ما هي خطة ضم الضفة الغربية ووادي الأردن.. وما هي السيناريوهات المحتملة؟
لم يتخل الصهاينة قط عن الضفة الغربية وقطاع غزة، ودأبوا على اعتبارهما كجزء من المشروع الصهيوني في المنطقة. واستنادا على ردود الفعل الداخلية والإقليمية، هنالك ثلاثة سيناريوهات على جدول الأعمال لتنفيذ هذا المخطط.
إن احتلال اليهود الصهاينة لفلسطين وقع خلال عملية طويلة، وكان عام 1948 مجرد التتويج الرسمي لهذا الاحتلال. وقبل عقود قليلة من هذا التاريخ، بدأ الصهاينة عملية ترحيل الصهاينة من جميع أنحاء العالم الى فلسطين. في عام 1948، عندما أعلن قادة الجماعات الإرهابية في تل أبيب قيام الكيان الصهيوني، لم يتمكنوا من ضم منطقتي الضفة الغربية وقطاع غزة الى كيانهما المزعوم، بسبب كثافة السكان الفلسطينيين في هاتين المنطقتين، لذلك صُبت مساعيهم منذ ذلك الوقت الى يومنا هذا على استغلال أي فرصة تتاح لهم لإكمال احتلال فلسطين وضم الضفة الغربية وقطاع غزة إلى الأراضي المحتلة عام 1948. إن خطوة ضم هذه المناطق كانت على جدول أعمال الصهاينة منذ بداية الاحتلال، وهي مستمرة حتى يومنا هذا، حيث بادروا لتنفيذها في إطار خطة إدارة ترامب المسماة “صفقة القرن”.
تاريخ المشروع الصهيوني لضم الضفة الغربية
كان ضم الضفة الغربية دائمًا جزءًا من المشروع الصهيوني في فلسطين لأن هدفهم النهائي هو احتلال فلسطين بالكامل وفقا لمشروعهم. وفي هذا الصدد، تبنى الكيان الصهيوني عدة مشاريع لضم الضفة الغربية، تم تقديمها جميعًا بعد احتلال القدس عام 1967، وأشهر هذه المخططات هي كالتالي استنادًا على أهميتها في وصولها الى مرحلة التنفيذ:
مشروع ألون
صاحب هذا المشروع هو إيغال ألون، وزير العمل الإسرائيلي خلال حرب عام 1967، والمعروفة باسم حرب الستة أيام. فبعد شهر واحد من انتهاء الحرب المذكورة، اقترح ألون خطة لضم جزء من الضفة الغربية إلى الأراضي المحتلة. وتعتمد الخطة على وضع نهر الأردن كحدود شرقية للحكومة العبرية.
كان اقتراح ألون هو أن يتم تقسيم “البحر الميت” إلى قسمين بخط افتراضي من الوسط، يتم تسليم جزء منه إلى الأردن والجزء الآخر إلى الكيان الصهيوني. بالإضافة إلى ذلك، يتم ضم أجزاء من وادي نهر الأردن ومناطق من البحر الميت، والتي تتراوح في عرضها من كيلومترات قليلة إلى 15 كيلومترًا، إلى الأراضي المحتلة عام 1948.
بالإضافة إلى ذلك، اقترحت خطة ألون بناء مجموعة من المستوطنات الصهيونية الزراعية والعسكرية والخاصة للإسكان. واقترح ألون بناء مجموعة للمستوطنات الصهيونية هذه في القدس الشرقية. وبين عامي 1967 و 1977، تم بناء 34 مستوطنة صهيونية في الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، 12 منها في القدس، وفقا لمشروع الون.
مشروع شارون
تبنى هذا المشروع رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ارييل شارون. كان المشروع عبارة عن إنشاء منطقة سكنية في الضفة الغربية لفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها. تركز بناء المستوطنات في هذا المشروع على الأجزاء الغربية لدعم المناطق الساحلية لعام 1948. ويسعى المشروع ايضا إلى زيادة عدد سكان الضفة الغربية المستوطنين الى 100 ألف، و 200 ألف في مرتفعات الجولان و 10 آلاف في قطاع غزة. ومع ذلك، في حكومة إسحاق شامير، طور شارون مشروعه تحت مسمى “النجوم السبعة”، والذي سعى إلى توسعة المستوطنات داخل حدود عام 1967.
وبغض النظر عن هذين المشروعين، تم تقديم العديد من المشاريع الأخرى، مثل: مشروع فوخمن، ومشروع دروبلس، ومشروع الخطوط الحمراء، ومشروع الطريق الثالث، ومشروع يسرائيل غاليلي، ومشروع موشيه ديان، ومشروع مسار السلام.
مشروع ضم وادي الأردن والضفة الغربية
ما يتم تنفيذه الآن في إطار مشروع ضم الضفة الغربية، يُعرف حاليا بمشروع نتنياهو، حيث قدم بنيامين نتنياهو نسختها الأولى عام 1997، بعد دخوله الساحة السياسية. وأطلق البعض على هذا المشروع اسم “ألون +” لأن أساسه الأصلي هو مشروع “ايغال ألون”، الذي تمت إضافة بعض النقاط إليه. ويعد المشروع حاليًا جزء من مشروع ترامب المسمى “صفقة القرن”.
