توقعات قاتمة للمنطقة العربية في تقرير لغوتيريش عن تداعيات كورونا
وكالات ـ الرأي ـ
أصدر الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش، الأربعاء، تقريرا حول تبعات انتشار فيروس كورونا الجديد حول العالم، وآثاره على المنطقة العربية.
وكشف التقرير “الوضع المأساوي” الذي يعيشه ملايين السكان في الدول العربية، بما فيها دول غنية، ليس فقط على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والصحي، بل كذلك على صعيد الفروقات الجندرية.
وجاء التقرير في 27 صفحة مفصلة تحت عنوان: “المنطقة العربية فرصة لإعادة البناء بشكل أفضل”، في إشارة إلى ضرورة أن تنتهز الحكومات الانتكاسات التي تسببها تبعات انتشار فيروس كورونا من أجل تغيير أوضاع كانت أصلا متدهورة قبل انتشاره، حيث لم تكن أغلب الدول العربية أصلا على المسار الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بحسب التقرير.
وتوقع التقرير أن ينكمش اقتصاد المنطقة بنسبة 5.7 في المائة، وقد يصل إلى 13 في المائة، خاصة في الدول التي تشهد صراعات، مما سيكبد دول المنطقة خسارة إجمالية قدرها 152 مليار دولار أميركي.
وبحسب التقديرات، فإن عدد الفقراء في العالم العربي سيرتفع بمقدار 14.3 مليون شخص، ليصبح إجمالي عددهم أكثر من 115 مليونا، وهو حوالي ربع سكان الدول العربية، والتي يقدر سكانها بحوالي 436 مليون نسمة.
ومن المتوقع أن يكون جزء لا بأس به من الفقراء الجدد من الطبقة المتوسطة. وحذر التقرير من أن استمرار فقرهم لفترة طويلة قد يؤثر على الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
ويتوقع التقرير أن تشهد المنطقة نقصا في الغذاء وارتفاعا حادا في أسعار المواد الغذائية، خاصة أن أغلب دول المنطقة تعتمد بشكل كبير على الواردات الغذائية.
ورجح التقرير كذلك خسارة أكثر من 17 مليون وظيفة في النصف الثاني من العام الحالي، في الوقت الذي سجلت المنطقة حوالي 14.3 مليون شخص عاطل عن العمل قبل بدء انتشار الفيروس، مؤكدا أن “الالتفات لاحتياجات الشباب ضروري، وخاصة أنهم معرضون للبطالة بالمعدل خمس مرات أعلى مقارنة بغيرهم من البالغين”.
وأشارت رولا دشتي، الأمينة التنفيذية للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا التابعة للأمم المتحدة، أن “الوباء ضخم العديد من التحديات التي استمرت لعقود، بما فيها العنف والصراع وعدم المساواة والبطالة والفقر، وشح شبكات الأمان الاجتماعي، ومخاوف حقوق الإنسان، والنماذج الاقتصادية التي لم تحقق تطلعات الجميع”.
وجاءت أقوال دشتي خلال مؤتمر صحافي عقد عن بعد مع الصحافيين المعتمدين لدى الأمم المتحدة في نيويورك، على هامش إطلاق التقرير.
وحول أهداف التنمية المستدامة وتأثير تبعات انتشار الفيروس على تحقيقها، قالت دشتي: “لقد أصدرنا تقريرا مفصلا حول الموضوع قبل فترة وجيزة. يظهر أن المنطقة ليست على الطريق الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهذا ليس بسبب الصراعات والدول التي تشهد صراعات فحسب، بل إن هناك ضعفا بنيويا واقتصاديا واجتماعيا لدى الحكومات وحواجز تؤثر سلبا على تحقيق أهداف التنمية المستدامة”.
ولفتت دشتي الانتباه إلى أن “المرأة في المناطق العربية ستكون الأكثر معاناة من تبعات انتشار الوباء الاقتصادية والاجتماعية، في ظل وجود أكبر هوة بين الجنسين في التنمية البشرية في العالم في المنطقة العربية”.
وأشار التقرير في هذا السياق إلى أن “التشريعات التي تدعم المساواة بين الجنسين، كما مشاركة المرأة في سوق العمل، متخلفة بشكل ملحوظ مقارنة بأجزاء أخرى من العالم”. كما أن المرأة في المنطقة العربية تكسب في المتوسط 78.9 في المائة أقل من الرجل على أساس نصيب الفرد.
وتوقع التقرير أن تفقد النساء حوالي 700 ألف وظيفة في مجالات العمل غير الرسمية، والتي تشكل فيها النساء قرابة 61 في المائة من العمال.
ويرى التقرير أن العمالة الأجنبية، والتي تشكل أربعين في المائة من العمالة في المنطقة العربية، بمن فيها العمال بين دول المنطقة نفسها، ستتأثر بشكل سلبي وكبير أيضا. وسيكون ذلك غالبا في ما يخص الحصول على الخدمات وفقدان الوظائف والقدرة على العودة إلى بلدانهم الأصلية.
وهناك 55 مليون شخص في العالم العربي يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية، بمن فيهم 26 مليون شخص نزحوا قسريا.
وعلى الرغم من أن معدلات انتقال الفيروس في المنطقة العربية بقيت منخفضة نسبيا، حتى في مناطق النزاع، مقارنة بدول أخرى كإيطاليا والبرازيل وبريطانيا والولايات المتحدة، إلا أن الأسابيع الأخيرة شهدت منحى لمستوى انتشار الوباء يثير القلق، خاصة في ضوء الرعاية الصحية المجزأة والرعاية الأولية غير الكافية في العديد من البلدان.
وقدر التقرير أن هناك 74 مليون شخص أكثر عرضة للإصابة بالفيروس من غيرهم بسبب نقص مرافق غسل اليدين، وأن المنظمات الإنسانية تحتاج إلى 1.7 مليار دولار إضافية في عام 2020 لمعالجة مخاطر وتأثير جائحة كورونا على أكثر الناس ضعفا في البلدان المتضررة، بسبب الأزمات الإنسانية أو غيرها من المخاطر.
ورجح التقرير أن تفاقم تبعات انتشار الفيروس سيزيد من التفاوت في الثروات (الفروقات الطبقية) في المنطقة. وأشار إلى أن معدلات التفاوت في الثروات في المنطقة هي أصلاً الأعلى عالميا، حيث يمتلك (عام 2020) 31 مليارديراً في الدول العربية ثروة تعادل ما يمتلكه النصف الأدنى من السكان البالغين في المنطقة.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق