كورونا والفساد يقضيان على نتنياهو
وصلت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية إلى حدّ الانفجار، ويمكننا القول أن بداية سقوط رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قد بدأت بالفعل، وما المظاهرات الأخيرة التي عمت أرجاء مدن فلسطين المحتلة إلا خير دليل على ذلك، حيث يواجه نتنياهو يومياً عشرات المظاهرات بشكل يومي، حتى أنّ المتظاهرين وصلوا إلى مقرّ إقامة نتنياهو في القدس ورفعوا شعارات تطالبه الرحيل، ويبدو أن نتنياهو لم يعد قادراً على ضبط الاسرائيليين ومهما حاول تقديم رشوة لهم لن يتوقفوا عن المطالبة برحيله، حتى إن جميع زعماء اسرائيل يحرّضون على رحيل نتنياهو منهم أولمرت وايهود باراك.
المتظاهرون رفعوا شعارات تطالب نتنياهو بالرحيل منها، “نتنياهو فاسد”، و”بيبي (لقب نتنياهو) متعب”، و”اخرج من هنا”، و”مال- سلطة- عالم سفلي (عالم الجريمة)”، و”بيبي هبايتا” (بيبي إلى البيت، أو ارحل).
الشرطة فرّقت المتظاهرين بالقوة مستخدمة مدافع المياه وقنابل الغاز، وشهدت التظاهرة مواجهات بين المتظاهرين وقوات الشرطة، بعد محاولة مئات المحتجين تجاوز الحواجز الشرطية تجاه مقر إقامة نتنياهو، وحاول نتنياهو جاهداً امتصاص غضب الصهاينة من خلال تقديم رشوة بلغت حوالي “مليار و700 مليون دولار” بمعدل 200 دولار لكلّ مواطن اسرائيلي على وقع التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير المالية “يسرائيل كاتس”، أعلن نتنياهو تفاصيل “منحة كورونا”، وذلك غداة تظاهر الآلاف أمام منزله بالقدس الغربية، احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والفساد الحكومي، بحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”.
وكانت قيادات في وزارة المالية أعربت، خلال اجتماع عقد في وقت سابق الأربعاء عن اعتراضها على “منحة كورونا”، مؤكدة أن هذه الخطوة ستزيد العجز في الموازنة بشكل أكبر، والذي سيتحمله الجمهور في نهاية المطاف.
ويعاني مئات آلاف الإسرائيليين من تداعيات اقتصادية شديدة جراء تفشي فيروس “كورونا”، الذي ألقى بنحو 850 ألفا منهم في دائرة البطالة، حسب معطيات رسمية، وسجلت إسرائيل، الثلاثاء، ألفا و580 إصابة جديدة بكورونا، رفعت إجمالي المصابين إلى 43 ألفا و668، من بينهم 375 حالة وفاة ونحو 20 ألف متعافٍ.
وتشهد إسرائيل موجة ثانية من “كورونا”، في ظلّ ارتفاع معدلات الإصابة، التي سبق وانخفضت في الأسبوع الثالث من أيار الماضي، إلى متوسط 16 حالة يوميا.
محاكمة نتنياهو
تبدأ جديا في يناير كانون الثاني محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتهمة الكسب غير المشروع إذ قررت المحكمة يوم الأحد أن يتم الاستماع لشهادات الشهود ثلاث مرات أسبوعيا في مطلع العام الجديد.
وطالب محامو نتنياهو، وهو أول رئيس وزراء إسرائيلي يمثل للمحاكمة وهو في المنصب، التأجيل لستة أشهر لإعداد دفاعهم. وأشاروا إلى أنه سيكون من الصعب قياس صدق الشهود وهم يضعون كمامات لمكافحة فيروس كورونا. ووضع الكمامات إلزامي حالياً في إسرائيل.
ووجهت اتهامات لنتنياهو (70 عاما) في نوفمبر تشرين الثاني في إطار قضايا تتعلق بقبول هدايا من أصدقاء أثرياء والسعي لتقديم مزايا تنظيمية لأباطرة إعلام مقابل تغطية إيجابية عنه.
وأثارت مشكلات نتنياهو القانونية جزئياً احتجاجات الشوارع المتزايدة ضده إذ ندد المتظاهرون بما نُسب إليه من فساد وإدارته لجائحة فيروس كورونا المتفاقمة.
ويزداد الوضع في “إسرائيل” تفاقماً مع ارتفاع معدل الإصابات بفيروس كورونا، وزيادة نسبة البطالة، والخلاف الواقع في الائتلاف الحكومي بشأن الميزانية العامة.
الجميع يريد رحيل نتنياهو
أثار رفع أحد المتظاهرين الإسرائيليين، الذين احتجوا السبت قبالة مقر إقامة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، العلم الفلسطيني غضب نتنياهو، الذي وظّف الأمر من أجل التحريض على معارضيه والمتظاهرين، وبشكل خاص رئيس الحكومة الأسبق إيهود باراك، لكونه من بين المنظمين للمظاهرة.