السيناريوهات المقترحة لتنفيذ مشروع الضم المزعوم
في النسخة الأخيرة من المشروع، يسعى نتنياهو إلى ضم وادي الأردن والضفة الغربية إلى أراضي عام 1948، والتي يتم تنفيذها حاليًا في ثلاثة سيناريوهات:
السيناريو الاول: الضم بالکامل
وفقًا لهذا السيناريو، يجب على الكيان الصهيوني ضم جميع المستوطنات الصهيونية الـ 130 في الضفة الغربية – والتي تشمل أكثر من 460.000 نسمة في منطقة تبلغ مساحتها 1،613 كيلومترًا مربعًا من الضفة الغربية – إلى مناطق عام 1948. وتشكل هذه المساحة 30٪ من الضفة الغربية بأكملها.
يمتد وادي نهر الأردن على مساحة 834 كيلومتر مربع ، أو 15 في المائة من الضفة الغربية بأكملها. ووفقا لهذا السيناريو، سيتم ضم 52 مستوطنة صهيونية داخل الجدار الاستيطاني في الضفة الغربية، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 350.000 صهيوني، إلى جانب 78 مستوطنة خارج الجدار الاستيطاني البالغ عدد سكانها 100.000 ، إلى أراضي عام 1948.
كما سيتضمن السيناريو ضم 78 مستوطنا فلسطينيا يشمل أكثر من 100،000 فلسطيني. هذا الرقم يمثل 4.5 في المائة من السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية. ويوجد 24 مستوطن فلسطيني داخل جدار الفصل الاسرائيلي و 54 خارج الجدار.
السيناريو الثاني ؛ ضم المستوطنات داخل الجدران الاسرائيلية
على أساس هذا السيناريو ، يتم ضم جميع المجاميع الاستيطانية الصهيونية داخل الجدار إلى مناطق عام 1948. وهي 52 مستوطنة وتغطي مساحة 345 كيلومتر مربع من الأراضي في الضفة الغربية، والتي تشكل 7٪ من الضفة الغربية. وبموجب هذا السيناريو يتم ضم معظم المستوطنين الصهاينة البالغين أكثر من 350.000 شخص، أي 77 في المائة من السكان، الى اراضي عام 1948 وفقا لمشروع الضم. وفي المقابل، يتم ضم أكثر من 18000 فلسطيني موجودين في 24 مستوطن فلسطيني في خطة الضم، والتي تشمل 0.8 في المائة من السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية.
السيناريو الثالث ؛ ضم محدود
في هذا السيناريو، من المتوقع أن يضم الكيان الصهيوني مستوطنا أو مجمعًا استيطانيًا كبيرًا – يقال إنه مستوطن “غوش عتصيون” في جنوب القدس أو مستوطن “معالية أدوميم” في القدس الشرقية – إلى أراضي 1948. ويتضمن السيناريو أيضًا عددًا صغيرًا من البلدات الصغيرة بالقرب من الخط الأخضر، والتي تم تضمينها في مشروع الضم لعام 1967.
يحتوي مجمع “معالية أدوميم” الاستيطاني، الذي تبلغ مساحته 4 كيلومترات مربعة (0.07٪ من مساحة الضفة الغربية)، على أكثر من 41000 نسمة. بينما يضم مجمع “غوش عتصيون” الاستيطاني أكثر من 96 ألف صهيوني. ويغطي المجمع مساحة 56.9 كيلومتر مربع ، أو 1 في المائة من الضفة الغربية. في هذا السيناريو، يتم إشراك عدد قليل جدا من المستوطنين الصهاينة في خطة الضم. ويبدو السيناريو الثالث مجرد خطوة رمزية من أجل الإعلان على أن خطة الضم قد تم تنفيذها.
الاستنتاج
جميع هذه المشاريع والمخططات الصهيونية تفيد أن الصهاينة يريدون البدء بعملية ضم الضفة الغربية وقطاع غزة مهما كان الثمن. وفي حال واجهوا عواقب قليلة الخطر، فسيشرعون بعملية إتمام الضم بأسرع ما يمكن، وإذا كانت تبعات الضم تبعث على الخوف والقلق، فسيلجؤون بالتأكيد إلى سيناريوهات أخرى لتقليل عواقب أفعالهم.
أظهر مشروع الضم أن الضفة الغربية وقطاع غزة، كالأجزاء الأخرى من فلسطين التاريخية، كانت جزءًا من المشروع الصهيوني في المنطقة ولم تخرج أبدًا عن دائرة الخطط الصهيونية. لذلك، يجب على أولئك الذين اعتقدوا أن باستطاعتهم أخذ هذه الأجزاء كأراضي فلسطينية لتشكيل دولة فلسطينية مستقلة، من خلال التفاوض مع الصهاينة، يجب أن يعلموا أنهم سلكوا الطريق الخطأ وعليهم تغيير مسارهم نحو تحرير فلسطين والأخذ بحقوق شعبها.