التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

مضايقة مقاتلات الجو الأمريكية للطائرات المدنية الإيرانية؛ الانتقام على الطريقة الأمريكية 

في أعقاب الأنشطة الإرهابية وغير القانونية التي قامت بها الولايات المتحدة على مستوى الصعيد الدولي، حلقت مقاتلتان أمريكيتان من طراز “إف 15” فوق منطقة “التنف” على الحدود العراقية السورية مساء الخميس الماضي وذلك من أجل مضايقة طائرة مدنية إيرانية كانت تطير من سوريا إلى لبنان. وفي تلك الأثناء، اضطر طيار الرحلة 1152 التابعة لشركة طيران “ماهان” الإيرانية إلى الهبوط فجأة على ارتفاع منخفض جدًا، مما أدى إلى إصابة عدد من الركاب. ولقد أعلن قائد الرحلة التي انطلقت من طهران إلى بيروت في البداية أنهم تلقوا تهديدات من قبل مقاتلات الجو الإسرائيلية، ولكن وفي أول رد رسمي، أعلن الأمريكيون رسميًا مسؤوليتهم عن تلك العملية الإرهابية.

ويمكن اعتبار العمل غير القانوني والخطير الذي قامت به مقاتلات الجو الأمريكية ضد الرحلة 1152 التابعة لخطوط “ماهان” الجوية الإيرانية فضيحة كبيرة لواشنطن، وذلك لأن هذا العمل غير القانوني كان يهدف إلى إرباك أنظمة الدفاع الصاروخية السورية واستهداف طائرة الركاب الإيرانية وبعض الأهداف المدنية وذلك من أجل التعويض عن الهزائم والتي منيوا بها على أيدي أبطال محور المقاومة خلال الفترة الماضية. وعلى الرغم من أن الأمريكيين يزعمون أنهم التزموا بالقواعد الدولية والمسافات الآمنة، إلا أن حقيقة الأمر كشفت أن واشنطن انتهكت قواعد الجو ويبدو أن طهران ستتابع هذه القضية في المحافل الدولية مثل مجلس الأمن. بشكل عام، يمكن اعتبار الإجراء غير القانوني للأمريكيين انتهاكًا واضحًا لأمن الطيران المدني، وانتهاكًا لمبدأ الحريات للطائرات المدنية، وانتهاك للمادة الثالثة والربعة والأربعين من اتفاقية الطيران المدني الدولي واتفاقية “مونتريال” لعام 1971.

المبررات الأمريكية السخيفة المتمثلة في الحفاظ على مسافة آمنة

قوبل الحادث الذي وقع مساء الخميس الماضي، عندما قامت مقاتلات الجو الأمريكية بالتعرض لطائرة الركاب الإيرانية، برد فعل رسمي من قبل قادة البيت الأبيض. وفي هذا الصدد، أكد المسؤولون الأمريكيون أن المقاتلات الأمريكية قامت بمضايقة طائرة “ماهان” التي أنطلقت من طهران إلى لبنان. وقال المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية، النقيب “بيل أوربان”، في بيان: “مساء اليوم، كانت مقاتلة أمريكية من طراز (إف 15) تقوم بمهمة روتينية بالقرب من حامية تابعة لقوات العمليات المحددة في منطقة التنف السورية وفي ذلك الوقت قامت المقاتلة الأمريكية بالطيران بالقرب من طائرة الركاب الإيرانية وذلك لأخذ بعض الصور المرئية والمعيارية من مسافة آمنة تقارب ألف متر”. ولفت هذا المسؤول الامريكي إلى أن هذه العملية أُجريت لضمان سلامة طاقم قوات التحالف في ثكنات قاعدة “التنف”، وبعد تحديد هذه الطائرة على أنه طائرة ركاب مدنية، قامت مقاتلات الجو الأمريكية بالابتعاد عنها وأكد هذا المسؤول الأمريكي إن ذلك تم وفقاً للمعايير الدولية.

طهران تدين المضايقات الأمريكية للطائرات المدنية

اعتبر الدكتور “محمد جواد ظريف” وزير خارجية الجمهورية الاسلامية الايرانية، يوم أمس الجمعة، اعتراض المقاتلات الامريكية لطائرة “ماهان” المدنية، بأنه تجسيد لانعدام القانون، مشددا على انه يجب وقف منتهكي القانون عند حدهم قبل ان يتسببوا بكارثة. وفي تغريدة له على تويتر، ردا على اعتراض المقاتلات الامريكية لطائرة مدنية ايرانية فوق الأجواء السورية، أشار “ظريف” الى تواجد القوات الامريكية بشكل غير قانوني في منطقة “التنف” شرق سوريا، وكتب: “ان امريكا تحتل ارض بلد آخر بشكل قانوني، ثم تقوم باعتراض طائرة مدنية تحلق وفق البرنامج – وتعرض أرواح الركاب المدنيين للخطر – بذريعة الحفاظ على قواتها المحتلة. وأضاف: ان هذه الصلافة هي تراكم لانتهاكات القانون.. يجب وقف منتهكي القانون عند حدهم قبل ان يتسببوا بكارثة.

ومن جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، “عباس موسوي”، إن الواقعة قيد التحقيق وإن بلاده ستتخذ الإجراءات القانونية والسياسية اللازمة. وأضاف “موسوي” أن رسالة تم نقلها إلى السفير السويسري في طهران، الذي يمثل المصالح الأميركية في إيران، مفادها بأنه إذا وقع أي حادث للطائرة لدى عودتها، فإن بلاده ستحمل الولايات المتحدة المسؤولية، وفق الموقع الإلكتروني للوزارة.

وعلى صعيد متصل، حذر مستشار الرئيس الإيراني، “حسام الدين آشنا”، الولايات المتحدة على خلفية حادثة الطائرة المدنية التابعة لشركة “ماهان” التي اعترضتها مقاتلات أميركية فوق الأجواء السورية. وفي تغريدة على صفحته الشخصية في تويتر” قال “آشنا”: “إن من يحب حياة قادته عليه ألا يغامر بحياة مسافرينا”.

كما وصفت مساعدة الرئيس الايراني للشؤون القانونية، “لعيا جنيدي”، اعتراض مقاتلات اميركية لطائرة مدنية ايرانية تابعة لشركة ماهان بانه انتهاك لمبادئ القانون الدولي، وقالت مساعدة الرئيس الايراني في تدوينة: “إن اعتراض طائرة ركاب يعد انتهاكا لمبادئ القانون الدولي المعترف بها”. واضافت: “يعد سلوك الطائرات المقاتلة فيما يتعلق بالرحلة 1152 لشركة طيران ماهان، واعتراض طائرة ركاب في اراضي دولة ثالثة انتهاكًا سافرا لأمن الملاحة الجوية ، وانتهاكًا لمبدأ حرية طيران الطائرات المدنية، وهو انتهاك لمبدأ لحريات تحليق الطائرات المدنية، وكذلك انتهاك للمادتين 3 مكرر و 44 من اتفاقية الطيران المدني الدولي (اتفاقية شيكاغو) والمرفقات ذات الصلة واتفاقية مونتريال لعام 1971 ، وكذلك انتهاك لمبادئ القانون الدولي المعترف بها”.
واردفت “جنيدي”: “إن التوضيحات المقدمة من قبل الجانب الامريكي حتى الآن غير مبررة وغير مقنعة، لذا فإن الإجراء الذي قامت بها هذه المقاتلات، ستضع المسؤولية الدولية على عاتق حكوماتها، وستؤدي الى ملاحقة قانونية، بما في ذلك في مجلس منظمة الطيران المدني الدولي (ايكاو) ومحكمة العدل الدولية”.

ضرورة مساءلة مجلس الأمن

في اعقاب العمل غير القانوني والخطير الذي قامت به مقاتلات الجو الأمريكية ضد الرحلة 1152 التابعة لخطوط “ماهان” الجوية الإيرانية، أكدت وزارة الخارجية الإيرانية، يوم الخميس الماضي، أنها ستدرس تفاصيل حادثة طائرة “ماهان” المدنية لاتخاذ الإجراءات السياسية والقانونية بعد اكتمال جميع المعلومات. ووفق ما نقلته بعض وسائل الاعلامية، فقد قالت الخارجية الإيرانية في رسالة إلى السفير السويسري لدى طهران، إن “أي حادثة ستقع لطائرة ركاب ماهان في طريق العودة ستتحمل أمريكا مسؤوليتها كاملة”. ولفتت الخارجية إلى أنها أبلغت مندوب إيران في الأمم المتحدة “مجيد روانتشي”، وبدوره أعلم الأمين العام “أنطونيو غوتيريش” بأن الولايات المتحدة مسؤولة عن أي حادثة تتعرض لها الطائرة أثناء رجوعها أدراجها إلى العاصمة.

كما قدمت منظمة الطيران المدني الإيراني احتجاجا رسميا لدى منظمة الطيران المدني الدولية على اعتراض مقاتلات أميركية لطائرة الركاب التابعة لشركة فوق الأجواء السورية. وجاء في بيان المنظمة : “تعتبر منظمة الطيران المدني الإيراني عمل الطائرات المقاتلة الأميركية في اعتراض طائرة الركاب الإيرانية انتهاكا سافرا للقوانين الدولية ومعايير الطيران، وتقدم رسميًا احتجاجها الشديد إلى مجلس منظمة الطيران المدني الدولي، تطالب باجراء تحقيق فوري في الأمر”.