وقام نتنياهو بنشر صورة من مظاهرة السبت، يظهر فيها العلم الفلسطيني، ثم كتب معلقا على ذلك: “لقد بان ما في الجراب، علم السلطة الفلسطينية في مظاهرة اليسار التي نظمها إيهود باراك، شريك البيدوفيل المدان جيفري إبشتاين، أمس، مقابل بيت رئيس الحكومة في القدس، العار والشنار”.
ولم يتأخّر رد إيهود باراك على ما كتبه نتنياهو، فغرد هو الآخر قائلاً: “نتنياهو يهذي ومصاب بالهلع، يتجه لنشر الأخبار الكاذبة. هؤلاء المتظاهرون ليسوا فلسطينيين، بل هذا هو شعب إسرائيل الذي نزل للشوارع. لا يملك مالاً ولا ديمقراطية. أخرج لإجازة غير مدفوعة الأجر، واستعد لثلاث جلسات أسبوعية في المحاكمة”.
أما اولمرت فقد هاجم رئيس حكومة الاحتلال السابق إيهود أولمرت، وعلى خلفية اتهام نتنياهو بمحاولة شراء ذمم الإسرائيليين بتوزيع ميزانيات ضخمة على كل مواطن في ظل تفشي كورونا، قال أولمرت: “يعرف نتنياهو أن الجمهور ليس معه. صحيح أن هذا ليس كل الجمهور، ولكن الكتلة التي تصنع الفرق، فقدها نتنياهو منذ الآن. مثل الكثير من الناس ممن اعتقدوا أنهم سحرة، نجح نتنياهو هو أيضا في ذر الرماد طالما لم تسقط أي من الكرات التي رماها في الهواء أرضا. وحتى عندما كان يخيل أنه يفقد التحكم بإحداها، نجح في الثانية الأخيرة في التقاطها وإلقاء واحدة أخرى في الهواء، والإبقاء أيضا على نظرة مركزة والتحرك بوتيرة طيران الكرات إلى أن بدأت تفلت من سيطرته. وعندما تسقط الكرات ينتهي السحر. فجأة يتبين بأن الساحر ليس كلي القدرة. وفي واقع الأمر هو ليس ساحرا على الإطلاق. بل هو يذر الرماد في العيون”.
وردّد أولمرت مقولة ابراهام لينكولن، إنه يمكن ذر الرماد في عيون قسم كبير من الجمهور لزمن ما، ويمكن ذر الرماد في عيون كل الجمهور لزمن أقصر، ولكن لا يمكن ذر الرماد في عيون كل الجمهور كل الوقت.
وبرأي أولمرت الآن، بات نتنياهو أيضا يفهم هذا، وبالتأكيد فإن بعضاً من مجموعة “المخصيين المستعبدين” له يشعر بذلك، هم أيضا سيردون، معتبرا أن الرد الأشد والأكثر إيلاما، والأكثر وحشية منها جميعا، هو رد المعجبين الذين تحرروا من وهم السحر واكتشفوا بان الملك عارٍ.
وبدا لافتاً أن بين المتظاهرين عدداً كبيراً من الشبان والطلاب الجامعيين، خلافا لمظاهرات سابقة التي شارك فيها متظاهرون أكبر سنا. وفيما قال قائد الشرطة في القدس لوسائل الإعلام، إن “هذه مظاهرة لليسار”، رد عليه متظاهرون “ليس اليسار فقط، هذا هراء، يوجد هنا ناشطون من ليكود، والجميع هنا”. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن مناصرين ل”ليكود” سئموا من نتنياهو، يشاركون في التظاهرات.
في الختام؛ أظهر استطلاع جديد نُشر الأربعاء، أن شعبية نتنياهو لا تزال متراجعة وذلك على خلفية الإخفاق في إدارة أزمة كورونا. وبيّن الاستطلاع أنه لو جرت الانتخابات للكنيست الآن، لحصل حزب “ليكود” على 34 مقعداً، بعدما كانت الاستطلاعات قبل أسابيع قليلة تشير إلى حصوله على 40 مقعداً أو أكثر بقليل. ويبدو أن الأصوات التي يخسرها الليكود تذهب إلى تحالف أحزاب اليمين المتطرف “يمينا”، الذي حصل على 14 مقعداً، بينما هو ممثل في الكنيست اليوم بخمسة أعضاء.
وفي الأثناء، برزت خلافات جديدة داخل الحكومة الإسرائيلية، ونقلت وسائل إعلام عن مصدر رفيع في “ليكود” قوله إن نتنياهو “غاضب” على وزير الدفاع بيني غانتس و”أزرق أبيض”، وأنهم “لاعتبارات سياسية يفشلون الخطوات المطلوبة من أجل لجم كورونا”، فيما اتهم مصدر رفيع في “أزرق أبيض” نتنياهو بأنه “عديم المسؤولية”.
المصدر/ الوقت