التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

الدوحة، جنة أردوغان المتصارعة مع الأزمات 

مما لا شك فيه أن أهم قضية في المحادثات بين أردوغان وأمير قطر هي زيادة التعاون الاقتصادي ومناقشة الاستثمارات القطرية في تركيا. فبعد الحصار الاقتصادي الذي تعرضت له قطر من قبل خمس دول عربية في يونيو 2017، تعززت العلاقات بين الجانبين بشكل ملحوظ، وازداد نمو صادرات قطر إلى تركيا بنسبة 99 في المائة.
بعد تفشي فيروس كوفيد-19 المستجد، كانت أول زيارة يجريها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشكل رسمي خارج البلاد، هي في 2 يوليو 2020 الى قطر. والتقى أردوغان خلال الزيارة التي لها أهمية كبيرة في مختلف جوانب المعادلات الميدانية في المنطقة بالإضافة الى الرسائل المبطنة التي تحملها، بالأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني.لكن في ظل الظروف الحالية، السؤال الذي يطرح نفسه هو ما هي أهداف الرئيس التركي من هذه الزيارة وما هي الأسس التي استندت عليها محاور التفاوض بين قادة البلدين؟ للإجابة على هذا السؤال، يمكن التطرق الى ثلاثة محاور أساسية

تعزيز العلاقات وتقوية التعاون الثنائي
مما لا شك فيه أن أهم قضية في المحادثات بين أردوغان وأمير قطر هي زيادة التعاون الاقتصادي ومناقشة الاستثمارات القطرية في تركيا. فبعد الحصار الاقتصادي الذي تعرضت له قطر من قبل خمس دول عربية في يونيو 2017، تعززت العلاقات بين الجانبين بشكل ملحوظ، وازداد نمو صادرات قطر إلى تركيا بنسبة 99 في المائة. في غضون ذلك، في ذروة أزمة العملة لعام 2018، ساهم القطريون، في أكبر مساهمة لهم تجاه تركيا مؤخرا، بمبلغ 15 مليار دولار لهذه البلاد. وخلال في العامين الماضيين، تطورت الأوضاع بطريقة جعلت أمير الدوحة يشيد بأردوغان من خلال الاستثمار في البنوك التركية والعقارات وإدارة الفنادق.
بالإضافة إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى التعاون والاتفاق الاقتصادي الأخير بين تركيا والدوحة خلال الأشهر القليلة الماضية. ففي بداية هذا العام، وفي نفس الوقت الذي تفشى فيه فيروس كورونا المستجد، انخفض احتياطي تركيا من العملات الأجنبية بمقدار 17 مليار دولار منذ بداية العام وبلغ احتياطي النقد الأجنبي للبنك المركزي التركي 89.2 مليار دولار، مع انخفاض عملة البلاد بشكل حاد في أواخر مايو وأوائل يونيو. وفي ظل هذه الظروف التي كانت فيه أنقرة في حاجة ماسة إلى مساعدات قطرية، تم التوصل إلى اتفاق لرفع سقف تبادل العملات الأجنبية والبنوك التركية مع قطر لثلاثة أضعاف وزيادة قيمتها إلى 15 مليار دولار.
وبحسب المراقبين الاقتصاديين، فإن زيادة مستوى التبادل التجاري بين أنقرة والدوحة لثلاثة أضعاف، زادت احتياطيات البنك المركزي التركي إلى 10 مليار دولار. وعلى الرغم من تقييم البنك المركزي التركي لهذه الاتفاقية على أنها اتفاقية لتسهيل التجارة، فإن الهدف الرئيسي لها هو تقديم المساعدة النقدية لتركيا للتغلب على الأزمة. ونتيجة لمساعدة قطر لتركيا في ظل الظروف المعقدة لتفشي كورونا، ارتفعت قيمة الليرة التركية في السوق العالمية بنسبة 0.3 في المئة بعد نشر الاتفاقية مع قطر، لتصل إلى 6.79 ليرة مقابل الدولار الأمريكي.
بشكل عام، تُظهر زيارة أردوغان إلى قطر، وهي أول زيارة رسمية خارج البلاد منذ تفشي فيروس كورونا، مدى أهمية التعاون الاقتصادي والعلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة بالنسبة لأنقرة. في الواقع، لا يزال أردوغان يأمل في أن تواصل قطر، كحليف لتركيا، شراكتها مع أنقرة ودعمها لها في أعقاب الأزمة التي نجمت عن تفشي فيروس كوفيد 19. ومن ناحية أخرى، يبدو أن القطريين يتوقعون أن تواصل تركيا دعمها السياسي واللوجستي للدوحة وسط الأزمة السياسية في الخليج.

رسالة رمزية للرياض وأبوظبي

على صعيد آخر، من المهم أن نلاحظ أن زيارة أردوغان لقطر تأتي في ظروف اُرسلت فيه رسائل مبطنة من قبل السعودية والإمارات العربية المتحدة لتصعيد التوترات مع الدوحة خلال الفترة الأخيرة. تأتي هذه الرسائل في وقت، لم يتضاءل فيه مستوى العقوبات التي تفرضها الدول العربية على قطر فحسب، بل ازدادت أيضًا في الأزمات الإقليمية وعبر الإقليمية.

وفي هذه الظروف، يمكن أن يكون التعقيد المتزايد للأزمة في ليبيا مع تزايد المنافسة بين السعودية ومصر والإمارات وتركيا، من أسباب هذه الزيارة. فمن ناحية، يعتزم القادة السياسيون في قطر وتركيا، بعد لقائهم الرمزي، أن يثبتوا لهذه البلدان أنهم ما زالوا متحدين فيما يخص القضية الليبية، ومن ناحية أخرى، أرسل أردوغان رسالة رمزية إلى الرياض وأبوظبي مفادها أن بلاده ستبقى داعمة ومؤيدة للدوحة، وعلى الرغم من جهودهم لنزع فتيل التوترات مع قطر، فإن أنقرة هي الحليف الاستراتيجي لها في مستقبل المعادلات السياسية في المنطقة.

وحدة الرأي في القضايا الإقليمية
بالإضافة إلى هذين المستويين، فإن قضايا مثل الأزمة اليمنية والقضية الفلسطينية والأزمة السورية هي قضايا مهمة أخرى نوقشت خلال المحادثات بين رجب طيب أردوغان وتميم بن حمد آل ثاني. على المستوى الأول، يبدو أن القطريين بعثوا برسالة واضحة للمجتمع الدولي والجهات الفاعلة المشاركة في الأزمة السورية بأنهم سيستمرون في دعم تركيا سياسيا وعسكريا والقوى الخاضعة لحمايتها فيما يخص ملف ادلب.
وعلى المستوى الثاني، نظرا لشروع الجدل حول ضم الضفة الغربية من قبل قادة الكيان الصهيوني ومحاولة تطبيق صفقة القرن، يبدو أن قادة البلدين، تركيا وقطر، يعارضون تجاوزات الكيان الصهيوني وخطة دونالد ترامب الشريرة لتدمير فلسطين.
وكذلك على المستوى الثالث، يبدو أن البلدين توصلا إلى موقف واضح من الأزمة اليمنية في مواجهة جرائم السعوديين والإماراتيين. وفي هذا الصدد، نرى أنه في نفس الوقت الذي قام فيه أردوغان بزيارة الى الدوحة، أدانت تركيا من خلال ممثلها في الأمم المتحدة أعمال الإمارات في الحرب اليمنية, القت باللوم عليها في جرائم قتل الأطفال اليمنيين المضطهدين وإبادتهم.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق