ماذا تريد أمريكا من آسيا الوسطى
عقد الاجتماع الأول لوزراء دول آسيا الوسطى الخمس مع الصين في 16 يوليو من هذا العام، وحضره وزراء الصين وأوزبكستان وكازاخستان وقيرغيزستان وتركمانستان وطاجيكستان.
وفي هذا الاجتماع الذي عقد عبر الفيديو، استعرض الجانبان التعاون المتبادل في مجالات الوقاية والتنبؤ ومواجهة تفشي کورونا، آليات ضمان النمو الاقتصادي المستدام والقوى الصناعية في آسيا الوسطى والصين.
وشدد الجانبان على ضرورة التعاون المتبادل المنتظم بين الخبراء الطبيين والمنظمات المتخصصة في الدول المشاركة في هذا المؤتمر عبر الفيديو، بهدف زيادة فعالية الإجراءات العملية لمواجهة التهديدات الوبائية عبر الوطنية.
كما سلط الاجتماع الضوء على قضية التعاون الترانزيتي بين دول آسيا الوسطى، والتي تكتسي أهميةً خاصةً بالنسبة للصين.
وجاء انعقاد الاجتماع الأول لوزراء خارجية دول آسيا الوسطى الخمس والصين في 29 يونيو، في الوقت الذي زار فيه “زلماي خليل زاد” المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الأمريكية للسلام في أفغانستان، أوزبكستان.
وعقد زلماي خلال الزيارة لقاءات مختلفة مع المسؤولين الأوزبكيين، كان الجزء الأكثر أهميةً فيها يتعلق بأفغانستان، وبعد هذا اللقاء عقد الاجتماع الخماسي بين دول آسيا الوسطى أمريكا عبر الفيديو.
وأعلن وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” في الاجتماع، أن واشنطن مستعدة لاستخدام إمكاناتها في التنمية الاقتصادية في آسيا الوسطى وتوسيع التجارة الإقليمية.
كما ناقش الاجتماع إمكانية زيادة الاستثمارات المتبادلة ومشاريع البنية التحتية والنقل والاتصالات والشؤون الاجتماعية والطاقة الإقليمية.
واستعرض وزراء الخارجية تعزيز التعاون في مجالات الرعاية الصحية والطاقة والنقل وحماية البيئة.
وشدد المشاركون في اجتماع 5 + 1 على ضرورة زيادة التقارب الاقتصادي والتجاري، ودعوا إلى زيادة التعاون لتعزيز الأمن الإقليمي.
ولكن في فبراير، قام وزير الخارجية الأمريكي بزيارة كازاخستان وأوزبكستان، وحضر اجتماع وزراء مجموعة الدول الخمس + 1.
وخلال زيارته إلى كازاخستان، التقى وزير الخارجية الأمريكي مع الكازاخستانيين الأصليين الذين تم احتجاز أفراد أسرهم في معسكرات في منطقة “الأويغور” ذاتية الحكم في مقاطعة “شينجيانغ” الصينية.
وقبل زيارة بومبيو، أعلنت وزارة الخارجية الصينية أن “الجهود الرامية إلى عرقلة سياسات الصين في منطقة شينجيانغ سيحكم عليها بالفشل”. كما ذكرت وسائل الإعلام الصينية أن زيارة بومبيو كانت “مجرد جهود عبثية ومحاولة لتقويض مصالح الصين في منطقة آسيا الوسطى”.
كما زعمت الحكومة الروسية بعد الاجتماع، أن موسكو تعتبر الاستراتيجية الأمريكية بمثابة خطة لإبعاد دول آسيا الوسطى عن روسيا والصين، وإشراكها في المشاريع الأمنية والطاقة الإقليمية تحت المظلة المالية الأمريكية، والتي تركّز بشكل أساسي على أفغانستان.
بدوره وصف وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” الأنشطة الأمريكية في المنطقة بأنها سلبية، وقال إن هدفها الحقيقي هو “الاستفادة القصوى من المشاريع بمشاركة دول آسيا الوسطى في الجنوب، باتجاه أفغانستان وفي الوقت نفسه من دون روسيا”.
ووفقًا لتقارير وسائل الإعلام الروسية، تخطط موسكو أيضًا لعقد محادثات 5+1 مع دول آسيا الوسطى هذا العام. وهذا الاجتماع هو الاجتماع الثالث في إطار هذه البرامج. وبالإضافة إلى ذلك، تعتزم موسكو تعزيز علاقاتها الأمنية في إطار “منظمة معاهدة الأمن الجماعي”، وتسعى إلى تعزيز وتوسيع التعاون العسكري بين المنظمة وأوزبكستان.
لقد شكلت روسيا والصين مؤخرًا تحالفات اقتصادية وأمنية (منظمة شانغهاي للتعاون، منظمة معاهدة الأمن الجماعي، الاتحاد الاقتصادي الأوراسي) مع دول آسيا الوسطى، في حين أن أمريكا لا تسعى إلى تحالف مع أوزبكستان وكازاخستان، لأن المسؤولين الكازاخستانيين والأوزبكيين يدركون جيدًا أن تعاونهم مع روسيا والصين أعلى بكثير من التعاون مع أمريكا.
وبالإضافة إلى ذلك، لا كازاخستان ولا أوزبكستان حتى لو كانتا بحاجة إلى استثمارات غربية، لن تعارضا روسيا أو الصين، حتى لو قدمت أمريكا وعودًا مثيرةً للاهتمام لهما.
في الواقع، يتجنب قادة جمهوريات آسيا الوسطى الدعم الأحادي الجانب في التنافسات الجيوسياسية، لكنهم في نفس الوقت يفضلون تحقيق التوازن بين مختلف الشركاء. وكما قال وزير الخارجية الأوزبكي خلال اجتماعه مع بومبيو، “نريد أن نرى تنميةً مستدامةً وتقدمًا وتعاونًا في المنطقة، ولا نريد أن نشهد أي عواقب سياسية سلبية فيما يتعلق ببعض التنافسات في المنطقة بين القوى العظمى”.
وأخيرًا، يمكن الإشارة إلی أن روسيا كدولة قوية في المنطقة من حيث الأمن، والصين كقوة اقتصادية، تسعيان إلى الحفاظ على موقعهما وتعزيزه في مواجهة أمريكا.
وعلى الرغم من أن أمريكا كثفت اجتماعاتها مع دول آسيا الوسطى منذ عام 2015، وزادت من “الصينوفوبيا” في تلك الدول من قبل المنظمات الاجتماعية الموالية للغرب، لکن بكين وموسكو لن تتراجعا أمام إجراءات واشنطن، وستستخدمان أدوات القوة لديهما في المنطقة.
والتبعية الاقتصادية لدول آسيا الوسطى للصين والوجود العسكري والأمني الروسي في هذه البلدان، توضح هذه الحقيقة.
المصدر/ الوقت