حماس والجهاد تدينان اعتراض طائرة إيرانية

أدانت حركتا “حماس” والجهاد الإسلامي، يوم أمس الجمعة، اعتراض طائرات حربية أمريكية، طائرة ركاب مدنية إيرانية، وتعريض ركابها للخطر. وقال الناطق باسم حركة حماس، “حازم قاسم”، في تصريح صحفي: إن “اعتراض طائرات حربية امريكية طائرة ركاب مدنية إيرانية وتعريض ركابها للخطر، هو فعل مدان ومستنكر”. وشدد على أن استهداف المدنيين بهذه الطريقة هو تطبيق عملي لمفهوم الارهاب في القانون الدولي. وأضاف “هذا العدوان الأمريكي يأتي بالأساس لخدمة المشروع الصهيوني، وهو امتداد لعدوانها على شعبنا الفلسطيني عبر دعمها للاحتلال، وطرحها لمشاريع تهدف لتصفية القضية الفلسطينية مثل ما يسمى بصفقة القرن”. وطالب بنبذ كل الخلافات والصراعات بين مكونات امتنا الواحدة، وتوحيد جهودها وطاقاتها لمقاومة المشروع الصهيوني المدعوم من الإدارة الأمريكية.

بدورها، أدانت حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين، محاولة الاعتداء الإرهابية التي تعرضت لها طائرة الركاب المدنية التابعة لشركة “ماهان” الإيرانية من قبل طائرات حربية معادية في سماء سوريا. وأكدت الحركة في بيانٍ صحفيٍّ تلقى “المركز الفلسطيني للإعلام” نسخةً منه، أن هذا الحادث الإرهابي يدلل على النوايا العدوانية الامريكية ودورها في تهديد الأمن والاستقرار في منطقتنا والعالم. وقالت إن من حق الجمهورية الاسلامية الإيرانية اتخاذ كل الخطوات والاجراءات وعلى كافة المستويات في الرد على المحاولة الإرهابية بحق الطائرة الإيرانية.

اهتمام وسائل الإعلام الدولية بعمل واشنطن غير القانوني

على صعيد آخر، تم انتشار تفاصيل هذا العمل غير القانوني الذي قامت به مقاتلات الجو الأمريكية ومضايقتها للطائرة الركاب المدنية الإيرانية في السماء السورية على نطاق واسع في وسائل الإعلام الاقليمية والدولية. وحول هذا السياق، ذكرت شبكة “سي إن إن” أنه “بعد أن نشرت وسائل الإعلام الإيرانية فيديو يُظهر الركاب الجرحى والخائفين، أكد الجيش الأمريكي أن إحدى مقاتلاته حلقت بالقرب من طائرة مدنية إيرانية في السماء السورية لتفتيشها”.

ونقلت قناة “الجزيرة” الاخبارية نقلا عن وسائل إعلام إيرانية قولها: “أصيب عددا من الركاب على متن طائرة إيرانية في الأجواء السورية بعد أن غيّر الطيار مساره لتجنب التصادم مع مقاتلة حربية أمريكية، لكن الولايات المتحدة قالت إن مقاتلتها الحربية كانت على مسافة آمنة. ونقلت صحيفة “رويترز” أيضا عن وسائل إعلام إيرانية قولها: إن “راكبا سقط على رأسه أثناء تغيير مسار الطائرة، وأظهر مقطع فيديو آخر راكبا عجوزا ملقى على أرضية الطائرة”. ونقلت وكالة “جيروزاليم بوست” عن وكالة الأنباء الإيرانية :”بعد أن قيل في البداية أن مقاتلة إسرائيلية اقتربت من الطائرة المدنية الإيرانية، نقل مراسل صحيفة إيرنا عن الطيار الإيراني قوله إن هناك مقاتلتان أمريكيتان تضايقان الطائرة المدنية”.

وفي الختام، تجدر الإشارة إلى أن تاريخ التدخل والعدوان العسكري الأمريكي في أجزاء مختلفة من العالم كان مليئًا بالأدلة على استهداف مقاتلاته الحربية للمدنيين وقيامها بالكثير من الأفعال الإجرامية. وقد لوحظت هذه المسألة بشكل متكرر في الحرب السورية. ومع ذلك، فإن العملية الخبيثة الأخيرة تشير إلى طريق مسدود يواجه واشنطن في سوريا وأن حقد واشنطن وتعطشها للانتقام لكافة الهزائم التي منيت بها خلال الفترة الماضية، دفعها للانتقام من المدنيين.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق