السوريين، ولم يغفل آثار هذا القانون السلبية لكنه دعا إلى مواجهته بجميع السبل الممكنة، ويبدو من كلامه أنّ الحكومة السورية والقيادة لديهما خطة لمواجهة هذا القانون والاستمرار في نهج المقاومة والتصدي لجميع المحاولات الأمريكية الرامية لدفع سوريا نحو الاستسلام.
المعلم أكّد أن قانون قيصر يستهدف لقمة عيش الشعب السوري وفتح الباب مجدّداً لعودة الإرهاب كما كان في العام 2011 وأن تصريحات المسؤولين الأمريكيين حوله تؤكّد أنّهم جوقة من الكذابين لأنّ من يريد مصلحة الشعب السوري لا يتآمر على لقمة عيشه.
وقال المعلم في المؤتمر الصحفي: تابعت ما قاله مايك بومبيو وجيمس جيفري حول هذا القانون وربطه بمصلحة الشعب السوري وخلصت إلى استنتاج واضح بأنهم كانوا جوقة من الكذابين لأن من يريد مصلحة الشعب السوري لا يتآمر على لقمة عيشه ولكن بالوقت نفسه هذه الحملة لن تقلّ شراسة عن سابقاتها لأنهم يستخدمون فيها آخر أسلحتهم ضدّ سورية في محاولة لاستهداف لقمة عيش المواطن بشكل مباشر وقدرة الدولة على تأمين متطلباته بمعنى أنّ الهدف الحقيقي إلى جانب تجويع الشعب والرهان على تقويض الاستقرار في سورية هو فتح الباب لعودة الإرهاب كما كان منذ عام 2011.
الشروط الأمريكية لم تتغير ولا تزال تدور في إطار إخراج سوريا من دائرة المقاومة ودفعها لتغيير سلوكها وهذا ما قاله صراحةً المبعوث الأمريكي جيمس جيفري، وتمّ اقتراح الأمر نفسه في العام 2003 من قبل وزير الخارجية الأمريكي كولن باول على الرئيس السوري بشار الأسد، وكانت حينها واشنطن في أوج قوتها ومع ذلك رفض الأسد، ومنذ ذلك الوقت والضغوط لا تزال مستمرة، لإبعاد سوريا عن إيران وحزب الله.
سوريا واضحة في خيارها ولن تتراجع عنه تحت أيّ ظرف حتى ولو قدّموا لها مليارات الدولارات وهذا ما اختبروه بمساعدة من الدول الخليجية ولكن سوريا رفضت كذلك الأمر، وفضّلت المقاومة على التبعيّة.
هناك حلول أشار إليها المعلم، منها المواجهة العسكرية، وهذا حقّ طبيعي لسوريا لكون جزء من أراضيها محتل من قبل الأمريكي، وبالتالي لا نستبعد أن تبدأ الضغوط السورية لإخراج القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا عبر استهدافها بشكل مباشر من خلال “المقاومة الشعبية” أو حتى من قبل الجيش السوري، وهذا حقّ مشروع لسوريا خاصة وأن واشنطن تحتلّ مصادر النفط في سوريا وتحرق المحاصيل الزراعية.
من الممكن جداً أن تضغط سوريا أيضاً على الأمريكيين من البوابة الليبية خاصة وأنّ سوريا تعلن دعمها المباشر لقوات الجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء حفتر، في مواجهة التدخل التركي الداعم لحكومة الوفاق، وقد تنقلب الطاولة على السراج والأتراك في المرحلة المقبلة، خاصة وأن روسيا غاضبة جداً من التدخل التركي المباشر هناك، ولا نستبعد أن تضغط روسيا على تركيا في سوريا، وتعطي الضوء الاخضر لجيش السوري للهجوم على إدلب من جديد، وحينها سيكون الضغط أيضاً شاملاً للأمريكيين ولا نستبعد أن تذهب سوريا وروسيا في هذا الاتجاه لكون جميع الظروف باتت تأخذ المعركة في هذا الاتجاه لإيقاف ترامب عن العبث بمستقبل المنطقة.
وحول الوضع الليبي أكد المعلم دعم سورية للجيش الوطني والمؤسسات الليبية وحرصها على وحدة وسلامة وسيادة الأراضي الليبية وقال: ليبيا اليوم ضحية التدخلات والأطماع الخارجية والتي يأتي في مقدمتها العدوان التركي الطامع بثرواتها.
المعلم أشار أيضاً إلى دعم بلاده لمصر لدعم أمنها الوطني ومستمرة بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وترفض مخططات الاحتلال الإسرائيلي ضم أراض من الضفة الغربية وقال: على (إسرائيل) الانسحاب من كل الأراضي العربية المحتلة.
قد يتوهّم الأكراد أن أمريكا تقدّم لهم الدعم المطلق، لكنها قد تتخلى عنهم في أيّ لحظة خاصة وأنها فعلت هذا الأمر مراراً وتكراراً وقد حذّرهم وليد المعلم في مؤتمره الصحفي معتبراً أنّه ” سيأتي يوم يصحون ولن يجدوا الأمريكي ” الذي لا يهمّه الا مصلحة إسرائيل”، حتى أنّ ترامب قال عنهم بالحرف قبل مدّة “لا أحب الأكراد الجبناء”، وأضاف “لا أريد البقاء على الإطلاق “يقصد في سوريا”. لا أحبّ الأكراد.. هربوا من العراقيين، وهربوا من الأتراك.. والوقت الوحيد الذي لم يهربوا فيه، هو حين نقصف حولهم”.
وحول المسار السياسي أكد المعلم التزام سوريا به في الوقت الذي نرفض فيه أيّ تدخل خارجي أمريكي أو غير أمريكي بعمل اللجنة الدستورية الذي يجب أن يكون بقيادة وملكيّة سورية دون أيّ تدخل من أحد.
وأضاف المعلم: باختصار شديد المطلوب من قبل أمريكا من وراء هذا القانون وقبله عدّة قوانين هو التخلي عن تحالفاتنا وعن دعمنا للمقاومة والسير في ركب التطبيع مع (إسرائيل) والقبول بالمخططات الإسرائيلية المرسومة للمنطقة وعلى رأسها ما يسمى (صفقة القرن).
كلام المعلم الاخير واضح، ولن يكون أمام سوريا في المرحلة المقبلة سوى المواجهة العسكرية أو الدبلوماسية للخروج من الأزمة ريثما تظهر نتائج الانتخابات الأمريكية المقبلة التي ستغير الكثير من المعطيات السياسية في المنطقة.
المصدر/ الوقت